مجموعة دول جنوب شرق آسيا: (كمبوتشيا ـ تايلاند ـ بورما ـ سنغافورة).
بورما "ولايات بورما المتحدة" إحدى دول جنوب شرقي آسيا، فصلت عن الهند سنة 1937م حيث كانت إحدى ولايات الهند المتحدة، تتألف من اتحاد عدة ولايات هي: بورما، وكارن KAREN، وكايا Kaya، وشان Shan، وكاشين Kachin، وشن Chin، ونالت استقلالها سنة 1948م، وانفصلت عن الاستعمار البريطاني بالهند.
ويختلف سكان بورما من حيث التركيب العرقي واللغوي بسبب تعدد العناصر المكونة للدولة، فمن بين سكانها عناصر مغولية، وعناصر إندونيسية وعناصر هندية، ويتحدث أغلب سكانها اللغة البورمانية، ويطلق على هؤلاء "البورمان"، وباقي السكان يتحدثون لغات متعددة، ومن بين الجماعات البورمانية جماعات الأركان، ويعيشون في القسم الجنوبي من مرتفعات "أركان يوما" وجماعات الكاشين، وينتشر الإسلام بين هذه الجماعات.
الموقع:
تحد بورما من الشمال الشرقي الصين، وتحدها الهند وبنجلاديش من الشمال الغربي، وتشترك حدود بورما الشرقية مع كل من لاوس وتايلاند، أما حدودها الجنوبية فسواحل تطل على خليج البنغال والمحيط الهندي، ويمتد ذراع من بورما نحو الجنوب الشرقي في شبه جزيرة الملايو، وتنحصر أرضها بين دائرتي عشرة شمال الاستواء وثمانية وعشرين شمالا، ولقد احتلت بريطانيا بورما في نهاية القرن التاسع عشر وحتى استقلالها 1368هـ، و1948م.
وسكان بورما حسب تقدير سنة 1408هـ - 1988م حوالي 40 مليونا، وتبلغ مساحتها ستمائة وثمانين ألفًا من الكيلومترات المربعة، وعاصمة بورما رانجون.
الأرض والمناخ:
تحد المرتفعات بورما من الغرب حيث جبال "أركان يوما" وهضبة شين وترتفع أرضها في الشرق نحو تايلاند ولاوس حيث توجد هضبة التوائية، وأهم أنهارها إيراوادي ويجري وسط البلاد من الشمال إلى الجنوب في وسط أرض سهلية، وقسم من نهر سلوين قرب حدودها الشرقية، وأحوالها المناخية تندرج تحت النظام الموسمي، وتقل حدة الحرارة في الشمال، أما الجنوب فحار رطب، وتسوق الرياح الموسمية الجنوبية الغربية أمطارها فتتساقط في الصيف بكميات وفيرة.
النشاط البشري:
بورما بلد زراعي يعيش ثلاثة أرباع أهلها على الزراعة، ويعمل بالزراعة 48 % من القوى العاملة، وأبرز حاصلاتهم الأرز وهو الغذاء الأساسي لمعظم سكانها، ويفيض عن حاجتها وتصدر منه كميات كبيرة وتحتل المكانة الرابعة في تصدير الأرز بين دول العالم، وإلى جانبه يزرع الذرة والبذور الزيتية، ثم المطاط وقصب السكر والقطن والشاي، وتشغل الغابات مساحة واسعة تزيد على نصف البلاد، ولهذا يعتبر الخشب الجيد من أهم صادراتها، هذا إلى جانب بعض المعادن مثل: القصدير، والرصاص، والأنتيمون، والبترول.
كيف وصل الإسلام إلى بورما؟
بورما قريبة من ماليزيا والهند وبنجلاديش، ولقد وصل الإسلام هذه المنطقة عن طريق محور بحري غذته رحلات التجار العرب الذين نقلوا الإسلام إلى جنوب شرقي آسيا، فلقد وصل الإسلام إلى هذه المنطقة في القرن السابع الميلادي، ولهذا انتشر الإسلام في النطاق الجنوبي المشرف على خليج البنغال والمحيط الهندي، وكان لتركيز الإسلام في الغرب من بورما في بنجلاديش أثره في بث الإسلام في النطاق الغربي من بورما، ولا شك أن وجود الإسلام في القسم الشرقي من شبه جزيرة الهند له آثاره في انتشار الإسلام ببورما، وأوضح دليل على ذلك مشكلة مليون من اللاجئين المسلمين في بنجلاديش، نزحوا من بورما نتيجة الاضطهاد في السنوات الأخيرة من جانب حكومة بورما الوثنية. وتشير بعض المصادر إلى أن الإسلام وصل بورما مبكرًا وقبل حكم أسرة شاندرا في بورما، وقد حكمت منطقة أركان من سنة 788م - 173هـ، وأنهى الغزو المغولي حكمهم في سنة 957م - 346هـ، وعند قدوم المغول على منطقة أركان في غربي بورما انهار حكم أسرة شاندرا، وبعد انتهاء الغزو المغولي لمنطقة أركان أعيد الحكم الوطني، وكان أول حاكم لأركان من أسرة ماداكو، ويدعى سليمان وحرف على سامان فيما بعد، وهكذا وصل الإسلام إلى بورما مبكرًا، ولكن أزهى عصور انتشار الإسلام في أركان في غربي بورما كان في القرن التاسع الهجري، وظلت هذه المنطقة قريبة من إقليم البنغال في شرقي شبه القارة الهندية، ومن ثم كانت تغذيتها بالدعوة الإسلامية مستمرة، وفي سنة 835هـ اعتلى عرش أركان زايواك شاه من أسرة ماداكو السابقة الذكر، واهتم بالإسلام فازدهرت الدعوة الإسلامية في بورما، كما وصل الإسلام إلى بورما عن طريق منطقة يونان في الصين، وتعاقب على عرش أركان العديد من الملوك المسلمين وتأسست مدينة استانا بدر الدين، وتسمى بدار بدر على ساحل خليج البنغال، واستمر في ازدهاره بأركان إلى أن جاء الغزو البريطاني لبورما في سنة 1303هـ، وضمها للهند ثم فصلتها بريطانيا عن الهند في سنة 1306هـ، ثم استقلت بورما بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبحت منطقة أركان بأغلبيتها المسلمة ولاية ضمن جمهورية بورما، وخضع المسلمون للسلطة الوثنية التي تحكم البلاد، وهنا بدأت مرحلة شاقة من اضطهاد المسلمين ببورما، وتعرض المسلمون في بورما إلى اضطهاد ودس من جانب الهندوس والبوذيين في سنة 1938م، وفي سنة 1948م.
وخلاصة القول: إن الإسلام وصل إلى بورما عن طريق التجار العرب عبر رحلاتهم في المحيط الهندي كما وصلهم عن طريق جيرانهم من الماليزيين ومن بنجلاديش، وسرى الإسلام عبر أنحاء شتى من بورما، ويبلغ عدد المسلمين حاليا حوالي 6 ملايين نسمة أي 15% من سكان بورما موزعين على مختلف أنحاء البلاد، وتذكر بعض المصادر الغربية بأن عدد المسلمين 1.272.000 نسمة أي أقل من نصف عددهم.
مشكلة المسلمين "الروهنجيين":
ما يهمنا بالدرجة الأولى من شأن الأقلية المسلمة في بورما هو ما تعرض له أكثر من ثلاثة ملايين من المسلمين في بورما من اضطهاد وصل درجة الإبادة الجماعية، حيث الادعاء الباطل من جانب السلطات البورمية بأن جماعات الروهنجيين ليسوا من مواطني بورما، وهذا أمر غريب وافتراء باطل، فهذه الجماعات المسلمة في منطقة أركان منذ خمسة قرون، وجوهر هذه الفرية هو التخلص منهم كمسلمين للتقليل من نسبة المسلمين بمنطقة أركان في غربي بورما، فطبقت السلطات على هؤلاء المسلمين قوانين الهجرة، وتم تسجيلهم كأجانب حتى تضفي السلطات على هذه الإبادة صفة قانونية، بدأ هذا الاضطهاد في السنوات الأولى من استقلال البلاد، فطرد في سنتي 1368هـ و1369هـ ما يقرب من خمسين ألفًا من مسلمي أركان، وتوالت عمليات الاضطهاد والإبادة الجماعية فأحرقت القرى والمساجد في العديد من مناطق المسلمين بأركان وكثرت حوادث الطرد الجماعي واشتدت حدة التحدي في السنوات الأخيرة، ومن ثم ظهرت حوادث القتل، وبدأت الهجرات الاضطرارية لجماعات الروهنجيين من سنة 1395هـ، وركزت الهجرة إلى بنجلاديش، وبدأت السلطات البورمية ما يسمى بعملية التنين، "تبلغ مساحة ولاية أركان 16.000 ميل مربع، وتضم 4 ولايات هي أكياب، وساندري، وجوكبهيو، وباوا في منطقة ماندهو في سنة 1398هـ"، وكان هدف الخطة المشار إليها بخطة التنين طرد مليون من المسلمين من الروهنجيين في منطقة أركان يوما، وبدأت القوات البورماوية بحرق القرى والقتل الجماعي والخطف بطرق أثارت الرأي العام العالمي.
وبدأت مئات الألوف تصل إلى حدود بنجلاديش، وذكرت جريدة لومند الفرنسية في صيف سنة 1398هـ أن مائة ألف من اللاجئين من الأقلية المسلمة من بورما خلال شهر وصلوا إلى بنجلاديش، وهذا الأمر يثير مشكلة إنسانية ضخمة لدولة فقيرة، وهكذا بدأت عملية التنين وهي عملية الإبادة والطرد الجماعي للمسلمين في بورما تثير الرأي العام العالمي، وأقامت حكومة بنجلاديش نحو ثلاثمائة معسكر مؤقت على طول حدودها لاستقبال اللاجئين إليها من مسلمي بورما، وأشارت الصحف العالمية إلى الحالات السيئة التي وصل إليها اللاجئون من الأقلية المسلمة في بورما، وتوجهت بنجلاديش بنداء إلى هيئة الأمم المتحدة للتدخل للمساعدة في حل مشكلة اللاجئين من مسلمي بورما، وقد وصل عددهم بين أربعمائة ألف وستمائة ألف لاجئ، عبروا حدود بورما من منطقة أركان الغربية من إقليم شيتاجنج في بنجلاديش.
وأمام هذه الأحداث أرسلت رابطة العالم الإسلامي وفدا إلى بنجلاديش لدراسة أحوال اللاجئين من مسلمي بورما، وتقديم المساعدة لهم وشاهد الوفد آثار التحدي الذي تعرضوا له، كما أرسلت لجنة تحقيق من قبل هيئة الأمم المتحدة، ولفت مؤتمر العالم الإسلامي أنظار العالم إلى ما يحدث لمسلمي بورما وعرضت القضية على المؤتمر التاسع لوزراء خارجية العالم الإسلامي وطلبت رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة من الدول الإسلامية إعادة النظر في علاقتها ببورما، وأمام ضغط وتحركات الرأي العام الإسلامي والرأي العام العالمي، وقعت بورما مع بنجلاديش اتفاقية دكا في سنة 1398هـ من أجل عودة اللاجئين من مسلمي بورما إلى أوطانهم في أركان، ولكن عملية العودة تسير ببطء، كما لا يزال التحدي قائما ويتضح هذا من شكوى اللاجئين العائدين إلى بورما، وقد أعادت حكومتها أعدادًا كبيرة من اللاجئين الذين سمح لهم بالذهاب إلى بورما، ويقوم الشيوعيون بغارات على المسلمين لسلب أموالهم وممتلكاتهم، فقاموا بعمليات حربية في تلال كالادان، وميتشاونج ومينسبيا، ولقد طالبت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في مذكرتها المرفوعة لمؤتمر القمة الإسلامي الثالث بالبحث عن حل سلمي لمشكلة الروهنجيين في بورما، وقد قام المسلمون بمظاهرات ضد الحكومة البورماوية الشيوعية وقتل في هذه المظاهرات العديد من المسلمين وشكل المسلمون منظمة عسكرية للدفاع عن حقوقهم، وهي "تضامن الروهنجا" وتوجد حوالي 10 جبهات تناضل ضد حكومة بورما.
المساجد:
يوجد في بورما مئات المساجد لا سيما في منطقة أركان التي تحفل بأغلبية مسلمة بين سكانها، وقد أحرقت السلطات العديد من المساجد في حركة التحدي للمسلمين الروهنجيين.
القرآن الكريم:
تمت منذ مدة ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة البورماوية ولكن لم يطبع منها إلا الأجزاء السبعة الأولى، والمسلمون في بورما في مسيس الحاجة إلى النسخ المترجمة لمعاني القرآن الكريم.
التعليم:
توجد المدارس الابتدائية الإسلامية في العديد من المساجد لتعليم أبناء المسلمين، إلا أنها في مستوى سيئ للغاية من حيث المناهج الدراسية، وكذلك من حيث الأوضاع المادية، لذا يجب دعمها ثقافيًّا وماديًّا وتطوير مناهجها ومدها بالمدرسين المؤهلين.
ومن المدارس الإسلامية في بورما:
المدرسة العالية في منقدو – أكياب، ومدرسة ممتاز العلوم للأيتام في سنداونج، والجامعة الإسلامية في نور الله – بادا، والمدرسة المركزية – دار العلوم في كجاد، ومدرسة شاه دايمج، والمدرسة السلفية في كلهيا.
صحوة إسلامية في بورما:
يوجد في الوقت الراهن حوالي 10 جبهات تناضل ضد الحكم في بورما منها:
1- منظمة الروهانجيين لتحرير أركان.
2- جبهة تحرير روهانجيا الإسلامية لتحرير أركان.
3- جبهة تحرير روهانجيا الوحدوية.
4- اتحاد المجاهدين.
وأخيرًا تم تكوين اتحاد المجاهدين.
عناوين بعض المؤسسات:
1- المركز الإسلامي، ص.ب: ما يوجون تاموي رانجون.
2- الهيئة الإسلامية بمالابار، مسجد فوليا ويمايا/ 9 شارع مبنى المحكمة القديمة مولموين/ بورما.
3- جمعية البورمان المسلمين – رانجون.
4- جمعية العلماء - رانجون.
5- اتحاد الطلاب المسلمين - رانجون.
6- جمعية وقف أمناء حواء - رانجون.
7- المجلس الإسلامي رانجون – ت: 101513.
التحديات:
1- أهم التحديات التي تواجه المسلمين في بورما الضغوط المفروضة عليهم من جانب الحكومة ومن جانب الهندوس لإضعاف شوكة المسلمين وتقليل حصتهم بين السكان وإخضاعهم إلى عمليات إبادة بالقتل والتهجير.
2- الجهل الذي يسيطر على أبناء المسلمين المهاجرين وتفشي الأمية بين أبناء المسلمين.
3- ما يتعرض له المسلمون داخل بورما من تحديات تتمثل في هدم المساجد، ومحاولة فرض القيود على تحركات المسلمين وحرية العبادة، ومحاولة برمنة الثقافة الإسلامية، وحرمان المسلمين من هويتهم، ومصادرة الأوقاف الإسلامية.
متطلبات:
1- من أبرز المتطلبات جهاد المسلمين والاستجابة لنداء الجهاد لإثبات وجودهم وحقوقهم في وطنهم.
2- المطالبة بحرية العقيدة بدون تدخل من الدولة، وحرية الحركة للقيام بالدعوة الإسلامية، وممارسة حقوق المسلمين السياسية.
3- توحيد الجبهات المناضلة ضد التحديات المفروضة على المسلمين.
4- إقامة مدارس في مناطق المهاجرين لتعليم أبناء المسلمين.
5- ترجمة بعض الكتب الإسلامية إلى اللغة البورمية، وتقديم منح للطلاب البورميين للدراسة في الجامعات والمدارس في بلدان العالم الإسلامي.
6- استخدام العلاقات السياسية بين الدول الإسلامية وبورما لحل مشكلة اللاجئين من مسلمي بورما.
المصدر: موقع الإسلام