وكالة أنباء الروهنجيا - خاص
حوار : عطا الله نور الأراكاني - رئيس الوكالة
أكد "نور الإسلام عمر حمزة" رئيس منظمة أراكان الروهنجيا الوطنية (ARNO))؛ أن غياب الوسائل وتخاذل الصديق وعدم قيام الدول الإسلامية بواجبها تجاهنا؛ كان ذلك من أهم الأسباب في تغيب قضيتنا عن الإعلام.
جاء ذلك في الحوار الذي أجرته وكالة أنباء الروهنجيا (RNA) مع السيد نور الإسلام في أثناء قدومه إلى مكة المرمة لأداء العمرة والزيارة؛ حيث بين "نور الإسلام" أن البوذيين يظلموننا لأمور ثلاثة: سياسية، وقومية، وطائفية، مؤكداً أن الروهنجيين يشعرون بمسؤولية المواطنة تجاه بورما، ويريدون العيش فيها بسلام وأمان.
وكشف رئيس منظمة أراكان الروهنجيا الوطنية أن علاقة الصين مع بورما امتدت لأكثر من ستين عاماً، ولن تنقطع تلك العلاقة في ستين يوماً، معتبراً إنشاء وكالة أنباء الروهنجيا بَداءَةً هامة لأجل ترقية الإعلام الروهنجي في العالم.
مضيفاً إلى أن اتحاد روهنجيا أراكان (ARU) لم ينشأ بعد فعليا، مطالباً المجتمع الدولي - بناء على الاتفاقات الدولية المبرمة - بحماية العرقية الروهنجية في العالم.
دعونا الآن نتابع الحوار مع السياسي الروهنجي المخضرم لنسبر أغوار ثقافته السياسية، ونغوص في أعماق هذه الشخصية الهامة في التأريخ الروهنجي.
هلاَّ أَطْلعتنا على نبذة تعريفية عن سيرتك الذاتية قبل أن ندخل في الحوار:
أولاً أشكركم على إجراء هذا الحوار، وسيرتي الذاتية مختصرةً هي: أنا من مدينة "منغدو" ومن قرية "شلخالي"، والدي اسمه عمر حمزة، تلقيت تعليمي في الصغر في قريتي، حتى درست الثانوية في مدينة "منغدو"، ثم تلقيت الدراسة الجامعية متخصصاً في القانون، وفي عام 1994م تخصصت في السياسة الدبلوماسية وحقوق الإنسان في جامعة استرالية، وفي نهاية عام 2004 حصلت على لجوء سياسي في لندن، وهناك حصلت على درجة الماجستير في تخصص حقوق الإنسان.
والآن أرأس منظمة أراكان روهنجيا الوطنية (ARNO)، وأنا متعاون مع جميع العاملين في القضية الروهنجية على مستوى العالم.
كيف تنظر إلى الوضع الراهن لقضية مسلمي بورما؟
بكل اختصار أستطيع أن أقول: هناك شيء واحد مهم جداً، وهو أننا – نحن الروهنجيين- من السكان الأصليين لأراكان، ولا يمكن فصل الروهنجيا عن تاريخ أراكان، ولا يمكن عزل الروهنجيا عن أراكان، ونحن موجودون في أراكان قبل آلاف السنين، ونحن موجودون في أراكان مع تعاقب الحكومات، وبعد الاستعمار البريطاني لأراكان نحن موجودون، وقبل البريطانيين بورما احتلت أراكان ونحن أيضاً كنا موجودين فيها كمجتمع أصيل، حتى عند تحضر أراكان وتعرف العالم على أراكان كان في ذلك الوقت يعرف أن أراكان للمسلمين.
وبعد استقلال بورما أيضاً نحن موجودون، والآن هم يطبقون فينا ثلاثة أنواع من القوانين: سياسية، وقومية، وطائفية، فهم يظلموننا لأجل هذه الأمور الثلاثة، بسبب اختلافنا معهم في القومية وهم الأكثرية، ولأجل اختلافنا معهم في الشعائر التعبدية.
ونحن كنا مجتمعاً مسالماً في أراكان، ولم نهجم عليهم أبداً، وكنا نقول للحكومة دوما إننا من هذا الوطن، ونحن عاونّا المواطنين عند بناء الوطن، والآن أيضاً نحن نشعر بمسؤولية المواطنة تجاه هذا الوطن، ونريد العيش في هذا الوطن بسلام؛ لذا نحن لم نقترف أي جريمة أو إثم حتى يجازونا بهذه الأفعال.
الديانة البوذية لديها ثمانية تعاليم أساسية، ومن أهم تلك التعاليم: عدم الخوض في المنازعات، واحترام النفس البشرية.
والبوذيون في بورما خالفوا تلك التعاليم، مما جعل "الدالاي لاما" يقع في حرج كبير من تصرفات بوذيي بورما، وأنا أخاطب بوذيي بورما - عبر وكالتكم -، وأقول لهم: إننا نحترم تعاليم دينكم، وإذا اتبعتم تلك التعاليم فإنه لن يقع بيننا وبينكم أي خلافات، ونرجو منكم أن تتبعوا تعاليم ديننكم حق الاتباع.
هل تعتقد أن حكومة بورما سوف تغير من سياستها تجاه الروهنجيا؟
ما نتعرض له من ظلم واضطهاد بلغ حده النهائي، وقد عبر الظلم جميع الحدود، ولم يظل هذا الأمر شأناً داخلياً لبورما، بل قد أصبح أمرا عالميا؛ وفي هذه الحالة نرى أن حكومة بورما – بسبب امتلاكها للقوة - تستقوي على الضعيف بأي طريقة تشاء، وهذا شأن عالمي، ومسألتنا خرجت من الإطار المحلي، ووصلت إلى العالمية، وحتى شعبنا من شدة الظلم وصلوا إلى دول كثيرة كبنجلاديش والهند وباكستان والسعودية وأوروبا وكذا ماليزيا وتايلند.
وبعضهم ألقوا بأرواحهم في البحر بسبب ما يتعرضون له من ظلم واضطهاد وممارسات تعسفية، حتى أصبح العيش في أراكان شبه مستحيلة، حتى الحيوانات يتعذر عليها العيش في تلك الظروف؛ لذا شعبنا يذهبون حيث يجدون من مأوى ويرون من طريق ومسلك.
وفي هذه الحالة، وبسبب تأثير الظلم فينا وصل شعبنا إلى خارج حدود بورما، فأصبحوا لاجئين في بنجلاديش والهند وباكستان والخليج واستراليا؛ فإذًا قضيتنا الآن قضية عالمية، وصبغتها صبغة عالمية؛ فيجب على المجتمع العالمي المحافظة علينا والدفاع عنا.
وما آسف له هو أن المجتمع الدولي لم يشخص مسألتنا بالطريقة الصحيحة، فبعضهم يقول إنها "إبادة"، والبعض الآخر يقول إنها "ظلم"، وعلى أية حال؛ فإن الأمر المعروف أن الروهنجيا لا يمكنهم العيش في الوقت الراهن في أراكان بأي حال من الأحوال؛ فيجب على المجتمع الدولي حمايتنا والدفاع عنا، وبإذن الله - تعالى- سنصل إلى حل لقضيتنا.
هل من حق عرقية الروهنجيا أن ترفع ملفاً للأمم المتحدة أو الجمعية العمومية لطلب مناقشة قضيتهم؟ وما هي آلية الرفع؟
هناك نظام تسير عليه الأمم المتحدة، وحسب تلك الأنظمة فإنه لا يحق لنا رفع قضيتنا مباشرة إليها؛ لذا نحن دائماً نقول "جريمة حرب"، وبعضهم يقول "إبادة"، وقناة الجزيرة عرضت فلماً وثائقياً وسمت الحالة "إبادة"، وبعض الدول لا تريد الاعتراف بالإبادة، ويذكرون أنها جريمة حرب.
وفي كل الأحوال فإن المسألة - بلا شك - تعتبر جريمة عالمية، وبالرغم من هذا فإن المجتمع الدولي لا يريد أن يتدخل مباشرة في حل قضيتنا وهذا أمر مؤسف.
وبحسب الأنظمة الدولية فإن مسالتنا ترتقي إلى أن يتم التباحث فيها في طاولة مجلس الأمم المتحدة ومجلس السلام العالمي، وفي مجلس الأمن هناك خمسة أعضاء دائمين، وعشرة متغيرين، وجميعهم يصوتون لاتخاذ أي قرار، ونحن نحملهم المسؤولية تجاه قضيتنا، وهم حتى الآن لم يؤدوا مسؤوليتهم تجاه هذه القضية، وكان ينبغي عليهم حل هذه القضية منذ زمن بعيد، ويجب على أعضاء جمعية الأمم المتحدة أن يتحدوا ويتفقوا في حل هذه القضية.
المسالة الثانية: كذلك على رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) مسوليه تجاه قضيتنا، ومن أبرز مهام (آسيان) حماية مواطني المنطقة، ونحن من مواطني المنطقة، ونتعرض لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد، ومع ذلك فهي صامتة، وكان الواجب عليها من باب الإنسانية الدفاع عن قضيتنا.
ثالثا: لدينا الاتحاد الأوربي، وقد قرر هذا الاتحاد قبل سنين أن الروهنجيا يعيشون في ظلم واضطهاد، ويجب منحهم جميع الحقوق ليعيشوا في وطنهم بأمن وأمان، والعديد من الدول الأوربية تتعاون مع حكومة رئيس بورما "ثين سين" وتساعدها، ونحن لا نمانع ذلك، لكن كان الواجب عليها مطالبة بورما برفع الظلم عنا وإعطاء حقوقنا.
وخلاصة الكلام: أن مسؤولية المجتمع الدولي - بناء على الاتفاقات الدولية المبرمة – حمايتنا والدفاع عنا، لكنه لم يقم بالواجب.
التقارب الحاصل بين الغرب وبورما هل يرضي الصين؟ ولماذا هي تلتزم الصمت حتى الآن؟
هذا سؤال جيد..
حكومة بورما ظلت - ولمدة ستين عاما- ضد المجتمع الدولي، وقد خالفت الصين جميع الدول في العالم وعاونت بورما، وهذه العلاقة الوطيدة بين الصين وبورما لن تنتهي في يوم وليلة.
وأيضاً بورما ظلت على قيد الحياة بسبب الصين، والعلاقة التي امتدت لأكثر من ستين عاماً لن تنقطع في ستين يوماً، وهناك في ساحة الحكم البورمية مجموعات وأحزاب، وبعض تلك المجموعات مازالت تجلس في اجتماعات لعقد الاتفاقيات مع الصين.
الأمر الآخر، مصالح الصين قد تضررت نوعا ما بسبب علاقة بورما بالدول الغربية، والصين لها حقول للغاز في أراكان، ولم يتوقف العمل فيها حتى الآن، ولكن ما نريد أن نؤكد عليه هو أن على الدول الغربية الضغط على حكومة بورما لتغير النهج الديموقراطي، ولمنح الناس الحقوق الإنسانية، ولكن هي لا تفعل ذلك، وليست الحقوق مسلوبة فقط من الروهنجيا بل هناك عرقية الكاشين محرومون من حقوق الإنسان أيضاً.
إذاً.. لماذا هي صامتة؟
أعتقد أن الوقت لم يحن بعد.
لماذا لا نطرق أبواب الصين وروسيا؟
قضيتنا هي قضية إنسانية وسياسية أيضا، ولنا حقوق في أراكان منذ عهد الآباء والأجداد، ونحن يجب علينا أن نعمل لكي نعيش بسلام وأمان، ونحن محرومون من المواطنة والإغاثة والسكن، وقد هدموا حياتنا وشتتوا أسرنا، وفي هذه الحالة؛ فإن الصين تستطيع أن تساعدنا، وأيضاً الولايات المتحدة تستطيع ذلك، وكذلك هناك دول كبرى مثل بريطانيا والصين يستطيعون بدون اختلاف حل قضيتنا، وأعتقد أن الصين وأمريكا ودول أخرى لديها القوة، وكذلك الدول الإسلامية التي هي - تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي- يستطيعون الالتقاء لحل قضيتنا؛ لأنها مسالة إنسانية بالدرجة الأولى، ثم هي مسالة سياسية بالدرجة الثانية.
إذًا.. هل تواصلنا مع الصين وروسيا في هذا الخصوص؟
الصين وروسيا تعلمان جيداً أبعاد قضيتنا، وكان من المفترض التواصل مع تلك الدولتين.
لماذا ظلت القضية الروهنجية مغيبة عن الإعلام أكثر من ستين عاماً؟
في هذه المسألة أمور كثيرة: الأمر الأول: شعبنا لم يستطع تسيير القضية، والأمر الثاني: العالم لم يقف معنا، والأمر الثالث: الدول الإسلامية لم يؤدوا واجبهم تجاه قضيتنا، والأمر الرابع: الدول المجاورة لبلادنا كبنجلاديش – قصرت في السعي تجاه قضيتنا؛ فكل هذه الأمور كانت سببا في تغيب قضيتنا عن الإعلام.
كذلك لم تتوفر لدينا وسائل إعلامية لنشر قضيتنا، فإذا كانت الوسائل غير متوفرة والأصدقاء غير موجودين، والمساعدات لم تقدم لنا؛ فحتما سوف تكون القضية مغيبة.
كيف ترى الحركة الإعلامية للقضية الروهنجية في هذه الأوقات؟
هذا الحركة أفادتنا كثيراً، ولدينا مجموعات إعلامية كمجموعتكم (وكالة أنباء الروهنجيا)، وكلدان بريس، وكذلك هناك إعلام عالمي تعاون معنا، وبسببهم انتشرت القضية، مثل مجموعات إعلامية في أوربا، وهناك أيضا في استراليا وفي تايلند وفي كل مكان يعيش فيه شعبنا، قدحصل نشاط وتواصل بينهم وبين الإعلام، وأصبحت هذه العلاقة وطيدة.
وفي جانب آخر، برز مجموعة من الإعلاميين كأمثالكم مع ظهور أصدقاء وجهات إعلامية تتعاون معنا؛ لهذه الأسباب كلها انتشرت قضيتنا وعُرفت عند الناس.
ماذا تعني أرض بنجلاديش للروهنجيا؟ وهل تعتقد أنها قصرت مع الروهنجيا؟
علاقة شعبنا مع شعب بنجلاديش علاقة متأصلة ثقافياً وسياسياً، وبيننا وبينهم علاقات، وهي علاقة قديمة ومفيدة للطرفين، الأمر الآخر- وبغض النظر تاريخ الشعبين-؛ فإن هناك حدوداً مشتركة طولها 145 ميلا، منها 48 ميلا حدود بحرية والباقية حدود برية.
ولأهمية دول الجوار نردد هذا المثال: لو كان في بيتنا حريق؛ فإننا نهرب من هذا البيت إلى أقرب بيت مجاور، وأراكان أصبحت مثل جهنم منذ سنوات؛ لذلك الناس يلقون أنفسهم في أقرب منطقة آمنة، ولو كان في موضع بنجلاديش دولة أخرى غير مسلمة؛ فإن شعبنا كانوا يلجؤون إليها أيضاً، هذه مسالة إنسانية.
ودولة بنجلاديش دولة فقيرة، ونحن نشكر بنجلاديش على أنها حملت همنا وتحملتنا منذ مدة؛ حيث وفرت مأوى للاجئين، وبالتزامن مع تلك الأمور فإننا نقول لبنجلاديش إنها من أهم أطراف الشهود في قضيتنا، ولا يمكن لها أن تتخلى عن الوقوف معنا، وعندما تتهمنا حكومة بورما ظلماً وعدواناً بأننا بنغاليون وقدمنا من بنجلاديش؛ فإن المسؤولية هنا تقع على بنجلاديش لكونها دولة ذات سيادة، وتقول: هؤلاء ليسوا شعبنا، بل هم شعب بورما، ومن مصلحة بنجلاديش أن تقول ذلك، إذًا في يد بنجلاديش مفاتيح كثيرة، ومهما أغلقت بنجلاديش حدودها فإن شعبنا المظلومين سوف يلجؤون إليها، ويحاولون الدخول إلى أراضيها، سواء عبر البحر أو عبر البر أو حتى عن طريق الجبال؛ فكل تعاون من بنجلاديش وكل مساعدة منها للشعب الروهنجي فإن الفائدة تعود إليها في الدرجة الاولى، وكل محاولة منها لحل قضيتنا فيها فائدة لنا ولهم.
أنت عضو مؤسس في (ARU) ما تقييمك لأداء هذه المنظمة في الفترة الماضية؟
إنشاء وتأسيس اتحاد روهنجيا أراكان (ARU) كان لأمور عظيمة ومهمة، وكان الهدف الأبرز هو جمع الكنوز والطاقات الأراكانية في مكان واحد، وتحت مظلة الاتحاد، وللأسف خلال عامين لم يتحقق ذلك، ولا ألقي اللوم على أحد، وقد أسفت وحزنت كثيراً لأجل هذا، وجميع أعداء الشعب الروهنجي وفي مقدمتهم حكومة بورما اهتموا لهذا الأمر كثيراً؛ لأنهم رأوا أن العمل قد بدأ بطريقة صحيحة، ولكن الاتحاد لم ينشط في الأعمال المكلفة، فكان الأمر أصبح كالبيت الذي لا سقف له.
ماذا نحتاج لو أردنا أن يعمل جميع الروهنجيين في العالم وَفق منظومة واحدة؟
نحتاج للعمل لقضيتنا إلى نشطاء سياسيين، ونشطاء حقوقيين، ونشطاء في العمل الإغاثي، ونحتاج إلى تفعيل الجانب التعليمي.
سيدي.. قصدت من سؤالي الأمور التي نحتاجها - نحن العاملين - في الشأن الروهنجي؟
نحتاج إلى كل ما يحتاج إليه أي شعب في العالم، من سياسة وثقافة وحقوق وتعليم، ونحتاج إلى العمل وَفق برامج عملية لصناعة كوادر في كل تلك المجالات، وجميع شعبنا في الداخل والخارج عليهم تحديد الرؤية والهدف، وأنا أرى أن علينا العمل بصفتنا عرقية أو أفرادا في داخل بورما، حتى نكون في بورما كسائر العرقيات، لنا جميع الحقوق وعلينا جميع الواجبات كغيرنا من مواطني بورما، هذه هي غايتنا، وإذا كنا نحتاج إلى التعاون مع الموك الراخين البوذيين لتحقيق هذه الغاية؛ فإننا نتعاون معهم، وفي حالة تعذر ذلك؛ فإنا نرضى أن يكون لنا جزء خاص في أراكان.
لذا يجب علينا - نحن الروهنجيين- أن نعمل لتحقيق هذا الهدف، وقبل هذا كله يجب أن نترقى بالعلم، ونوجد لأنفسنا فرصَ تلقي العلوم بأي صورة كانت، وأضرب مثالاً واحداً حول هذا الأمر: حكومة بورما لا تسمح لأبناء المسلمين بالتقدم من الصف العاشر، فهل يعني هذا أننا نتوقف عن تلقي العلم؟ طبعاً لا، فلابد أن نستغل كل فرص التعليم، سواء تعلمنا تحت شجرة أو في خيمة أو في أي مكان.
وأنت يا أخي عطا تفوقت في مجال الإعلام؛ فهل تعجز عن إخراج شخص مثلك؟ حتما لا، بل تسطيع ذلك، ولا تحتاج أن تُجلِسه في مدرسة أو كلية، بل تسطيع ذلك ولو تحت ظل شجرة، ونحن بحاجة إلى التخطيط والبرامج العملية أكثر من النظريات، ونحتاج أيضا إلى الاقتصاد؛ لأننا إذا كنا لا نجد طعاماً لنأكله، ولا نجد طريقة لإرشاد الناس للتجارة، فلا يمكن أن يعيش شعبنا إلا بالشحاذة، وهو ما لا نرضاه أبدا، بل لا بد من الاقتصاد للتفادي ذلك.
لذا أرى إنشاء منظمات وجمعيات لتوفير هذه الأشياء لشعبنا، وإن توفر ذلك فإننا من ناحية أصلحنا وضعنا، ومن ناحية أخرى عملنا على رفع معاناة شعبنا، مثل إنشاء اتحاد الروهنجيا (ARU)؛ حيث كان لدينا منسق للعلاقات الدولية للتواصل مع الحكومات والدول، وأيضاً منسق إعلامي، والإعلام سلاح كالأسلحة الحقيقية، وأيضاً المنسق التعليمي ..إلخ
وسبب عدم إنشاء اتحاد الروهنجيا (ARU) هو عدم تفعيل هذه الاقسام، ولو كانت جاهزة لكنا استطعنا تحقيق بعض الأهداف.
سؤالي الأخير.. كثير من شعبنا عاشوا في بعض البلدان لفترات طويلة؛ خمسين أو ستين عاماً، وتشبعوا من ثقافات تلك الدول، وتعلموا لغاتها وتعودوا لبس زيها، مع ضياع لثقافتنا وهُوِّيتنا بسبب طول الفترة؛ كل هذه التنوعات الفكرية والثقافية كيف يلتقونها في مكان واحد ؟
في هذه المسالة نحن نفتقد إلى الثقافة، وقد أنشانا قسم الثقافة في اتحاد الروهنجيا (ARU) للعناية بالثقافة، والآن اتحاد الروهنجيا يفتقد إلى هذه الأشياء، كالبئر الفارغة من الماء، ولو نبع الماء في البئر سوف تصلح كل هذه الأمور، ونحن إذا أنشأنا لجنة خاصة بالتعليم والثقافة سوف نرتقي إلى الأفضل - إن شاء الله-.
هل من كلمة أخيرة تودون توجيهها لمتابعي وجمهور وكالة أنباء الروهنجيا؟
أنا شخصياً أعتبر عملكم في مجال الصحافة والإعلام بَداءَة هامة لأجل ترقية الإعلام الروهنجي، فحاولوا أن تقتدوا بمن سبقكم من ذوي الخبرة في الإعلام ورواد المؤسسات الإعلامية، سواء كانت وكالاتٍ أو صحفًا أو قنواتٍ أو إذاعاتٍ، وهذه المسؤولية موضوعة على عواتقكم، وهي مسؤوليتكم، واعملوا على نشر كل ما من شأنه ردم الخلافات، وحاولوا عبر وكالتكم التوفيق بين المختلفين، وتقريب وجهات النظر بين المتفرقين.
في ختام هذا الحوار أشكركم على هذه الاجابات الضافية، وعلى قبولكم الدعوة، وإتاحة الفرصة للجلوس معكم، ونشكركم - أيها القراء الأعزاء- على متابعتكم حوارنا مع السيد نور الاسلام عمر جعفر.
وإلى لقاءات أخرى مع شخصيات أراكانية روهنجية.