وكالة أنباء الروهنجيا ـ الأناضول
دعا خبراء دوليون الدول الكبرى، لاسيما الصين، إلى كسر الصمت إزاء أزمة مسلمي الروهنغيا واعتماد نهج يركز على الجانب الإنساني بشكل أكبر لحل الأزمة.
وشدد الدبلوماسي البنغالي المتقاعد، إس. إم. راشد أحمد، في مقابلة مع الأناضول، على أنه يتعين على الصين تحديدًا التحرك حيال هذه القضية بشكل يتجاوز مجرد مصالحها فحسب.
ووصف أحمد، وهو منسق إقليمي سابق للأمم المتحدة في كوسوفو وسفير سابق لبلاده في اليابان، حملة القمع في ولاية آراكان، غربي ميانمار، بأنها "مقلقة للغاية".
وقال: "فقط عليكم أن تتخيلوا أن حكومة ما ترغب في إقامة دولة بوذية أو إسلامية أو هندوسية أو يهودية أو مسيحية بحتة، فماذا ستكون نتيجة ذلك؟ هذا مثل النازية بألمانيا في عهد هتلر".
**الدور الصيني
ودعا أحمد الصين إلى إيجاد حل فعال لأزمة الروهنغيا، قائلًا إن بكين يمكن أن تلعب دورا مهما حيال هذه المسألة.
وقال إن العلاقات بين الصين وميانمار قوية للغاية وذات منفعة متبادلة.
وأوضح أن بكين لها مصلحة كبيرة في ميانمار، لأنها تحتاج إلى النفط والموارد الأخرى التي يمكن أن تصل إلى الصين عبر ميانمار.
وأضاف أنه ينبغي على الصين ألا تتسامح مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من جانب ميانمار.
ولفت إلى أن الشعب البنغالي، باعتباره جاراً آسيوياً، يشعر بخيبة أمل تجاه الصين بسبب صمتها تجاه "الإبادة الجماعية" ضد الروهنغيا.
وتابع: "نتوقع من الصين، كقوة عظمى، أن تتصرف بطريقة أكثر مسؤولية وألا تنظر لمصالحها فحسب طوال الوقت".
وتوصلت الشركات الصينية المملوكة للدولة مؤخراً إلى اتفاقيات مع ميانمار لإنشاء ميناء بحري عميق بقيمة 7.3 مليار دولار ومنطقة صناعية بقيمة 2.7 مليار دولار في منطقة اقتصادية خاصة في كيوكبيو (بإقليم أراكان) غربي ميانمار، حسب تقارير محلية.
**التصور العالمي للبوذية
وفي سياق متصل قال أحمد إن الاهتمام العالمي بالقضايا المتعلقة بظهور جماعات إرهابية مثل داعش، قد صرف الانتباه بعيدا عن قضية الروهنغيا.
وأضاف: "كان التصور العالمي أن البوذيين محبون للسلام وأن ميانمار تتجه نحو الديمقراطية في ظل زعامة أونغ سان سو تشي، التي كان ينظر إليها على أنها زعيمة عظيمة".
وأضاف أن هناك انتقادات متزايدة حاليا لزعيمة ميانمار الفعلية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، بسبب صمتها حيال أزمة الروهنغيا التي تتفاقم تحت سطوة جيش قوي.
ودعا أحمد المجتمع الدولي إلى ضرورة اتخاذ إجراء فوري لوقف الإبادة الجماعية في ميانمار من أجل المصلحة الكبرى للسلم والأمن العالميين.
وقال إن جماعات مثل داعش قد تستفيد من اللاجئين المشردين الذين ليس لديهم مكان يلجؤون إليه.
وأضاف: "ثم ماذا ستكون نتيجة ذلك؟ أكثر من مليون روهنغي إلى جانب 170 مليون بنغلاديشي سيكونون ضحايا ذلك. هل من المنطقي ألا تتأثر القوى الكبرى المجاورة مثل الصين والهند بذلك؟".
**ضغط مشترك على الصين
وفي السياق، قال مأمول إحسان خان، أستاذ القانون في جامعة دكا والمتخصص السابق في شؤون أفغانستان لدى منظمة العفو الدولية، إن هناك حاجة لضغط مشترك على الصين.
وأضاف خان أن بنغلاديش، إلى جانب دول أخرى، يجب أن تفرض ضغوطا دبلوماسية على الصين للتعامل مع أزمة الروهنغيا.
وكان عظيم إبراهيم، وهو باحث في جامعة كامبردج، قد استشرف مخاطر الإبادة الجماعية في بحث له بعنوان: "الروهنغيا: داخل الإبادة الجماعية في ميانمار" ونُشر في عام 2015 ، أي قبل نحو عامين من تكشف الأزمة الأخيرة.
وكتب إبراهيم يقول: "لقد تم تحذير الأمم المتحدة مراراً وتكراراً من مدى سوء الوضع، وبالفعل استمرت المنظمة في نشر تقارير بالغة الأهمية. ولكن كالعادة، فإن تأثير ذلك كان محدودا، ويرجع ذلك جزئياً إلى السياسة الدائمة لمجلس الأمن، حيث كانت الاحتمالية القائمة والأكثر ترجيحا في ذلك الوقت هي أن الصين وروسيا ستدعمان جيش ميانمار".
كما حلل إبراهيم دور الصين في ميانمار، بالقول: "من غير المحتمل أن تضغط الصين على ميانمار حول القضية الأوسع للإصلاحات الديمقراطية، لكن قد تكون بكين أقل تسامحا إذا هددت الاضطرابات في راخين (أراكان) مشاريع البنية التحتية الحيوية".
آراء الخبراء تأتي بالتزامن تقريبًا مع تقرير للأمم المتحدة صدر، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، يوثق عمليات اغتصاب جماعية وحوادث قتل، استهدفت حتى الرضع والأطفال، إلى جانب أسلوب الضرب الوحشي والاختفاء على أيدي قوات ميانمار.
ودعت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق في ميانمار إلى محاكمة كبار المسؤولين العسكريين في ميانمار، بمن فيهم القائد الأعلى للجيش، الجنرال مين أونغ هلينغ، أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد الروهينغيا.
ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، فإن أكثر من 750 ألف روهنغي، معظمهم من الأطفال والنساء، هربوا من مناطقهم إلى الجارة بنغلاديش بسبب ممارسات الجيش الميانماري، ومليشيات بوذية متطرفة، تعرضوا لها اعتبارًا من 25 أغسطس/آب 2017.
وأسفرت تلك الجرائم عن مقتل آلاف الروهنغيا، حسب مصادر محلية ودولية متطابقة.
وحسب إحصاءات منظمة "أونتاريو للتنمية الدولية" (كندية غير حكومية)، فقد قتل نحو 24 ألف روهنغي على أيدي قوات الأمن في ميانمار منذ 25 أغسطس/ آب 2017.
ووصفت الأمم المتحدة، الحملة على أراكان بأنها "نموذج مثالي للتطهير العرقي".
وتعتبر حكومة ميانمار المسلمين الروهنغيا "مهاجرين غير نظاميين" قادمين من بنغلاديش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة "الأقلية الأكثر اضطهادًا في العالم".