الأحد 19 شوال 1445 هـ | 28/04/2024 م - 11:51 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


أكثر من خمسة ملايين مشرد ومليون قتيل ضحايا الإبادة الممنهجة في بورما
الخميس | 29/05/2014 - 04:45 مساءً

بقلم روعة قاسم

 

أوضح رئيس وكالة أنباء الروهنجيا والمنسق الإعلامي للمجلس الروهنجي الأوروبي عطا الله نور الاسلام ان هناك تعتيما اعلاميا ممنهجا يستهدف الاقلية المسلمة في بورما. لافتا النظر في حوار خاص لـ «المغرب»
إلى ان حكومة بورما استطاعت إبعاد أنظار العالم عن تلك الممارسات بفرض تعتيم إعلامي، وحصار على أراكان من خلال منع وسائل الإعلام العالمية من الوصول إلى تلك المناطق المنكوبة، في مقابل عدم اهتمام واكتراث الإعلام الإسلامي والعربي بهذه القضية، أو العمل على إيفاد بعثات وفرق إعلامية لنقل الحقيقة للعالم.
بداية هل توضحون لنا حقيقة ما يجري في ميانمار؟ ومن وراء الحملات التي تطال الاقلية المسلمة هناك؟
إن ما يجري في بورما ضد مسلمي الروهنجيا هي إبادة ممنهجة بدأت فصولها منذ أكثر من قرنين، عندما احتلت بورما مملكة أراكان المسلمة عام 1784 وصيرتها ولاية من ولاياتها، بعد أن كانت مملكة إسلامية لمدة ثلاث قرون ونصف، وعاملت الروهنجيا المسلمة معاملة العبيد والأرقاء، وضيقت عليهم في كل شؤون الحياة، وعلى رأسها ممارسة الشعائر التعبدية.
وقد اتبعت الحكومات البورمية المتعاقبة والمدرسة الرهبانية البوذية منهج إنهاء الوجود الإسلامي هناك، فخططوا لذلك، وبخاصة بعد نيل بورما استقلالها من بريطانيا عام 1948، فأقاموا أكثر من اثنتين وعشرين حملة تهجير قسري ومذبحة جماعية، راح ضحيتها في كل تلك المذابح ما يزيد عن مليون مسلم وتم تشريد أكثر من خمسة ملايين خارج البلاد يعيشون الآن في دول عديدة.
وفرضت الحكومات المتعاقبة على المسلمين قوانينا وأحكاماً جائرة، بدأت بالتضييق عليهم في ممارسة الشعائر الدينية، ثم التهجير والقتل الجماعي الممنهج، ثم بنزع مواطنتهم، فأصبحوا غرباء في وطنهم ومملكتهم، وأصبحوا سلعة رخيصة ليس لها حق العمل والتوظيف والتعليم، أو رفع دعاوى ضد المعتدين، وتم تأميم أراضيهم وممتلكاتهم ونزعها لصالح الدولة.
وإن من يقف وراء تلك الحملات التي تطال مسلمي الروهنجيا أو مسلمي بورما عامة هم الجماعات المتطرفة في الحكومة والجيش والتيار الديني البوذي، فهم الذين وضعوا الخطط الممنهجة لإنهاء وجود المسلمين في البلاد، وهم الذين يدعمون العصابات المتطرفة بالمال والسلاح، وهم الذين يتسترون على القتلة والمجرمين، ويمنعون حضور الإعلام الدولي والمنظمات الدولية في أراكان تلك الولاية المضطربة.
وهل تعرفنا بعدد مسلمي بورما وكم يمثلون؟
بورما دولة متعددة العرقيات والقوميات، حيث تضم أكثر من مائة وأربعين عرقية، منها خمس عرقيات مسلمة، لا تعترف بها الحكومة البورمية كعرقيات أصيلة في البلاد، فتتهمهم بأنهم غرباء في الوطن، وتمارس معهم صنوفاً من التعاملات العنصرية.
وإن آخر إحصاء سكاني أجرته الحكومة البورمية كان قبل ثلاثين عاماً، حيث أعلنت أن عدد سكان بورما يبلغ ستين مليون نسمة، منهم ثمانية ملايين من المسلمين، مما يعني أن نسبتهم تبلغ من سبعة إلى ثمانية في المائة تقريباً.
والحكومة البورمية تتكتم على العدد الحقيقي لمسلمي الروهنجيا، بغرض إظهار قلتهم، وإثبات نظريتهم أنهم دخلاء في البلاد ومهاجرين غير شرعيين من دولة مجاورة.
وبفعل التهجير القسري والقتل الجماعي انخفضت نسبة مسلمي الروهنجيا الآن في داخل بورما، فلا يكاد عددهم يَصِل إلى مليوني مسلم الآن والله المستعان.
وماذا تطلبون من العالمين الاسلامي والعربي؟ ومن تحملون المسؤولية ازاء التعتيم الاعلامي؟
العالم الإسلامي لابد أن يعرف ويتيقن أن مسلمي الروهنجيا يقتلون ويبادون بسبب تمسكهم بدينهم وعقيدتهم، وأنه ليس لهم ذنب إلا أنهم مسلمون، لذا يجب على الأمة الإسلامية الوقوف معهم بالنصرة والدفاع عنهم والعمل على تخليصهم من العذاب الذي هم فيه، إما بالضغط على حكومة بورما أو بقطع العلاقات معها، أو برفع الملف إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرار أممي يلزم حكومة بورما بإعطاء الحقوق للمسلمين، أو أي أمر يخلص المسلمين من الوضع الذي هم فيه.
وإن من أبرز وسائل النصرة؛ تأهيل كوادر روهنجية في مختلف المجالات السياسية والإعلامية والاقتصادية والحقوقية، حتى يكونوا متأهلين للدفاع عن قضيّتهم والنضال في العالم للمطالبة بحقوقهم، بفتح مجال التعليم أمامهم، واستقطاب عدد من الشباب الروهنجيين من داخل بورما وخارجها لتأهيلهم وتعليمهم وتدريبهم حتى يستطيعوا تسيير قضيتهم والدفاع عن أعراضهم وممتلكاتهم وقبل كل شيء الدفاع عن دينهم وعقيدتهم.
كما يجب على حكومات الدول الإسلامية والعربية تعريف شعوبهم بقضية مسلمي بورما، بالسماح بإقامة المحاضرات التعريفية، والمؤتمرات الصحفية، والمعارض الفنية، واستضافة مبعوثين روهنجيين لشرح قضيتهم، وتعريفها لشعوب الأمة.
وإن الأمة كلها حكاماً وشعوباً يتحملون مسؤولية هذا الصمت المريب إزاء إبادة إخوانهم مسلمي بورما في كل صباح ومساء، وإنها لن تعذر أمام هذه المآسي والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها بورما وهم صامتون .
وهل مازالت المجازر متواصلة؟ ولماذا التعتيم الإعلامي برأيكم؟
إن ممارسات حكومة بورما والمتطرفين البوذيين من الرهبان والعصابات لم ولن تتوقف حتى يباد آخر مسلم روهنجي هناك، وإن المذابح -وإن تتوقف بين فترة وأخرى- إلا أن قتل المسلمين واغتصاب المسلمات مستمر كل يوم وليلة، وإن إعلامنا الروهنجي المتواضع يبرز بشكل يومي الانتهاكات الصارخة التي نتعرض لها صباح مساء، فوكالة أنباء الروهنجيا -رغم قلة الإمكانات والدعم والمساندة- لديها اتصال يومي مباشر مع أهلنا في أراكان، وتبرز للعالم بشكل يومي ما يتعرض له شعبنا في داخل البلاد من ظلم واضطهاد وقتل وعمليات تعسفية قل أن تجد لها نظيرا في العالم.
وقد استطاعت حكومة بورما إبعاد أنظار العالم عن تلك الممارسات بفرض تعتيم إعلامي، وحصار على أراكان كحصار غزة أو أشد، فمنعت وسائل الإعلام العالميّة من الوصول إلى تلك المناطق المنكوبة، في مقابل عدم اهتمام واكتراث الإعلام الإسلامي والعربي بهذه القضية، أو العمل على إيفاد بعثات وفرق إعلامية لنقل الواقع والحقيقة للعالم.
إننا نناشد العالم وبخاصة العالم الإسلامي بعدم السماح لحكومة بورما بتكرار ما حدث في «راوندا» أو غيرها من الأماكن بإبادة شاملة للبشرية، وإننا في ذمة الأمة وفي رقاب حكامها وملوكها وأمرائها، وعليهم أن يتذكروا أنهم لن ينصروا أو يهنؤوا في أوطانهم بالأمن والرخاء طالما أن هناك جرحاً في الأمة ينزف ليل نهار. وأشكر صحيفة المغرب التونسية على إجراء الحوار وإتاحة الفرصة لإطلاع الشعب التونسي الأبي على مأساة من مآسي الأمة وجرح من جراح الأمة المتعددة.

 

المصدر: صحيفة المغرب


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث