الأحد 19 شوال 1445 هـ | 28/04/2024 م - 05:03 مساءً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


كياو: ميانمار في مرحلة «الرئيس المعاون»!
الثلاثاء | 05/04/2016 - 08:56 صباحاً

محمد ولد المنى - جريدة الاتحاد الإماراتية
الإثنين 04 أبريل 2016

اكتملت يوم الأربعاء الماضي المرحلة الانتقالية في بورما باختيار أول رئيس مدني للبلاد منذ خمسة عقود، حيث تم انتخاب «هتين كياو»، أحد قادة حزب «الرابطة من أجل الدفاع عن الديمقراطية» وأحد المقربين من زعيمته «أونغ سان سو تشي».

وقد ولد هتين كياو في العاصمة البورمية رانغون عام 1946، أي قبل عامين من استقلال ميانمار عن الاستعمار البريطاني. وعرقياً ينحدر «كياو» لجهة أمه من عرقية «المون»، وهم مجموعة إثنية تعيش في بورما وأعالي حوض نهر «تشاو فرايا» في تايلاند، أما من جهة الأب فهو ينتمي لمجموعة «البرماويون»، الاثنية المهيمنة في بورما، والتي تشكل نحو 68٪ من إجمالي عدد السكان.

وينتمي «هتين كياو» إلى الطبقة المتوسطة من المجتمع البورمي، والتي شكلت العمود الفقري لمناهضة الاستعمار البريطاني في سنواته الأخيرة، كما ظلت القوة المحركة والمحرضة ضد حكم الزمرة العسكري في بورما. فهو الابن الثاني لمهندس المعادن والشاعر البورمي الشهير «مين ثو وون»، لذلك فقد أتيح له أن يتلقى تعليماً جيداً داخل البلاد وخارجها، حيث تخرج من المدرسة الثانوية الإنجليزية الميثودية في رانغون عام 1962، ثم درس الاقتصاد في جامعة رانغون وتخرج منها بشهادة في الإحصاء عام 1968. وبينما كان يعمل مدرساً تابع دراسته في مرحلة الماجستير، لينتقل إلى مركز الحاسب الآلي في جامعة رانجون بوصفه مبرمجاً ومحللا للنظم في عام 1970.

وفي العام التالي سافر «كياو» إلى بريطانيا في منحة دراسية ليلتحق هناك بمعهد علوم الحاسب الآلي في جامعة لندن، ومنه حصل على درجة الماجستير في علوم الكومبيوتر عام 1975. وقبل ذلك شارك في دورة دراسية مطولة نظمها «الاتحاد الآسيوي للإلكترونيات» في طوكيو عام 1974، كما استفاد من دورة متقدمة ومطولة في جامعة كامبريدج عام 1987.

أما على الصعيد المهني، فقد انتقل «كياو» من جامعة رانغون إلى وزارة الصناعة البورمية عام 1975، كنائب لرئيس قسم، ثم تمت ترقيته، لكن بعد خمسة أعوام، بتعيينه في منصب نائب مدير في دائرة العلاقات الاقتصادية الخارجية بوزارة التخطيط والمالية، قبل أن يستقيل نهائياً من الخدمة الحكومية في عام 1992.

بيد أن تلك السيرة المهنية والأكاديمية لم تشفع لـ«كياو»، لا في نيل الترقيات الوظيفية التي يستحقها، ولا حتى في النجاة من المضايقات التي يلاقيها معارضو نظام حكم الزمرة العسكرية في رانجون. فقد اعتقل في عام 2000 ليقضي أربعة أشهر في سجن «إنسين»، على خلفية اتهامه بمساعدة «أونغ سان سو كيي» بالسفر خارج يانغون. لكن ذلك لم يثنه عن العمل مع «أونغ»، حيث أصبح اعتباراً من عام 2012 أحد كبار المسؤولين التنفيذيين لـ«مؤسسة كي خين» التي أسستها «أونغ» وسمَّتها باسم والدتها «كي خين». كما عمل بشكل وثيق مع «أونغ» في المكتب السياسي لحزب «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية»، وهذا ما جعلها تتبنى ترشيحه عن الحزب لمنصب رئيس الجمهورية، حيث قالت إنها اختارته لما علمت فيه من صدق وإخلاص وتربية محترمة.

ومعلوم أن «أونغ» لم تتمكن من الترشح لمنصب الرئاسة لأن الدستور يحظر على أي شخص يحمل أولاده جنسية أجنبية تولي رئاسة البلاد، وهو ما ينطبق على «أونغ» التي يحمل نجلاها الجنسية البريطانية كما أنها أرملة مواطن بريطاني.

وإذ تعتبر «أونغ» أنها الأجدر أصلا بتولي منصب الرئاسة، لولا قيود دستورية تعود لمرحلة الحكم العسكري، فمن المتوقع أن تمارس نفوذاً قوياً على الرئيس المنتخب، فأغلبية الوزراء داخل حكومته ينتمون إلى حزبها ويدينون لها بالولاء، كما أنها تولت شخصياً عدة حقائب في الحكومة الجديدة، حيث أصبحت المسؤولة عن الشؤون الخارجية، ومكتب الرئيس، والتعليم، والطاقة والكهرباء. وإلى ذلك فقد نبّهت علناً وبالفعل إلى أن سلطتها ستكون «فوق» الرئيس، وأنها ستحكم البلاد بالوكالة.

كما ينتقص أيضاً من صلاحيات الرئيس المنتخب وجود نائبين له، أحدهما مرشح عن مجلس الشيوخ والآخر عن الجيش الذي يحتفظ لنفسه بموجب الدستور الحالي بتعيين وزراء الدفاع والداخلية والعدل.

وبحكم هذه التركيبة التي تقيد يدي الرئيس البورمي الجديد وتحشره بين قطبين متضادين، لم يقدم «كياو» في الكلمة المقتضبة التي ألقاها عقب تنصيبه، الخميس الماضي، أية وعود أو التزامات محددة. لكنه أشار إلى التحديات المقبلة، بما في ذلك الحاجة لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، حيث تدخل الحكومة في نزاعات مسلحة مع جماعات عرقية مختلفة منذ عقود. كما تحدث عن ضرورة التزام الدستور بالقيم الديمقراطية الحديثة، في إشارة إلى الهدف المعلن لـ«حزب الرابطة من أجل الديمقراطية» أثناء الحملة الانتخابية، وهو تغيير الدستور، تمكيناً لزعيمته «أونغ» من الوصول إلى حكم ميانمار مباشرة وليس من خلال رئيس معاون!


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث