الأحد 19 شوال 1445 هـ | 28/04/2024 م - 05:37 مساءً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


"بورما" التي لا نراها في الإعلام
الأحد | 13/03/2016 - 08:52 صباحاً

باسم قناوي - عيون
12 مارس 2016

عندما بدأت أهتم بالأمور السياسية الداخلية والخارجية .. وسأركز على الخارجية، وجدت ان أغلب ويمكن "كل" المشاكل والصراعات التي تحدث على الساحة، يرجع سببها لـ "العنصرية، أو الاضطهاد
". منذ فترة كبيرة اتابع ما يحدث في ميانمار او بورما، الدولة التي تقع في جنوب شرق آسيا، وأتابع مايحدث في مسلمين أراكان هذه البلد وبحار الدماء التي خلقها البوذيين هناك، ولكن قبل ان اتحدث عن بورما وما يجري هناك والتجاهل الدولي والإعلامي لديها .. اود ان اوضح وجهة نظري في العنصرية والاضطهاد.

أرى ان العنصرية والاضطهاد شيء واحد ولكن توجد بينهم اختلافات بسيطة وملحوظة ,,ترجع للسبب الرئيسي الذي نشبت منه بداية الصراع العنصري او الاضطهادي.

كما نعلم أن العنصرية عبارة عن فرق واختلاف بين البشر وبعضها وغالبا ما تكون موروثة من الاجيال السابقة ,ويكون الفرق إمّا في الدين او اللون او الجنس او الايدلوجية والانتماء السياسي او الطائفي ....الخ ,,وتكون هناك مبررات للتعامل مع هذه الافراد وأغلب الاوقات تصل هذه التعاملات إلى الاشتباكات والاقصاء وقد تصل إلى حرب أهلية.

وهناك دول كثيرة لديها فيروس "العنصرية" مثل أغلبية دول أوروبا وروسيا و الولايات المتحدة والشرق الاوسط ..ولكن أغلب هذه البلاد قلّت نسبة العنصرية لديهم ولكن ما تزال موجودة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ,,وعلى ذكر الولايات المتحدة اذكر مثال بسيط وهو حادث السيدة ذات البشرة السمراء "روزا باركرز" في ديسمبر عام 1955 في شوارع أمريكا وهي تحتضن حقيبتها منتظرة الحافلة وعندما ركبت الحافلة وجدت رجل أسود يترك مكانه على المقعد ليجلس مكانه رجل أبيض وهذا الموقف لم يكن غريب أو جديد على أمريكا في ذاك الوقت لان قبل هذا الحادث وبعده ومنذ اكتشاف أمريكا هناك عنصرية ضد الهنود الحمر وضد الاشخاص ذات البشرة السوداء .

وكان القانون الأمريكي في هذا الوقت يمنع الرجل الأبيض واقف والاسود جالس على مقعد وكانت هناك لافتات تعلق على بعض المحال التجارية هناك " ممنوع دخول الحيوانات و الرجل الاسود" .. بعدما رأت "روزا" السوداء ذلك الموقف شعرت بالحزن والألم، وجدت مقعد فارغ فذهبت لتجلس عليه وبعدما تحركت الحافلة شيئًا فشيئًا، صعد رجل أبيض للحافلة متجها للمقعد التي تجلس عليه "باركرز" منتظرًا منها ان تقف وتخلي مكانها له ..نظرت له "باركرز" نظرة غريبة ثم انتبهت لسير الحافلة وكأن لا شيء يحدث.. بدأ الرجل الأبيض بسبّها وبالطبع تضامن معه باقي ركاب الحافلة "البيض" وبدأوا يسبونها ويهددوها ,اخذ السائق طريقه إلى الشرطة وطلب منهم التحقيق مع هذه السيدة التي اخترقت القانون وبالفعل تم التحقيق معها وتغريمها ,,هذا الامر اثار الغضب في أمريكا تجاه السود واتخذوا قرارات منها مقاطعة وسائل المواصلات وطالبوا بحقوقهم كبشر لهم حق العيش مثل غيرهم ,استمر ذلك الصراع لمدة سنة تقريبًا وانتهى بتغيير المحكمة موقفها وأصدرت قرار لصالح السيدة "روزا باركرز" وتم إلغاء القانون واصبح للسود حق العيش في أمريكا بجانب البيض ,وعندما توفت السيدة "باركرز" عام 2005 حضر الآلاف إلى الجنازة رائدة الحقوق المدنية بأمريكا ونكس العلم وحضر الجنازة عدة رؤساء دول وتم تكريمها لأنها غيرت مجرى الحياة في أمريكا ,ونرى اليوم ان رئيس الولايات المتحدة الأمريكي أسود وذلك بالطبع شيء إيجابي اما السلبي وهو ان هناك احتقانا حتى الآن بين السود والبيض ولكن بنسب قليلة.

الاضطهاد يقترب من العنصرية في المفهوم ويختلف في الاسباب ويكون الاضطهاد هو تهميش لفرد او جماعة اخرى لكسب مصالح بعد اقصائهم.
ما أراه في بورما "مجزرة" ..البلد التي تحولت إلى محرقة جماعية للمسلمين على يد البوذيين "المتطرفين"، نعم متطرفون ,,لأن مش كل البوذيين متطرفين ولا كل البشر متطرفين.. لا تعجبني فكرة التعميم، وهناك متطرفون في كل ديانة وفي كل طائفة وفي كل بلد ..

أتابع منذ وقت طويل ما يجري في بورما حيث يبلغ عدد سكان بورما حوالي 50 مليون نسمة منهم 15 % مسلمون يتركزون نصفهم في إقليم أراكان ,وبالطبع نعلم ان الاضطهاد هناك منذ 1748م عندما قام الملك البوذي "بودباي" وهو من "بورما" وقام بضم أراكان إلى بورما خوفا من انتشار الإسلام في البلاد ..بعدما كانت "أراكان" دولة اسلامية مستقلة في القرن السابع الميلادي.

منذ ذاك الوقت يتعرض المسلمون لكم كبير من الاضطهاد حتى 1942 عندما تم قتل اكتر من مائة ألف مسلم على يد البوذيين الماغ أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ ..وتم تشريد العديد من المسلمين وحتى يومنا هذا يتذكرون ذلك العام بالآسى والحزن .

وظل المسلمون مطاردين في بورما وتم طرد حوالي مليون مسلم إلى بنجلاديش وعدة دول أخرى واصبحوا لاجئين .. منذ عام 1962 حتى عام 1991.

وعند قيام انتخابات برلمانية في بورما "ميانمار" حصلت ولاية أراكان على 46 مقعدا ,منهم 43 مقعدا للبوذيين و3 مقاعد فقط للمسلمين ,,وبالرغم من ذلك لم تعترف الحكومة في بورما بتلك النتيجة وذاك الوضع التي يحكمها الجيش بعرقية سكان ولاية أراكان رغم المطالب الدولية المستمرة.

وفي شهر يونيو عام 2012 قررت الحكومة البورمية انها ستمنح حق المواطنة للمسلمين الروهنجيين (البورميين) في أراكان ما أثار غضب البوذيين وجعلهم أكثر خوفا من زيادة نسبة المسلمين وحجم الإسلام في بورما وجعلهم يثيرون فوضى في البلاد ويسترجعون ما كان يفعلونه في العصور السابقة من سفك دماء الأقلية "المسلمين" .. وبدأوا إرهابهم للمسلمين عن طريق الهجوم على حافلة بها علماء مسلمين كانوا عائدين من أداء العمرة وتم تعذيبهم على أيدي حوالي 500 بوذي عن طريق ربط أيديهم وأرجلهم وضربهم بالعصا حتى الموت ,,ثم برروا ذلك الحادث البشع بأنهم قاموا بفعل ذلك دفاعًا عن شرف فتاه اغتصبها شاب مسلم .

استمرت تلك الافعال والاضطهاد والاعتداء والتعذيب لفترة طويلة وحتى وقتنا هذا يتم الاعتداء على الاقلية المسلمين في تلك البلد ويتم الهجوم عليهم في المساجد والبيوت ويقوم الجيش هناك برد فعل سلبي وهو فرض حظر تجول على المسلمين فقط .

الغريب في الأمر ان هناك تعتيم إعلامي دولي عن المجزرة التي تحدث هناك ,,هناك دول ترى ان الارهاب نابع من المسلمين العرب , وان لا يوجد ارهابي اجنبي او من اي ديانة اخرى ,,لا اعلم اذا كانوا على علم بأن هناك متطرفين لكل مكان ولكل ديانة ولكل جماعة مكونة من عدد قليل حتى ما يفعله البوذيين في المسلمين هناك في بورما أشبه بـ دراكولا ..ودراكولا هنا يقصد به " فلاد الثالث " أمير ولاية والاشيا وهي تعتبر جزء من رومانيا حاليا وكان يحكمها من سنة 1431-1476م ولقبه "المخوزق" ولٌقب بهذا الاسم لأنه كان ديكتاتور جدا وكان يستخدم أسلوب "الخزق" في التعذيب والعقاب لكل من يعارضه او يحاربه والتخلص منهم ..وتكون طريقة التعذيب هي وضع "الضحية" على لوح خشبي حاد حتى الموت ,, ولهذا السبب سٌمي بالـ "المخوزق" غير اسمه القديم وهو "دراكولا"

وكان فلاد يحكم بالعنف والدم وخوزقة كل من يعارضه واستخدم هذا الاسلوب في حربه ضد العثمانيين منذ عام 1459 - 1462 م.. وعندما طلب منه الشعب التخلص من الفقر والبطالة ,فـ لبّى طلبهم وقام بدعوة كم كبير من الفقراء والشحاذين والعاطلين لقلعته الكبيرة بإمارة والاشيا ودعاهم إلى سفرة مليئة بالغذاء ليأكلوا وينسون ما كانوا فيه من فقر وبطالة وغيره ,,وبعد الانتهاء من ذلك الغذاء وجه "فلاد" سؤال لهم : "هل تريدون أن تتخلصون من الفقر والبطالة ؟ ,, فأجابوه بالطبع ,, فرد عليهم : سنتخلص منهم فورًا .. ثم أغلق عليهم أبواب القلعة وأمر جنوده بحرق القلعة وبداخلها الفقراء والشحاذين والعاطلين.. وفي اليوم التالي أبلغ اهل الولاية , أن "الولاية أصبحت بلا فقر ولا بطالة"

ينقلب العالم رأسا على عقب عند قيام جماعة اسلامية وليكن "داعش" بتفجير في مكان ما يسفر عن مقتل المئات بل الآلاف .. وهناك مكان يقتل فيه الملايين ويتم تعذيبهم وحرقهم ولن نرى حتى الآن رد فعل ولكن علينا ان نشيد بدور الامين العام للأمم المتحدة حلوله العبقرية لأي مشكلة وأي حادث وخاصة "بورما" وهو "الاعراب عن القلق" ونشيد بأمريكا ودورها في تصريحاتها الشفهية ,,على أمل أن البوذيين البورميين يرجعون إلى كهوفهم او يقللوا من جرائمهم ضد الاقلية ,ونشيد بدور الدول العربية في التجاهل التام ,وفي رأيي لا عتاب عليهم لأن الدول العرب ما عليها غير التجاهل من ناحية قضية فلسطين وسوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من الدول والأحداث ..

علينا التركيز على المشاكل التي تنجرف بنا إلى باطن الارض اكثر ما عليه نحن الآن ..الإعلام الدولي والعربي أيضًا يوجه انظاره إلى الأحداث التي ترجع له بفائدة ولا نوجد حلول لتهدئة اطراف النزاع غير لكسب المصالح والفائدة.

حفظنا الله وحقن دماء العالم كله..


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث