الإثنين 20 شوال 1445 هـ | 29/04/2024 م - 07:17 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


الإسلام في بورما .. مأساة لها تاريخ
الإثنين | 05/11/2012 - 12:01 مساءً

إعداد: سميحة عبد الحليم
08/08/2012

يعيش المسلمون في بورما أشد محنة يتعرضون لها في تاريخهم، حيث تشن ضدهم حرب إبادة عنيفة من قبل جماعات بوذية متطرفة راح ضحيتها عدد كبير لا يمكن إحصاؤه بدقة.
محنة المسلمين في بورما أو (ميانمار) ليست جديدة في قسوتها ولا في تجاهل العالم لها.. فالمجازر التي نسمع عنها اليوم ليست سوى حلقة من سلسلة مجازر تكررت منذ استقلال بورما عام 1948.
ويبلغ عدد سكان بورما أكثر من 50 مليون نسمة، منهم 15% مسلمون، حيث يتركز نصفهم في إقليم أراكان ـ ذي الأغلبية المسلمة.
أعمال العنف الأخيرة بدأت في مطلع يونيو الماضي بسبب فتاة بوذية اتهمت ثلاثة مسلمين باغتصابها .. وحين انتشر الخبر قتل البوذيون ركاب باص مسلمين آتين للتو من العمرة .. وهكذا اندلعت بين الطرفين صدامات مسلحة رجحت بسرعة - بحكم الأغلبية وموالاة الحكومة - لصالح البوذيين الذين لم يترددوا في قتل أصحاب البشرة السوداء (كما يطلقون عليهم) تحت حماية الجيش والشرطة.
يعيش مسلمو ولاية أراكان الواقعة في غرب بورما أوضاعًا مأساوية، بعدما تحولت المواجهات التي يشهدها الإقليم إلى حرب شاملة ضد المسلمين في بورما .
وتعتبر ولاية أراكان (وهي عبارة عن شريط ترابي ضيق يقع على خليج البنغال) همزة الوصل بين آسيا المسلمة والهندوسية وآسيا البوذية، حيث يكاد يكون من شبه المستحيل التعايش بين أغلبية بوذية "الراخين" وأقلية مسلمة مُضطهدة "روهينج ياس".
كما تعتبر الأقلية المسلمة في بورما بحسب الأمم المتحدة أكثر الأقليات في العالم اضطهادًا ومُعاناة وتعرضًا للظلم المُمنهج من الأنظمة المُتعاقبة في بورما.
الأحداث الدامية الأخيرة التي يتعرض لها المسلمون في إقليم أراكان المسلم في بورما أعادت إلى الأذهان مآسي الاضطهاد والقتل والتشريد التي كابدها أبناء ذلك الإقليم المسلم منذ 60 عامًا على يد الجماعة البوذية الدينية المتطرفة (الماغ) بدعم ومُباركة من الأنظمة البوذية الديكتاتورية في بورما، حيث أذاقوا المسلمين الويلات وأبادوا أبنائهم وهجروهم قسرًا من أرضهم وديارهم .


جذور المأساة:

يعود تاريخ المسلمين هناك إلى عام 1430 حين أقيمت أول مملكة إسلامية في ولاية أراكان أو راخين بقيادة سليمان شاه .. وكان مُعظم رعايا هذه المملكة من المسلمين البنغال والهنود والتجار العرب الذين تزاوجوا عبر القرون مع البورميين من سكان المنطقة، حيث وصل الإسلام إلى أراكان في القرن السابع الميلادي، وأصبحت أراكان دولة مسلمة مستقلة.
واستمر الحُكم الإسلامي لثلاثة قرون قبل أن تدمرها مملكة البورميين المجاورة، حيث قام باحتلالها الملك البوذي البورمي (وداباي)، في عام 1784م وضم الإقليم إلى بورما خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة، وعاث في الأرض فسادًا فدمر كثيرًا من الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس، وقتل العلماء والدعاة، ومنذ تلك الحقبة والمسلمون يتعرضون لكافة أنواع التضييق والتنكيل والإبادة.
وفي عام 1824 دخلت بورما تحت الحُكم البريطاني فزاد عدد المسلمين بفضل الجنود الذين جلبهم البريطانيون من الهند للسيطرة على بورما (وكان أكثر من نصفهم مسلمين).
ويعود اضطهاد المسلمين "الروهينجا" تاريخيًا إلى الحرب العالمية الثانية، وفي وقت مُبكر عندما قامت القوات اليابانية بغزو بورما التي كانت آنذاك تحت الحُكم الاستعماري البريطاني..
وبعد استقلال بورما عام 1948 فشل المسلمون في انشاء دولة مستقلة بولاية أراكان، وهكذا تحولوا إلى أقلية مٌُضطهدة بين أكثرية بوذية وحكومات عسكرية غير محايدة .. وزادت أعمال القمع تجاههم بعد استيلاء الشيوعيين على السلطة (عام 1962) وتطبيق خطط مدروسة لتهجيرهم أو تذويبهم في المجتمع البوذي.
كما تعرض المسلمون للطرد الجماعي المُتكرر خارج الوطن بين أعوام 1962م و1991م حيث طرد قرابة المليون ونصف المليون مسلم إلى بنجلادش في أوضاع قاسية جدًا.
ومن المُمارسات التي مورست ضدهم هدم المساجد وإغلاق المدارس ومُصادرة الأراضي، ومنع ذبح الأبقار (في عيد الأضحى).. وفي عام 1982 أصدرت الحكومة الماركسية قرارًا يقضي بحرمان المسلمين (من عرقية الروهنجيا) من حقوق المواطنة والجنسية البورمية واعتبرتهم منذ ذلك التاريخ مهاجرين بنغاليين غير مرغوب فيهم (رغم أن بورما نفسها تتضمن 120 عرقية مُعترفا بها).
وفي كل مرة يندلع فيها الصراع كانت الحكومة تقف بجانب الأغلبية البوذية وتستغل الصراع لتنزع من المسلمين أراضيهم وتحولهم إلى مُشردين أو لاجئين دوليين .. وهكذا تم تهجير مليون ونصف المليون مسلم إلى بُلدان عديدة في تواريخ مختلفة .
ورغم أن أعمال الاضطهاد لم تتوقف يومًا ضد الأقلية المسلمة، تعرضوا أيضًا لمذابح حقيقية في عام 1982 وعام 1997 في ماندلاي (بسبب تدمير تمثالي بوذا في أفغانستان) وعام 2001 بسبب كتيب حكومي يحذر من ضياع العرقية البورمية بسبب المسلمين والمهاجرين من بنجلاديش .
ولا يزال مسلمو أراكان يتعرضون في كل حين لكل أنواع الظلم والاضطهاد من القتل والتهجير والتشريد والتضييق الاقتصادي والثقافي ومصادرة أراضيهم، بل مصادرة مواطنتهم بزعم مُشابهتهم للبنغاليين في الدين واللغة والشكل، وذلك لإذلالهم وإبقائهم ضعفاء فقراء وإجبارهم على الرحيل من ديارهم.


بداية المأساة الجديدة:

مع حلول الديمقراطية في ميانمار (بورما) حصلت ولاية أراكان ذات الأغلبية الماغية على 36 مقعدًا في البرلمان، أعطي منها 43 مقعدًا للبوذيين الماغين و3 مقاعد فقط للمسلمين، ولكن وبالرغم هذه المشاركة من المسلمين الروهنجيين لم تعترف الحكومة الديمقراطية التي ما زالت في قبضة العسكريين الفاشيين بالعرقية الروهنجية إلى الآن رغم المُطالبات الدولية المستمرة.
وقبل انفجار الأزمة في 18/7/1433هـ الموافق 8/6/2012م بأيام، أعلنت الحكومة الميانمارية البورمية بأنها ستمنح بطاقة المواطنة للروهنجيين في أراكان فكان هذا الإعلان بالنسبة للماغين بمثابة صفعة على وجوههم، فهم يدركون تمامًا معنى ذلك وتأثيره على نتائج التصويت - في ظل الحكومة الجمهورية الوليدة - ويعرفون أن هذا القرار من شأنه أن يؤثر في انتشار الإسلام في أراكان، حيث أن الماغين يحلمون بأن تكون أراكان منطقة خاصة بهم لا يسكنها غيرهم.
بدأ الماغيون بعد ذلك يخططون لإحداث أي فوضى في صفوف المسلمين، ليكون ذلك مبرراً لهم لتغيير موقف الحكومة تجاه المسلمين الروهنجيين فيصوروهم على أنهم إرهابيون ودخلاء، ويتوقف قرار الاعتراف بهم أو يتم تأجيله، وأيضًا لخلق فرصة لإبادة الشعب الروهنجي المسلم مع غياب الإعلام الخارجي كليًا، وسيطرة الماغين على مقاليد الأمور في ولاية أراكان.


البداية المفبركة:
عمد الماغيون في بلدة تاس ونجوك البوذية التي يندر وجود المسلمين فيها، والواقعة في الطريق المؤدي إلى العاصمة رانغون برصد تحركات المسلمين، فاتجهت - قدرًا- حافلة تقل مجموعة من العلماء والدعاة المسلمين منهم من عاصمة بورما "رانغون" ومن عاصمة ولاية أراكان "إكياب – سيتوي" وحين وصلوا إلى البلدة المذكورة هاجمهم مجموعة من الماغيين البوذيين وأمسكوا بهم، فوقعت المأساة والمذبحة البشعة فاجتمع على ضربهم وقتلهم قرابة الـ 466 من الماغيين الحاقدين في صورة تنعدم عندها كل معاني الإنسانية.


تبريرالمذبحة ..
وحتى يثير الماغيون الفتنة، ويخلقوا موقفاً لتبرير جريمتهم ادعوا أنهم فعلوا ذلك انتقامًا لمقتل فتاة بوذية زعموا أن أحد المسلمين اغتصبها وقتلها.


موقف الحكومة:
وجاء موقف الحكومة مُتواطئاً مع البوذيين ضد المسلمين، حيث قامت بالقبض على 4 من المسلمين بدعوى الاشتباه بهم في قضية الفتاة، وتركوا الـ 466 الذين شاركوا في قتل هؤلاء الأبرياء، مما يوضح بجلاء أن القضية ليست قضية فتاة إنما هي دعوى ترويجية لإحداث الفوضى وإبادة المسلمين بمُباركة من الحكومة وإعادة ما حصل قبل ستة عقود.

المصدر: أخبار مصر

 


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث