الأحد 19 شوال 1445 هـ | 28/04/2024 م - 02:40 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


وذهب نظام ميانمار العسكري إلى مزبلة التاريخ!
الخميس | 28/01/2016 - 08:30 صباحاً

وليد بدران - مصر العربية
الأربعاء - 27 يناير

وأخيرًا.. ذهب نظام ميانمار العسكري إلى مزبلة التاريخ.

طبعا نعلم جميعًا ما هي "المزبلة".. ونعلم أيضًا ما هو "التاريخ".. ولكن ماذا عن ميانمار، ذلك الاسم الغامض، والتي قمت بزيارتها قبل عدة سنوات؟

والحقيقة أن ميانمار (بورما سابقًا) تشهد حاليًا تطورات سياسية مهمة تسدل بها الستار على حكم عسكري استمر سنوات طويلة حيث أعلن مسؤولون حكوميون أنه بدأت عملية إطلاق سراح أول مجموعة من حوالي 100 سجين سياسي قبل أيام من انتقال السلطة إلى حزب رائدة الديمقراطية أونج سان سو تشي بعد فوزه في الانتخابات التي جرت في نوفمبر الماضي.

فما هي حكاية هذا البلد الغامض بالنسبة لنا؟.. أهل هذا البلد يطلقون عليها ميانمار وعلى عاصمتها يانجون وعندما احتلها الانجليز غيروا اسم البلد إلى بورما والعاصمة إلى رانجون، وبعد الاستقلال في أواخر خمسينيات القرن الماضي.. رجعت ريمة لاسمها القديم. وتقع ميانمار في الهند الصينية ويبلغ عدد سكانها نحو ٦٠ مليون نسمة منهم ٨ ملايين مسلم ومثلهم من المسيحيين في حين تهيمن الديانة البوذية عليها وهذه الدولة غنية بمواردها الطبيعية ففيها أفضل أنواع الأخشاب في العالم ولكن الناس فقراء ورغم رقة حالهم، حيث يعيش أغلبهم دون مياه شرب نقية أو كهرباء ويتناولون أوراق الشجر، يحرصون على التردد يوميًا على المعابد البوذية المنتشرة في كل مكان وأبرزها معبد شواداجون باجودا العملاق في العاصمة يانجون حيث يقدمون تبرعاتهم البسيطة التي تتحول إلى المزيد من التماثيل الذهبية لبوذا.

وتتمتع البوذية بمكانة مميزة حيث عمد النظام العسكري السابق على إبراز تدينه فنجد مساحات واسعة من ساعات البث التلفزيوني القليلة تفرد زيارات القادة العسكريين للمعابد وبشكل يومي. وفي الوقت نفسه نجد الملايين من المسلمين والمسيحيين هناك يتعرضون للاضطهاد إلى درجة أنهم لا يستطيعون استخدام أسمائهم العربية أو الغربية في بطاقات الهوية وإنما أسماء البوذية.

وقد خضعت ميانمار للحكم العسكري بعد الاستقلال، وفي عام 1990 فاز حزب العصبة الديموقراطية بزعامة أونج سان سوتشي في الانتخابات غير أن المجلس العسكري الحاكم تجاهل نتائجها. ومرت السنون وانتصرت الديمقراطية وذهبت الفاشية العسكرية إلى غير رجعة. ولكن ماذا عن الفاشية الدينية؟ وهل ستقدم الديمقراطية حلولًا لمشاكل الأقليات هناك وخاصة المسلمين؟

إن المسلمين يتركزون في ولاية راكان المجاورة لبنجلاديش وينتمون لشعب روهينجا وينحدرون من جذور عربية وفارسية وهندية وتركية ولغتهم هي خليط من البنغالية والفارسية والعربية وهم يشبهون الهنود ويرتدون الزي الوطني (اللونجي) وهم يتعرضون للسخرة وتقييد حرية الحركة وتفرض عليهم الأحكام العرفية وتدمر منازلهم فضلًا عن تقييد حرية العبادة. ومن الغرائب أن سيدة مسلمة تسكن في العاصمة يانجون غادرت البلاد ولدى عودتها طالبتها السلطات بتأشيرة دخول قبل أن تسمح لها في النهاية بالعودة إلى بيتها!

صادفتني صعوبات كبيرة في دخول ميانمار حيث اضطررت لتوقيع تعهد بعدم إجراء أي موضوعات صحفية، والانتقال من مدينة لأخرى لأخرى يستلزم تصريحًا!

ولكن ماذا عن علاقتها بالشرق الأوسط؟ في الواقع مصر هي الدولة العربية والإفريقية الوحيدة التي لها علاقات رسمية بميانمار، ولديها سفارة هناك، والجالية العربية عبارة عن شخص واحد كان في الأصل بحارًا مصريًا اسمه علاء أحب فتاة من هذا البلد فاستقر في يانجون حيث افتتح مطعمًا!

وهناك بأحد مساجد العاصمة صليت الجمعة حيث ألقى الإمام، الذي تعلم العربية في مصر، خطبته باللغتين البورمانية والعربية فيما أحاط الجنود والدبابات بالمسجد. وفي خطبته التي ألقاها بالعربية دعا على الكفار أعداء الدين أن يأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.. وكان الجنود يبتسمون وهذا أمر طبيعي فهم لا يفهمون العربية.. وقلت لنفسي لا يمكن أن يكون هذا ما قاله بالبورماني.. سألت صديق من ميانمار يعمل في السفارة المصرية ويجيد الإنجليزية ماذا قال الإمام في خطبته باللغة البورمانية؟ فأجابني.. تحدث عن الحب والتفاهم الذي يجمع المسلمين والبوذيين!

وأخيرا فهمت المقصود بكلمة "بُرم".. إنه دون شك هذا الإمام! وصدق اللي قال في السفر سبع فوائد.


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث