الأحد 19 شوال 1445 هـ | 28/04/2024 م - 02:58 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


حوار- عطا الله نور للأمة: بورما تستهدف إنهاء الوجود الإسلامي في أراكان
الخميس | 27/03/2014 - 09:45 صباحاً

وكالة أنباء الروهنجيا - ( الأمة ـ خاص ـ هاني صلاح ):

الانقلاب العسكري الذي وصل للحكم عام 1962 نفذ الفصل قبل الأخير
من الخطة الممنهجة في إنهاء وجود "الروهنجيا" في أراكان
من خلال نزع حق المواطنة عنهم عام 1982

 

بينما حكومة بورما الحالية تنفذ حالياً الفصل الأخير في هذه الخطة
من خلال تهجيرهم من قراهم وتجميعهم في مخيمات داخل أراكان أو خارجها

بالأمس، وتحديداً في عام 1982م، قام الانقلاب العسكري الذي وصل للحكم في بورما عام 1962 بتنفيذ الفصل "قبل الأخير" من الخطة الممنهجة في إنهاء وجود مسلمي الروهنجيا في إقليم أراكان في غرب البلاد من خلال نزع حق المواطنة عنهم بقانون بحجة أنهم دخلوا البلاد مع مجيء الاستعمار البريطاني في المنطقة عام 1824م، بالرغم أن التاريخ يثبت وجودهم قبل هذ التاريخ بفترة طويلة.

بينما اليوم، وتحديداً منذ عام 1912، يعيش "مسلمو الروهنجيا" الفصل الأخير من هذه الخطة التي تستهدف إنهاء وجودهم في البلاد عبر تهجيرهم من قراهم وتجميعهم في مخيمات داخل أراكان تمهيداً لتهجيرهم خارج البلاد.

حول مخطط سلطات بورما البوذية الساعية لإنهاء الوجود الإسلامي في إقليم أراكان بغرب البلاد والذي تمثله العرقية الروهنجية..

كان لـ"الأمة" هذا الحوار مع عطا الله نور، رئيس وكالة أنباء الروهنجيا.


•  أبدأ معكم بالسؤال البديهي الذي يحتاج كل مسلم معرفته وهو يتابع أخبار إخوانه في بورما: من هم مسلمو الروهنجيا؟

** مسلمو الروهنجيا هم خليط من عدة أصول متعددة؛ فبعضهم ينحدرون من بلاد الترك في شمال آسيا، والبعض الآخر ينحدر من بلاد الفرس، وفئة من بلاد العرب في اليمن.

تلاقت كل تلك الفئات في منطقة بجنوب شرق آسيا بالقرب من خليج البنغال، فتزاوجوا وتناسلوا حتى نشأت عرقية تسمى "روهنجيا"، ومع مرور الزمن تكاثروا حتى أقاموا مملكة خاصة بهم سميت مملكة "أراكان" في عام 1430م، وأعلن حاكمها آنذاك الملك "سليمان شاه" عن تحويل المملكة إلى مملكة إسلامية، بعد أن وصل إليها الإسلام مبكراً في القرن الثاني الهجري في عهد هارون الرشيد.

دامت مملكة أراكان لثلاثة قرون ونصف القرن، وتناوب على حكمها 48 ملكاً، وكلهم كانوا مسلمين سنيين على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله تعالى.

وفي عام 1784م سقطت تلك المملكة على يد ملك بورما، واسمه "بودابايه" بعد أن أغار على أراكان واحتلها وقتل كثيراً من المسلمين فيها.

ومنذ ذلك الوقت لم يتمكن المسلمون من استرجاع تلك المملكة، فتعرض مسلمو "الروهنجيا" إلى مضايقات كثيرة حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية، فوقع كثير من القتلى بسبب اعتداءات البوذيين على المسلمين، لنهب أراضيهم وبيوتهم وإخراجهم من بلادهم دون أي ذنب سوى تمسكهم بالإسلام.

•  قامت السلطات البورمية في عام 1982 بإلغاء "حق المواطنة" لـ"مسلمي الروهنجيا".. في أي سياق تاريخي وما هى الأسباب التي تم على أساسها اتخاذ هذا القرار الظالم والعجيب في آن واحد؟

** منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية؛ عمد الساسة والرهبان البوذيون على تأليب الرأي العام ضد "الروهنجيا" بحجة أنهم كانوا أعداء لهم في الحرب العالمية الثانية، فأغاروا على قرى المسلمين، وآذوهم، وحاولوا إخراجهم من بيوتهم، حتى وقعت مذبحة كبيرة عام 1942م كانت ضحيتها أكثر من مائة ألف مسلم "روهنغي"، فتشتتوا في المنطقة، ونزح السكان من المناطق الجنوبية إلى منطقة شمال أراكان التي كانت آمنة نوعاً ما، ونزح بعضهم إلى الضفة الغربية لنهر "ناف" واستوطنوا هناك، وبعد فترة تحولت تلك المنطقة إلى جزء من دولة "بنغلاديش".

وفي عام 1948م نالت بورما استقلالها من بريطانيا، فبيت الساسة البورمان النية بإقصاء "الروهنجيا" من الحياة السياسية كجزء من خطة إنهاء وجودهم في البلاد، وبالرغم من إبعادهم من المشاركة في العملية السياسية؛ إلا أن "الروهنجيا" كانوا يتمتعون بالمواطنة وبالحقوق المدنية، حتى جاء عام 1962م فوقع الانقلاب العسكري الذي نفذ الفصل ما قبل الأخير من الخطة الممنهجة في إنهاء وجود الروهنجيا؛ ألا وهو نزع المواطنة منهم بحجة أنهم دخلوا البلاد مع مجيء الاستعمار البريطاني في المنطقة عام 1824م، بالرغم أن التاريخ يثبت وجودهم قبل هذ التاريخ بفترة طويلة.

وسبب إصدار هذا القانون الجائر على "الروهنجيا" هو اتفاق الساسة والرهبان البوذيين على إنهاء وجود "الروهنجيا" في البلاد، فبدؤوا باضطهادهم وتهجيرهم، ثم بإبعادهم عن الحياة السياسية، ثم بحرمانهم من المواطنة، والآن ينفذون الفصل الأخير من الخطة، ألا وهو تهجيرهم من قراهم وتجميعهم في مخيمات داخل أراكان أو خارجها، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

•  قانون إلغاء حق المواطنة.. هل شمل جميع مسلمي بورما، أم أن "الروهنجيا" كانوا هم فقط المستهدفون؟

** قانون المواطنة والجنسية الذي أصدره الانقلاب العسكري عام 1982م يشمل جميع العرقيات التي دخلت البلاد بعد عام 1824م، إلا أن الحكومة تقول أن جميع العرقيات موجودة قبل هذا التاريخ عدا "الروهنجيا"، وعليه فقد خص هذا القانون "الروهنجيا" ولم يشمل بقية المسلمين من العرقيات الأخرى.

•  إذن.. فما أسباب تخصيصهم هم فقط بهذا القانون دون غيرهم من العرقيات المسلمة التي تعيش في البلاد؟

** أسباب تخصيص "الروهنجيا" بهذا القانون يرجع لأمرين:

1 – أن التكتل الإسلامي في بورما لا يوجد إلا في عرقية "الروهنجيا"، فهي النسبة الغالبية من المسلمين، وهم الذين نشروا الإسلام في بقية العرقيات في البلاد.

2 – أن الساسة والرهبان البوذيين يخشون أن يكون لعرقية "الروهنجيا" تكتل قوي في البلاد، مما يؤدي إلى انتشار الإسلام في بقية العرقيات، كما يمكن لها أن تطالب بالحكم الذاتي لولايتها "أراكان" فتكون هناك حكومة إسلامية، تم تطالب بالاستقلال عن بورما مستقوية ببنجلاديش المجاورة.

ولم يفرض قانون الجنسية على بقية العرقيات لأن نسبة المسلمين في تلك العرقيات قليلة، ولا يعتبرون تكتلاً إسلامياً أو أكثرية إسلامية بين العرقيات الأخرى.

•  ما هو التغيير الذي طرأ على حياتهم على مستوى الحقوق والحريات العرقية والدينية والمدنية قبل إصدار هذا القانون وبعد إصداره؟

** كما ذكرنا آنفاً أن "الروهنجيا" مروا بعدة مراحل منذ سقوط مملكتهم "أراكان" عام 1784م:

المرحلة الأولى: التي بدأت من عام 1784م واستمرت حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث لم يكن هناك اضطهاد أو قتل أو تهجير إلا فيما ندر، وكان "الروهنجيا" متعايشين مع الجميع، ولم يكن هناك فرق بينهم وبين أي مواطن آخر.

المرحلة الثانية: التي بدأت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الانقلاب العسكري عام 1962م؛ حيث بدأ الاضطهاد بصفة علنية، فوقع عدد من المذابح وعمليات التهجير القسري، والإقصاء عن الحياة السياسية إلا تمثيلا غير مؤثر في الدورة الأولى للحكومة.

المرحلة الثالثة: بدأت من وقوع الانقلاب العسكري عام 1962م واستمرت حتى عام 1995م، حيث تم حرمان "الروهنجيا" من المواطنة، وأصبحوا لا يتملكون أراضيهم ومزارعهم وبيوتهم، ووقع في هذه المرحلة العديد من المذابح في عدد من مدن أراكان، وعمليات تهجير قسري، وتم طرد المسلمين من بيوتهم بقوة السلاح، حتى امتلأت المخيمات في بنجلاديش باللاجئين الروهنجيين، وهاجر كثير من "الروهنجيا" إلى دول عديدة، مثل: باكستان وماليزيا والسعودية والإمارات وبعض دول أوروبا.

المرحلة الرابعة: بدأت من عام 1995م وحتى 2011م، حيث هدأت أوضاع "الروهنجيا" كثيراً بسبب وقوع خلافات في صفوف الأحزاب السياسية البورمية، حيث بزغ نجم زعيمة المعارضة "أونغ سان سوتشي" في هذه الفترة، وقرر أنصارها إحداث فتن وقلاقل في البلاد للمطالبة بحقوقهم السياسية والمشاركة في الحكم، فتوجهت الآلة العسكرية إلى كبت صوت المعارضة، واستئصاله، فوقعت صدامات كثيرة في البلاد، وبسبب هذا الانشغال للجيش والحكومة؛ كان "الروهنجيا" بعيداً عن الصراع، سوى التعاطف الذي كان يظهره لحزب "سوتشي" لظنهم أنها سوف تخلصهم من عمليات الإذلال والاضطهاد التي مورست ضدهم من قبل الحكومة العسكرية.

المرحلة الخامسة: بدأت عام 2012 وحتى يومنا هذا، حيث تحالفت الحكومة العسكرية مع المعارضة، واتفقوا على تقاسم السلطات في البلاد، وقرر الحاكم العسكري إلغاء الحكم العسكري وتحويل البلاد إلى بلد ديموقراطي، فتنافس الحزبان في كسب تعاطف الشعب وتلبية رغباتهم، وكان من أهم مطالب الرهبان البوذيين وعرقية "موك" هو إخراج "الروهنجيا" المسلمين من البلاد، وإخلاء ولاية أراكان منهم، فتحالف زعماء الرهبان والسياسيون من عرقية "الموك" مع الحكومة من جهة، والمعارضة من جهة أخرى لبدء عملية اضطهاد "الروهنجيا" وإخراجهم من البلاد، وكان المطلوب من الحزبين الصمت إزاء تلك الخطة الممنهجة، والتأييد أو الدعم بقدر المستطاع، مقابل كسب تأييدهم في الانتخابات التي تجرى في البلاد عام 2015م.

فصمتت المعارضة ولم تستنكر تلك العمليات الإجرامية التي تمارس ضد شعبنا، وأيدت الحكومة الحالية تلك الجرائم بل دعمتها بالآلات والعسكر، مع إنكار ورد لجميع المطالب الدولية التي تطالب بحماية "الروهنجيا" وتوفير الأمن لهم، واعتبارهم مواطنين، وإجراء تحقيقات في المذابح التي تقع ضدهم.

رابط صفحة الحوار في موقع الأمة:
http://www.al-omah.com/newsDetail.aspx?NewsID=39628


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث