الجمعة 17 شوال 1445 هـ | 26/04/2024 م - 01:19 مساءً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


النهاية السعيدة فى ميانمار ضرب من الخيال
الجمعة | 18/07/2014 - 02:26 مساءً

ديفيد بيلينج - الفاينانشيال تايمز
16 يوليو 2014

ميانمار قصة تنتظر نهاية روائية، فالابنة الجميلة للبطل القومى المغتال واجهت الجنرالات الأشرار خلال سنوات من السجن الوحشى، وعلى مدار عقود، سحقوا الدولة وحطموا الاقتصاد وحاربوا الأقليات العرقية فى المناطق الحدودية البرية.
وبالنهاية هجر الجنرالات الوحشية، وأطلقوا سراح “السيدة” وبدأوا تحولاً ملحوظاً نحو الديمقراطية، كما أطلقوا سراح السجناء السياسيين، وفكوا وثاق الصحافة، ورفعت عنهم العقوبات، وتوقف اطلاق النار عبر الأراضي.
وكل ما تبقى هو عودة الجيش إلى ثكناته والسماح لأميرة الرواية، أونج سان سو كى، بتولى منصبها المستحق كقائدة الدولة الديمقراطية والسلمية والرغيدة، وأصبح هذا الأمر وشيكاً لدرجة تشعرك بأن يمكنك لمسه.
ولكن يبدو أن الحال لن يكون على هذا النحو، فمن الواضح بعد ثلاث سنوات فى الفترة الانتقالية، وعلى بعد أقل من 18 شهراً قبل الانتخابات التى سوف تجعل سو كى رئيسة، أن النهاية لن تكون سعيدة للغاية، وهناك على الأقل ثلاث مشكلات فى حبكة القصة.
أولا، على الأرجح لن تصبح سو كى رئيسة للبلاد، على الأقل ليس بعد الانتخابات الرئاسية مباشرة فى ديسمبر المقبل، فالشهر الماضى، وصوتت اللجنة البرلمانية ضد تغيير الدستور الذى يمنع أى أحد من الترشح للرئاسة اذا كان زوجه أو أولاده يحملون جنسيات أجنبية، وأبناء سو كى الاثنان مواطنان بريطانيان.
وعلى افتراض بقاء النظام الانتخابى الحالى، سوف يحتاج حزب الرابطة القومية للديمقراطية الذى تتزعمه سو كى أن يفور بثلثى المقاعد ليحصل على أغلبية ضئيلة فى البرلمان، وهذا لأن الجيش يحتفظ بـحق الحصول على %25 من المقاعد، وهو أمر من غير المرجح أن يتغير.
واذا استطاع حزب سو كى الفوز بأغلبية، فسوف يكون بإمكانها اختيار الرئيس، وطالما أنها لن تكون الرئيس يمكن أن تختار وكيلاً ضعيفاً وتدير هى المشهد من وراء الكواليس، وبعد كل شيء، حتى أكثر المتحمسين لها يشكون فى امتلاكها ما يتطلبه الأمر لادارة الدولة.
ثم ماذا بشأن الأرض السلمية؟ ما يثير الدهشة أن المحادثات مع الأقليات العرقية، التى حارب بعضها الحكومة المركزية على مدار نصف قرن، تسير بشكل جيد، وباستثناء ولاية كوشين، يوجد وقف اطلاق النار مع الجماعات العرقية الرئيسية.
ولا يوجد شك فى أن السيناريو النهائى سيكون دولة فيدرالية، ولكن الوقت آخذ فى النفاد، ولضمان السلام قبل الانتخابات، ينبغى على جميع الأطراف توقيع اتفاقية وقف اطلاق نار بحلول أغسطس، وهذا يبدو صعبا.
فلا يزال التوصل لتسوية سياسية دائمة أصعب بكثير، حتى اذا تحقق، لن يجلب أمنا كاملا، فمعظم حدود ميانمار لا تخضع للقانون، ويسيطر عليها مهربو المخدرات والنساء والخشب والأفراد، كما أن انهاء الحرب أمر يختلف عن احلال السلام.
وهناك تحدٍ أكثر خطورة وهو ظهور القومية البوذية وعنفها الشنيع ضد المسلمين الذين يشكلون أكثر من %10 من السكان، وتعرض عشرات المسلمين فى ولاية راخين، الواقعة على الحدود مع بنجلاديش، إلى القتل وأجبروا على ترك منازلهم إلى مخيمات قذرة.
وانتشر العنف فى داخل البلاد، ففى مارس الماضى، قتل 43 شخصاً فى وسط مدينة مختيلا، أما الشهر الجارى، فقد تم فرض حظر تجوال فى ماندالاى بعد اختطاف وضرب مسلم وبوذى حتى الموت.
ثالثا، أى دولة مزدهرة من المفترض أن تترأسها سو كي؟ فالناتج المحلى الاجمالى للفرد الواحد فى ميانمار 870 دولاراً، أى أقل من بنجلاديش، ومعظم الشعب ليس لديه كهرباء، وقد تدفق المستثمرون إلى الدولة بحثا عن فرص فى السوق الحدودى الجديد ولكن قليلاً منهم من استثمر فعليا.
ولا تنفك واشنطن تراجع العقوبات، وتبقى الكثير من “المقربين” من الجنرالات فى القائمة السوداء، ووصل اجمالى الاستثمار الأمريكى المباشر فى الدولة إلى 244 مليون دولار، مقارنة بـ14 مليار دولار صبتها الصين فى الدولة، وقال أحد الباحثين إنه من بين سكان ميانمار البالغ عددهم 55 مليوناً إلى 60 مليون نسمة لا يوجد سوى 120.000 أسرة تعد من الطبقة المتوسطة.
ولا يجب أن نشعر بالدهشة، فماذا نتوقع فى دولة كانت معزولة ومسلوبة ومحصورة فى حرب لخمسة عقود؟ فقد أثبت الربيع العربى أن التخلص من الديكتاتوريين هو أسهل جزء، كما أن القليل جدا من جيران ميانمار يشكلون نموذجا للديمقراطية والاستقرار.
وقال ريتشارد هورساى، محلل رائد لشئون ميانمار، اننا اخطأنا فى تصوير ميانمار بطريقة شديدة البساطة وهى “السيدة المبدعة أمام الجنرالات الأشرار”، مضيفا أن الدولة كانت مكانا مدمرا للغاية منذ الاستقلال، وفكرة أن اطلاق سراح امرأة واحدة سوف يصلح كل شيء كانت ضربا من الخيال من البداية.


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث