السبت 8 ربيع الثاني 1446 هـ | 12/10/2024 م - 07:21 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


بناء الثقافة الوطنية للروهنجيا
الثلاثاء | 29/03/2016 - 09:42 صباحاً

بقلم/ عطا الله نور – رئيس وكالة أنباء الروهنجيا
29 مارس 2016

اضطر الروهنجيون للخروج من بلادهم أراكان جراء حرب الإبادة التي تمارس ضدهم هناك، ولجأوا إلى دول عديدة في المشرق والمغرب، واستوطنوا في تلك البقاع وتكاثروا، ونشأ مع مرور الزمن جيل جديد أضاعوا ثقافتهم الوطنية، ويقصد بالثقافة الوطنية هنا الانتماء لوطنهم أراكان، وحبها، وتعلم عاداتها وتقاليدها، وفي مقدمة ذلك معرفة لغة الأم الأصيلة، فأضاعوها عمداً أو اندماجاً أو انصهاراً أو ذوباناً في المجتمعات التي ولدوا وتربوا فيها..

ولكن.. مع سنِّ معظم تلك الدول لقانون عدم التجنيس، وبقاء الجيل الجديد من شعبنا مغتربين ومقيمين في تلك البلدان؛ أصبح هناك انفصام في شخصياتهم مقارنة بين مرجعتيهم الأصلية وواقعهم المرير، وانفصام الشخصية حصلت نتيجة تشبعهم بثقافات تلك البلدان التي استوطنوا فيها، وتناسي ثقافات بلدهم الأصلي، مما جعل المهتمين يسألون: هل نحتاج إلى بناء ثقافة وطنية من جديد للجيل الناشئ من الروهنجيين؟!

وإذا ما تقرر ذلك؛ فإن الحاجة ماسة الآن إلى البدء في توعية الجيل الذي ولد ونشأ وتربى في بلاد المهجر، وتعريفه بالثقافة الأصلية لبلادهم أراكان، وتعليمه العادات والتقاليد التي محيت من قواميسه، وغدت في التاريخ الماضي الغابر، وأيضاً العمل على إرجاع هويته المفقودة، وذلك بدءاً من الأسرة، فالأسرة أساس بناء المجتمع، ثم المدرسة مصنع الرجال وقادة المستقبل، وحتى حلقات التحفيظ والملتقيات الاجتماعية، ولذا يتحتم على النخبة من مجتمعنا الروهنجي العمل بكل جدية ومثابرة لإحداث ذلك التغيير المنشود وفي فترة زمنية قصيرة، إذ الأمر غاية في الأهمية ولا يحتمل التأخير، لأننا بتنا موقنين أن شعبنا اليوم بات في أمس الحاجة إلى الرجوع إلى هويته وثقافته، واعتماده الحقيقي عليها، ليتولد في نفوسهم الاحساس بالظلم الذي يتعرض له أهلنا هناك، ويحيا ضميرهم الميت الذي بات لا يفرق بين وطنه الأصلي ووطن المضيف..

ومن المعلوم أن بناء الانتماء والهوية والثقافة الأصلية لأي جيل أمر صعب جداً، والأصعب هو تغيير ثقافة جيل تشبع بثقافة الغير، مما يجعل الأمر أشد صعوبة مما نتصور، مع وجود بعد آخر للموضوع يكمن في المواجهة المباشرة مع من يستنفعون بهذا الانسلاخ من الثقافة الأصلية والانتماء الحقيقي للوطن الأم، بل سوف يستميت هؤلاء المنتفعون لإبقاء الناس منسلخين من هويتهم وثقافتهم الأصلية نتيجة تعشعش فكرة "الاندماج" في أدمغتهم، وقبولهم بخدعة الولاء والفداء لغير الوطن الأصلي..

وليسأل كل روهنجي حر أبي نفسه بكل صدق وأمانة عن: ماذا نحتاج لبناء تلك الثقافة الوطنية الأصلية لأولادنا؟ لنجد الإجابة حاضرة وماثلة أمامنا، وهي تكاتف الجهود وتسخير كل الطاقات والنزول بقضهم وقضيضهم في معركة بناء الثقافة الوطنية، متسلحين بالإيمان بأن هذا العمل حليفه النجاح لا محالة، مقدمين الصبر والجد والمثابرة، لننعم بعد ذلك بجيل يحمل هوية أصيلة لوطنه، وانتماء حقيقي لبلده وشعبه وأمته.

وعليهم استثمار كل وسيلة متاحة لبث هذه الهوية والثقافة وأبجدياتها للجيل الجديد من شبابنا، مع التركيز على إنشاء برامج وملتقيات ومجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي الذي يعتبر في هذا العصر من أهم وأبرز منصات التعليم بطريقة سهلة وميسورة، وبتكاليف مالية لا تذكر، والاستفادة من منابر الحي وبرامجه وأنشطته لتحقيق هذا الأمر، مع تخصيص حصص في المدارس الخيرية – بعد استئذان جهات الاختصاص - لتعليم اللغة الروهنجية، وتعريف الطلاب بثقافة بلدهم وعاداته وتقاليده النابعة من الشريعة الإسلامية الأصيلة، وعمل أنشطة لا صفية ومسابقات تعطى عليها الجوائز، وأيضاً تخصيص أوقات يسيرة في حلقات تحفيظ القرآن الكريم لغرس الهوية والانتماء الأصيل في نفوس ووجدان طلابنا، لنجد – بعد فترة إن شاء الله – جيلاً يحمل هوية وثقافة وطنية خالصة، همه العمل لشعبه وأمته، والدفاع عن قضيته، ومسارعة الخطى لإرجاع وطنه المفقود..

إن الوطن عزيز وشامخ، ولن ندرك حلاوته ولن ننعم بأمنه وخيراته إلا إذا بذلنا كل طاقاتنا في سبيل نيله والوصول إليه، وضحينا من أجل استعادته من أيدي المغتصبين بأموالنا وأرواحنا وبكل ما نملك، فلندرك هذه الحقيقة، ولنعمل على استعادة هوية الأجيال المتأخرة، إذ لا حياة للإنسان من دون وطن بل لا وجود للإنسان من دون وطن..




التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث