الجمعة 17 شوال 1445 هـ | 26/04/2024 م - 11:15 مساءً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


مسلمو الروهنجيا.. الكرة التي يركلها الجميع!
الأربعاء | 15/10/2014 - 03:16 مساءً

مجدي راشد - مجلة أكتوبر
12 أكتوبر 2014

لم تفلح التحذيرات التى أصدرتها الأمم المتحدة، والنداءات التى أطلقها على استحياء بعض قادة دول العالم على مدار السنوات الماضية، فى منع ممارسات التصنيف العرقى الممنهج الذى تمارسه السلطات فى ميانمار، بحق أكثر من مليون شخص من مسلمى الروهينجا الذين تحولوا إلى كرة يركلها الجميع أينما شاء..ووقتما شاء، فى أجواء تشبه الفصل العنصرى، يتزعمها نشطاء بوذيون!
وبدأت مأساة مسلمى الروهينجا البالغ عددهم نحو 1.1 مليون مسلم، والذين عاشوا لأجيال متعاقبة فى ولاية «راخين» غرب ميانمار، حين أقرت حكومة ميانمار «بورما سابقا» والتى يسيطر عليها البوذيون قانونا للمواطنة فى عام 1982، استبعدوا بموجبه أقلية «الروهينجا» المسلمة، مما جردهم جميعا من الجنسية، وحرمهم من بطاقات الهوية التى يحتاجونها فى كل نواحى الحياة بدءا من الالتحاق بالمدارس وتوثيق عقود الزواج وانتهاء بالحصول على عمل واستخراج وثائق المواليد والوفيات.
وتفاقمت المأساة فى عام 2012، بعد مقتل المئات من الروهينجا فى أعمال عنف ارتكبها البوذيون، وأدت إلى تشريد أكثر من 140 ألفا فى ولاية راخين وحدها، وفى أعقاب ذلك نزح نحو 90 ألف روهينجى خلال العامين الأخيرين إلى بلدان مجاورة مثل تايلاند وماليزيا والهند وبنجلاديش..بينما ظل الناجون من هذه المجزرة يعيشون كالسجناء فى مخيمات أو قرى معزولة وسط قيود شديدة على الحركة وعلى كافة أشكال الحياة الاجتماعية.
وهكذا أصبح مسلمو الروهينجا فى ميانمار وغيرها من الدول المجاورة التى فروا إليها، من بين نحو عشرة ملايين شخص «بدون» أو بلا جنسية فى أنحاء العالم.
أما التطور الأخير، والذى جاء مكملا لسياق الفصل العنصرى الممنهج لسلطات ميانمار ضد مسلمى الروهينجا، فجسدته «مسودة خطة» وضعتها حكومة ميانمار مؤخرا، لتضع أبناء أقلية الروهينجا المسلمة أمام خيارين كلاهما صعب.. فإما قبول إعادة التصنيف العرقى كمواطنين بنغاليين يتبعون دولة بنجلاديش مع احتمال منحهم المواطنة، أو الزج بهم فى غياهب السجون فى حالة رفضهم هذا التصنيف، حيث ستتم معاملتهم حينها كمهاجرين غير شرعيين.
وتقترح الخطة أن تقيم السلطات المحلية بولاية راخين التى تقطنها أغلبية بوذية «مخيمات مؤقتة لمن يرفضون تسجيل أسمائهم أو من لا يملكون الوثائق الملائمة».. علمًا بأن هناك الكثيرين من الروهينجا فقدوا وثائقهم أثناء أعمال العنف والقتل والتشريد التى تعرضوا لها قبل عامين، وهناك أيضا من رفضوا فى السابق تسجيلهم كمواطنين بنغال، وهو ما تسعى الحكومة لإجبارهم عليه الآن بموجب الخطة الجديدة.
ولا تكاد الظروف التى يعيش فيها أبناء الروهينجا فى ميانمار تختلف كثيرا عن غيرهم ممن لجأوا إلى البلدان المجاورة، إذ تؤكد تقارير لجماعات حقوق الإنسان أن لاجئى الروهينجا بين المجموعات الأكثر عرضة للخطر فى الهند. وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، إن هناك نحو تسعة آلاف من أقلية الروهينجا مسجلون فى دلهى يعيش معظمهم حياة بائسة فى مخيمات متناثرة حول المدينة.. بينما يعيش آلاف آخرون غير مسجلين فى مناطق أخرى مثل جامو وحيدر أباد، وهم يجاهدون للحصول على قوت يومهم من خلال أعمال يدوية متواضعة، ولا يحصلون على أى فرص للتعليم أو تلقى العلاج.
وفى بنجلاديش المتاخمة لميانمار، يوجد ما بين 200 إلى 500 ألف من الروهينجا وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، من بينهم 32 ألفا فقط مسجلين رسميا، ويعيشون فى مخيمين حكوميين على بعد نحو كيلومترين فقط من ميانمار. بينما يعيش معظم اللاجئين الروهيجا ببنجلاديش فى ظروف تصفها منظمة أطباء بلا حدود بأنها «ظروف يرثى لها» وذلك فى مستوطنات غير رسمية أو بلدات ومدن فقيرة للغاية.
ويتجاوز عدد الروهينجا فى ماليزيا 300 ألف لاجىء، لكن السلطات فى كوالالمبور تقدرهم بـ 127 ألفا فقط، ورغم تعهد الحكومة الماليزية بعدم إعادتهم إلى ميانمار بسبب الاضطهاد الممنهج ضدهم، إلا أن منظمة العفو الدولية انتقدت أكثر من مرة تصرفات الحكومة الماليزية تجاه اللاجئين الروهينجيين وطالبتها بمنحهم بطاقات تحول دون تعرضهم للاعتقال التعسفى أو الترحيل.
هذه الأوضاع المأساوية التى يعانيها الروهينجا لخصتها إحدى نساء هذه الأقلية المضطهدة، بقولها: «لا أعرف شيئا عن القوانين.. كل بلد يركلنا ككرة القدم والناس يلعبون بنا من دولة إلى أخرى..نريد أن يتخذ العالم قرارا بشأننا وأن يعطونا رقعة فى أى بلد يمكن أن نسميها وطنا».


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث