السبت 18 شوال 1445 هـ | 27/04/2024 م - 02:05 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


بعد طردهم من بورما، معاناة الروهينغا المسلمين في بنغلادش
الأحد | 29/03/2015 - 08:44 صباحاً
بعد طردهم من بورما، معاناة الروهينغا المسلمين في بنغلادش
الملاجئ المتواضعة لمخيم للاجئين الروهينغا بشملابور، في بنغلادش. هذا المخيم هو قيد إعادة البناء بعد أن غير مكانه. الصورة لآندرو داي.

وكالة أنباء الروهنجيا - فرانس 24

بعد اضطهادهم وطردهم من بورما، فر الروهينغا، وهم أقلية مسلمة، نحو مخيمات اللاجئين في بنغلادش المجاورة، حيث تنتظرهم ظروف عيش ليست بالمختلفة تماما عن تلك التي عرفوها في بورما. ومنذ شهر، قامت السلطات البنغلادشية بهدم مخيم لللاجئين جنوب البلاد دون سابق إنذار، بهدف تأمين التنمية السياحية للمنطقة. مراقبنا يروي لنا صعوبة عملية إعادة البناء والواقع اليومي الأليم لشعب لا يتمتع بأي حق ويفتقر إلى أبسط الأشياء.

شاهدوا على قناة فرانس 24: "الروهينغا…الشعب المحكوم بالمنفى"

كان مخيم الروهينغا يقع غير بعيد عن قرية شملابور للصيادين، في مقاطعة كوكسز بازار، التي تستقطب بشواطئها الممتدة على خليج البنغال عديد السياح. ولتبرير هدم المخيم، تحدثت السلطات عن ضرورة مسح الشواطئ. وهكذا دمر حوالي 2500 مسكن، ما أجبر آلاف الروهينغا (وهم 7000 حسب السلطات و35 ألف حسب صحيفة بنغلادشية) على التنقل إلى مكان آخر. بعضهم توجه نحو مخيمات أخرى غير رسمية في مقاطعة كوكسز بازار التي تحتضن المخيمين الرسميين الوحيدين في البلاد والمكتظين بالسكان. أما الآخرون، فقد نجحوا حسب مراقبنا في الاستقرار قرب المخيم الأصلي.

"من الوارد أن لا يجد البعض مأكلا طوال 48 ساعة"

أحمد (اسم مستعار) من الروهينغا ويعيش في مخيم قانوني في بنغلادش منذ 20 سنة، وهو على اتصال مع بعض الأصدقاء الذين يعيشون في شملابور.

هناك من الروهينغا من كانوا يعيشون في شملابور منذ 15 سنة وبين عشية وضحاها، طردوا من هناك. الشرطة لم تنذرهم من قبل، بل جاءت في مطلع شهر فبراير-شباط وأمرتهم بالرحيل فورا، قائلة أن هذا البلد ليس بلدهم، وأن من سيحاول منهم البقاء سيزج به في السجن. أما المخيم، فقد هدم تماما.

عدد لا بأس به من اللاجئين استطاعوا الاستقرار مجددا غير بعيد عن مكان المخيم الأصلي، في الجهة المقابلة من الطريق الساحلية، ولجؤوا وراء مساكن بنغلادشية متواضعة. معظهم اليوم يعيش في ظروف متدهورة للغاية تحت خيام بلاستيكية. أما الآخرون، فقد صنعوا لأنفسهم مساكن من أعواد القصب قد تغطيها قطع من البلاستيك أو قد تكون دون سقف.

هناك الكثير من الاحتياجات الطارئة : فالمخيم يفتقر للطعام، خاصة الأرز والغذاء الغني بالبروتينات. من الوارد أن لا يجد البعض مأكلا طوال 48 ساعة. أحيانا، يذهب بعضهم إلى القرى المجاورة ويطرق أبواب البيوت طلبا لبعض القوت.

هناك كذلك نقص فادح في الماء الصالح للشرب: أحيانا يقبل بعض البنغلادشيين نقل الروهينغا إلى أقرب مخيم رسمي، الواقع على مسافة 45 كم، كي يأخذوا بعض الماء، لكن اللاجئين مجبرون أغلب الوقت على شرب ماء البحر أو مياه الأنهار الراكدة، ما تسبب عنه في السابق حالات من الإسهال، زيادة عن احتمال انتشار أوبئة عديدة مثل الكوليرا.


نظرا لانعدام الماء الصالح للشرب، يجبر الروهينغا على شرب مياه الأنهار الراكدة. الصورة لأندرو داي

أغلب رجال المخيم من الصيادين وهم يعملون عند بنغلادشيين في شملابور يمتلكون مراكب صيد. الصيادون الروهينغا يتقاضون تقريبا ثلث أجر البنغلادشيين رغم أنهم يقومون بنفس العمل، لكن أصحاب المراكب يعتبرون أنهم يعيشون عالة على أبناء البلد… وهذا الأمر غير عادل إطلاقا.

"مازال هناك الكثير للقيام به: هناك حاجة ملحة للأغذية والأدوية والوصول إلى المياه الصالحة للشرب"

أندرو داي عامل إغاثة كندي يدير حملات تمويل من أجل الروهينغا على الإنترنت، وهو يزور منذ أشهر مخيمات اللاجئين في بنغلادش حتى يساعد على توفير الحاجيات الأولية.

قمنا بزيارة هذا المخيم قبل يوم من تدميره، وبمجرد أن علمنا بهذا الخبر، عدنا إلى هناك لتقديم يد العون. الروهينغا الذين نجحوا في الاستقرار قرب المكان الأصلي للمخيم حظوا باستقبال جيد من قبل البنغلادشيين الذين قبلوا إيجار قطعة أرض حتى يتمكن اللاجئون من بناء بعض المساكن. كان عليهم إعادة بناء كل شيء منذ البداية، وقد ساعدناهم في بناء بيوت الراحة وإعادة بناء المدرسة بأعواد القصب بعد أن انهار جزء منها خلال موسم الأمطار (انظر للصور).




صور لبيوت الراحة قبل وبعد تدخل أندرو داي (الصورة له).

صور التقطها أندرو داي قبل وبعد إعادة بناء جزء من المدرسة.

"كل الأعمال الشاقة أو المهينة هي من نصيب الروهينغا"

شملابور مخيم ليس بالكبير وهو بعيد نسبيا عن حدود بورما، ما يجعل هذا المكان آمنا تقريبا بالنسبة للروهينغا خاصة وأنهم يتعايشون بسلام مع البنغلادشيين. لكن الوضع ليس بهذه السهولة في المناطق الأخرى. فعادة ما تكون ظروف الحياة أصعب بكثير في المخيمات الموجودة قرب قرى أو مدن كبرى أو غير بعيد عن الحدود مع بورما. هذه المناطق تشكو من الفقر المدقع وتنتشر فيها الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات أو الأشخاص أو بيوت الدعارة. عموما، كل الأعمال الشاقة أو المهينة هي من نصيب الروهينغا، الذين غالبا ما يجدون أنفسهم مرغمين على بيع المخدرات لكسب قوتهم. وطبعا، كذا ممارسات لا تساهم إلا في تشويه صورتهم أكثر فأكثر في نظر البنغلادشيين، حتى أن هؤلاء يمنعونهم أحيانا من الحصول على الماء الصالح للشرب.


امرأة من الروهينغا قام سكان بنغلادشيون بكسر الأواني التي تستعملها لجمع الماء. الصورة لأندرو داي

لا يمكن القول أن لحكومة بنغلادش سياسة واضحة تجاه اللاجئين الروهينغا. مهما كان المخيم، فإن وضع الروهينغا في بنغلادش كارثي. إنهم لا يتمتعون بأي حق بديهي، ولا يحملون أية جنسية، ولا يكتنفهم أي قانون، ولا يتمتعون بأي نوع من الحماية. قد يُتهمون بارتكاب أية جريمة ولن تكون لديهم أية وسيلة للدفاع عن أنفسهم فلا أحد سيشكك في قول مواطن بنغلادشي لتصديقهم.

منذ 1978، فر مئات الآلاف من الروهينغا من منطقة أراكان في بورما، حيث يتعرضون بانتظام إلى اضطهادات عنيفة، يشارك فيها الرهبان البوذيون. حكومة بورما لا تعترف بهم كمواطنين، وذلك تطبيقا لقانون مثير للجدل. الروهينغا يعيشون اليوم في مخيمات للاجئين في بورما حيث تمنع عنهم الحكومة وصول الإغاثة الإنسانية، أو في بنغلادش التي استقبلتهم لفترة معينة باسم التضامن بين المسلمين قبل أن تشدد سياستها تجاههم.

في بنغلادش، يعيش حوالي 30 ألف لاجئ في المخيمات الرسمية بينما يوجد 300 ألف من الروهينغا خارج هذه المخيمات. وقد أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في 2013 متحدثة عن المخيمات الرسمية أن اللاجئين فيها "يتمتعون بكل الاحتياجات الأولية "، لكنها اعترفت بأن المكان لا يمنح "أي مستقبل ولا أية وسيلة للمساهمة في تطور المجتمع"، علما وأن لا وجود لصفوف هناك بعد المدرسة الابتدائية، مضيفة "نحن نطلب من السلطات خلق فرص أخرى لللاجئين". من جهتها، أكدت الحكومة البنغلادشية أكثر من مرة أنها تعمل على تحسين ظروف عيش الروهينغا وعلى نقلهم إلى "مكان أحسن" من مخيمات مقاطعة كوكسز بازار، لكن دون أن تقترح مشروعا واضحا. وقد صنفت منظمة الأمم المتحدة الروهينغا من ضمن الأقليات الأكثر اضطهادا في العالم.


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث