وكالة أنباء الروهنجيا ـ الأناضول
يوما تلو الآخر، تتزايد معاناة لاجئي الروهنغيا ببنغلاديش، في ظل تفاقم أوضاعهم الصحية والمعيشية، وهو ما دفع أطباء ميدانيين وخبراء طوارئ إلى التحذير من "كارثة صحية إن استمرت الأوضاع على ما هي عليه"، خاصة مع دخول الشتاء.
تحذير الأطباء جاء خلال لقاء موفد الأناضول، بعدد منهم بعد اطّلاعهم على الأوضاع الصحية في مخيمات اللاجئين ببنغلاديش، ضمن وفد طبي قطري.
ووصل في وقت سابق، وفد طبي قطري تركي تطوعي، مدينة كوس بازار، جنوب شرقي بنغلاديش، التي يتمركز فيها لاجئو الروهنغيا، لتقديم الخدمات الطبية الطارئة؛ بتنظيم من مؤسسة قطر الخيرية (أهلية).
فأكثر ما يهدد لاجئي الروهنغيا عدم امتلاكهم المقومات الأساسية للحياة، ما ينذر بتفاقم الوضع الصحي والإنساني بالمخيمات، خاصة بالنسبة للأطفال الرُضَع والمسنين.
وبحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، فإن نحو 250 ألف طفل من الروهنغيا فروا من إقليم أراكان في ميانمار نحو الأراضي البنغالية المجاورة.
وتشير المعطيات الحالية إلى أزمة محتملة بسبب اكتظاظ الناس، وظهور بعض الأمراض والأوبئة، ولذلك هناك حاجة ماسة إلى الإغاثة الصحية بجانب الغذائية.
استشاري الطوارئ القطري، خالد عبد النور، يؤكد أن "الكارثة الصحية في تلك المناطق هي مسالة وقت، ما لم يتم توفير أنظمة الصرف الصحي والخدمات الغذائية والمأوى، بالشكل المطلوب".
ويضيف عبد النور، في حديثه للأناضول، أن "فصل الشتاء قادم، وإذا لم يتوفر ذلك ستنتشر أمراض الكوليرا والملاريا وغيرها".
ولم يخفِ المتحدث سوء الأوضاع الصحية في مخيمات الروهنغيا، "بل إنهم يواجهون مأساة كارثية".
ويؤكد عبد النور، أن "غياب البنية التحتية أدى إلى عدم وجود خدمة صحية بالشكل المطلوب، من ناحية المعاينة والفحص وتوفير الأدوية للمرضى".
ويشير إلى أن الأمراض المنتشرة سببها المياه غير النظيفة، وغياب أنظمة الصرف الصحي، وعدم توفير الأنظمة الغذائية بشكل صحيح.
ويوضح استشاري الطوارئ أن المشاكل التي يعاني منها لاجئو الروهنغيا تتنوع بين إصابات وأمراض.
ويستطرد موضحا: "هناك أمراض ناجمة عن التهابات جلدية، وأخرى في الجهازين التنفسي والهضمي، مما يضعف مناعة الجسم".
في حين أن هناك أمراض نتجت عن المضاعفات التي سببتها الإصابات والجروح التي تُركت دون علاج أو تعقيم، يضيف عبد النور.
ويلفت إلى "أمر مهم" يتمثل في الحالة النفسية التي يعيشها اللاجئون، خاصة الأطفال والمسنين منهم، مؤكدا حاجتهم إلى دعم معنوي ونفسي.
ودعا عبد النور، إلى ضرورة التنسيق بين الجهات الصحية المعنية بالإغاثة، وتوفير الخدمات الصحية اللازمة بشكل كافٍ، لضمان خدمة اللاجئين بشكل أفضل.
الطبيب البنغالي، محمد أمين حافظ، يؤكد أيضا أن "الوضع الصحي للاجئين مأساوي بسبب انتشار أمراض كثيرة".
ويضيف حافظ، للأناضول: "أهم ما يحتاجه الناس هنا توفير كادر طبي وسيارات إسعاف ضمن مراكز علاج قريبة من مكان تواجدهم".
** إمكانية السيطرة
بدورها ترى الطبيبة القطرية وخبيرة أمراض الدم، عائشة الخنجي، أن الوضع الصحي في المخيمات يفتقر إلى كثير من المعدات والخدمات، لكنها تقول إن "هناك كثير من الخدمات التي يستطيع الطبيب تقديمها".
وتؤكد الخنجي، للأناضول، أن "معظم الحالات (المرضية) الموجودة بين اللاجئين يمكن معالجتها".
الطبيبة القطرية تقول أيضا إنها "اطّلعت على أكثر من 35 حالة تعاني من التهابات وفطريات وبكتيريا، تسبب أمراض معدية".
وتطمئن بإمكانية السيطرة على الوضع الصحي، حال عدم ترك اللاجئين على أحوالهم، وتكثيف دور الجمعيات الخيرية والمنظمات والمتطوعين.
ويتفق الطبيب التركي فاتح كجوكدورماز، مع الخنجي، فيقول: "هناك مشكلة صحية حقيقية، لكن يمكن ببعض الإمكانات السيطرة على بعضها".
كجوكدورماز، يتفق أيضا مع زملائه السابقين، من ناحية صعوبة الأوضاع المعيشية والصحية للاجئين في بنغلاديش، الذين بدت عليهم علامات التعب والإرهاق الشديد.
ويقول كجوكدورماز، للأناضول "إنهم يعانون فقرا مدقعا، ضاعف من أزمتهم الصحية والمعيشية".
ويشير إلى أن الأماكن التي يعيشون فيها خطرة من الناحية الصحية، وقد يتسبب وجودهم فيها بإصابتهم بأمراض "ليس من الصعب علاجها".
ويشدد كجوكدورماز، على ضرورة توفير المأوى والغذاء والماء النظيف، إضافة إلى الدعم والعلاج النفسيَّين.
ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار مع ميليشيات بوذية، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد أقلية الروهنغيا المسلمة في إقليم أراكان (راخين)، أسفرت عن مقتل آلاف وتشريد مئات الآلاف من الأبرياء، حسب ناشطين وحقوقيين.
ومنذ ذلك التاريخ اضطر 536 ألفا إلى اللجوء إلى بنغلاديش، بحسب آخر إحصائية أممية.