الأحد 19 شوال 1445 هـ | 28/04/2024 م - 10:24 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


السلطات البورمية حوَّلت ولاية آراكان إلى سجن كبير
الجمعة | 19/04/2013 - 09:42 صباحاً

المنسق الإعلامي للمجلس الروهينجي عطا الله الآراكاني في حوار لـ«المجتمع»:
السلطات البورمية حوَّلت ولاية آراكان إلى سجن كبير
الجزائر: سمية سعادة

لايزال مسلمو الروهينجيا في إقليم آراكان يدفعون ثمن إسلامهم على يد البوذيين الحاقدين، تارة بالإبادة الجماعية، وتارة أخرى بالتهجير القسري، يحدث كل هذا بتشجيع من الرهبان وبتواطؤ من الأحزاب المتطرفة والسلطات البورمية التي تريد أن تتخلص من الروهينجيا بأي طريقة؛ لأنها لا تعتبرهم من «عرقيات البلاد الأصلية»، مثلما صرح الرئيس البورمي. ولذلك حوَّلت هذه السلطات ولاية آراكان إلى «سجن مغلق بسياج حديدي من جهة الغرب، وسلسلة جبال طبيعية من الجهات الثلاث الأخرى»..
هكذا يقول المنسق الإعلامي لـ«المجلس الروهينجي»، ورئيس «وكالة أنباء الرهينجيا» عطا الله نور الآراكاني لـ«المجتمع»، داعياً وسائل الإعلام العربية إلى التعريف بهذه القضية.

حدثنا بداية عن مسلمي الروهينجيا في ميانمار؟
مسلمو الروهينجيا هم من أصول عربية وفارسية وتركية وصينية، وعاشوا منذ ألف وخمسمائة عام في مملكة آراكان الواقعة جنوب شرقي آسيا، بين بنجلاديش والهند والصين وبورما، ووصل الإسلام إليهم في القرن الثاني الهجري في عهد الخليفة هارون الرشيد يرحمه الله تعالى، عبر التجار المسلمين العرب. ويقدر عدد مسلمي الروهينجيا بأكثر من خمسة ملايين نسمة من أصل 55 مليون نسمة هم سكان بورما الإجمالي، وهي عرقية واحدة من أصل 140 عرقية في بورما. أما في آركان، فهناك مع الروهينجيا تعيش عرقية أخرى هي عرقية «الماج» (الراخين)، وكانت نسبة الروهينجيا في آراكان قبل ثلاثين عاماً نحو 80%، والراخين 20%، وأما الآن فلا يتجاوزون المليون؛ مما يعني أن نسبتهم انخفضت إلى 20%، وفي المقابل تكاثر الراخين البوذيون عبر الهجرات من المناطق والبلدان القريبة حتى وصلوا حالياً إلى 80% من إجمالي سكان آراكان.
يشتغل مسلمو الروهينجيا في الزراعة، فهي مصدرهم الرئيس، وبعضهم يعمل في التجارة، كبيع الأخشاب والخضراوات والفواكه والقمح والأرز، وقد تم إبعادهم عن الحياة السياسية، بل حتى عن الحياة الوظيفية والتعليمية، فالطالب المسلم لا يسمح له بالدراسة في المرحلة الثانوية، وإذا استطاع التسجيل في مدرسة ثانوية بأي طريقة كانت فإنه لا تعطى له شهادة الدراسة، إلا إذا استطاع التسرب إلى باقي مناطق بورما، وعلى وجه الخصوص العاصمة السابقة «يانجون»، فإنه يستطيع الدراسة حتى التخرج من الكلية شريطة أن يلغي مظاهر الدين الإسلامي من نفسه، وعلى رأسها اسم الشخص نفسه.

صف لنا حالات سوء المعاملة التي تعرّض لها الروهينجيا؟
مسلمو الروهينجيا تعرضوا إلى أكثر من 20 مذبحة وحملات تهجير قسري، فقتل منهم ملايين، وتفرق في بلدان العالم أيضاً ملايين، ولا يزال يعيش منهم في مخيمات اللاجئين في بنجلاديش أكثر من 250 ألف نسمة، في ظروف إنسانية لا يعلمها إلا الله تعالى، إضافة إلى من يعيش في باكستان وماليزيا والسعودية والإمارات. ويحاول عدد من المتعلمين من أبناء هذا الشعب إيصال معاناتهم إلى العالم، عبر وسائل الإعلام المختلفة، وقد تعرفت الأمم المتحدة على هذه المأساة منذ فترة، حتى وصفت الروهينجيا بأنهم أكثر الشعوب اضطهاداً في العالم.
ومسلمو الروهينجيا - إضافة إلى المذابح والتهجير القسري - تعرضوا في حياتهم العامة إلى ممارسات تعسفية من قبل الطغمة العسكرية الحاكمة في بورما، من حرمانهم من الجنسية، وحق الانتخاب والتصويت، ومواصلة التعليم، والتوظيف في وظائف الدولة، والتضييق عليهم في ممارسة العبادات وإقامة الشعائر الدينية، وعدم السماح لهم بترميم المساجد فضلاً عن بنائها، ولا يسمح بزواج الشاب إلا بعد بلوغ الثلاثين، والفتاة إلا بعد بلوغ 25 عاماً، وإذا مات زوجها فلا يحق لها الزواج أبداً! ولا يسمح بالإنجاب أكثر من 3 أو 4 أطفال، كما تقوم السلطات بتفتيش المنازل كل ثلاثة أشهر وعمل إحصاء بالموجودين، ومنع امتلاك سكاكين وخناجر وسيوف وسواطير إلا بقدر الحاجة، وتسمح السلطات بالخروج من بورما إلى أي جهة كانت مع عدم السماح لهم بالرجوع إلى الوطن مرة أخرى، وتفرض عليهم الحصول على تصريح في حالة زيارة قرية مجاورة أو الانتقال إليها للسكن، ويمنع منعاً باتاً السفر إلى بقية مدن بورما، كما تستعملهم الحكومة في أعمال بناء الطرق ومعسكرات الجيش وهدم الجبال بدون أي مقابل (سخرة)، إضافة إلى النهب والسلب والاغتصابات، وعدم انصافهم في حال تعرضهم لأي اعتداء من عرقية «الراخين»، فالحق مع البوذي مهما كان الأمر.

هل تلقى مسلمو الروهينجيا دعماً من المنظمات الإسلامية؟ وما أشكال هذا الدعم؟
هناك بعض الجهات الإسلامية تقدم الإغاثة لمسلمي الروهينجيا في مخيمات اللاجئين فقط على الحدود بين بنجلاديش وبورما، كالمواد الغذائية، وبناء المساجد والمدارس والأكواخ، وكفالة اليتيم. ولا تستطيع تقديم أي مساعدة داخل آراكان؛ لأن السلطات البورمية جعلت من ولاية آراكان سجناً مغلقاً بسياج حديدي من جهة الغرب، وسلسلة جبال طبيعية من الجهات الثلاث الأخرى، فهم في سجن كبير، ولا تسمح السلطات بإدخال أي معونات أو مساعدات، بل تمنع حتى إدخال أجهزة إلكترونية أو أجهزة تصوير (تكتيم إعلامي)، فالمنظمات الإسلامية لا تستطيع الوصول إلى الروهينجيا داخل ولاية آراكان.

كيف تعاملت الحكومة المركزية في ميانمار مع مسألة الروهينجيا؟ وهل المسلمون راضون عن أدائها؟
ما يحصل ضد مسلمي الروهينجيا هي خطة ممنهجة تم وضعها من قبل الحكومة العسكرية منذ عام 1962م، وما وقع على الأرض منذ ذلك التاريخ، هو فصل من فصول تلك الخطة الممنهجة، التي تهدف إلى استئصال الإسلام والمسلمين من بورما عامة، وولاية آراكان خاصة. فالحكومة المركزية الحالية - وهي عسكرية بلباس مدني - لا تبالي بهذه الأمور، بل تريد التخلص من الروهينجيا بأي طريقة كانت، كما صرح الرئيس البورمي «ثين سين» في شهر يوليو الماضي عندما قال: إن الروهينجيا ليسوا من عرقيات البلاد الأصلية، فعليهم أن يعيشوا في مخيمات للاجئين داخل آراكان، أو الانتقال إلى بلد ثالث يستقبلهم..
هذا الرئيس هو على رأس أعلى سلطة في البلاد يصرح بهذا التصريح العنصري الخطير، فماذا يفعل بقية الشعب إذاً؟! ولاشك أن هناك تنسيقاً واتفاقاً بين الحكومة المركزية والحكومة المحلية في آراكان، فكل ما يحصل في آراكان هو من تدبير الحكومة المحلية، والحكومة المركزية توافقها وتصادق عليها؛ لأنها تتفق مع الخطة الممنهجة الموضوعة سلفاً.

ما مطالبكم الآن؟
في السابق كان الروهينجيا لا يريدون سوى حق المواطنة وبقية الحقوق المدنية، كحرية العبادة، والتعليم والصحة والعمل وتملك الأراضي، والمشاركة في الحياة السياسية. وحالياً وبعد وقوع هذه المذابح الخطيرة، ووقوع هذا العدد الكبيرة من الضحايا، واستمرار نهج الحكومة في التطهير والإبادة؛ أرى أنه يجب إعادة التفكير في هذه المطالب، وأرى أنه حان الوقت لرفع سقف مطالبنا، فلا أقل من المطالبة بحكم ذاتي تحت نظام فيدرالي، إذ إن التضحيات التي قدمها شعبنا المكلوم، والأرواح التي أزهقت، والدماء التي أسيلت لا تستحق سوى هذا المطلب الشرعي.

باعتباركم رئيس «وكالة أنباء الروهينجيا».. ما طبيعة وكالتكم؟ ما مصادر تمويلكم؟
«وكالة أنباء الروهينجيا» هي مؤسسة إعلامية غير ربحية، وهي أول وكالة إخبارية تُعنى برصد أخبار الروهينجيا في العالم، وتستقي أخبارها عبر مراسلين من أرض الحدث، وعبر شراكة مع مختلف الوكالات والمواقع الإخبارية، وتوفر خدماتها لمختلف المؤسسات الإعلامية. وتمويلنا ذاتي، ونحتاج إلى كل يد تساعدنا وترتقي بعملنا.

هل أنتم مع تعايش الديانات والثقافات، أم أن الأزمة التي مرّ بها مسلمو الروهينجيا أكّدت لكم أنّ التعايش مجرد شعارات لا غير؟
مملكة آراكان منذ آلاف السنين تأوي العديد من الديانات، كالهندوسية والبوذية وقليل من النصرانية، وحتى بعد إعلان ملك آراكان في عام 1430م بتحويل مملكته إلى إسلامية؛ لم يكن هناك أي تفرقة أو تمييز تجاه بقية الديانات والمعتنقين لها من شعبها، فعاش الجميع بسلام، ولذلك دخل العديد من أفراد الديانات الأخرى الإسلام. ونحن المسلمين ومن منطلق ديننا وعقيدتنا نتعامل مع جميع الديانات بالحسنى، ونحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم، طالما أنهم غير معتدين، وهو ما تعلمنا من ديننا الإسلامي الحنيف.

لقراءة الحوار في المجلة:
http://magmj.com/index.jsp?inc=5&id=12852&pid=3656




التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث