السبت 18 شوال 1445 هـ | 27/04/2024 م - 08:14 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


وجهوا سهامكم إلى البوذيين لا إلى بعضكم
الخميس | 19/12/2013 - 09:12 صباحاً

مُحمّد مُصْطَفى إِدْرِيْس – عضو متعاون في وكالة أنباء الروهنجيا
جدّة - 13صفر 1435هـ

الحمدُ للهِ والصّلاةُ والسّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمُرسَلينَ؛ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِه أجمَعينَ .. وبعد: ‏
ففي فجرِ هذا اليومِ شعرتُ ببرودةٍ شديدةٍ في الجوِّ، وأحسَسْتُ أيضاً بأنّ شدّةَ البرودةِ قد تكونُ صنفاً من ‏أصنافِ العذابِ لِبنِي البشرِ!‏
تذكّرتُ حِينَها مِئاتٍ وآلافًا مِن البشرِ من بني جلدتنا ومن المُسلمينَ السّوريين يذوقون هذا العذابَ أو أشدَّ ‏منه؛ هناك في العراءِ داخلَ مُخيّماتٍ هَشّةٍ بَالِيَةٍ! بلِ البَعضُ مِنهُم لَمْ يَحْظَ حتى بمثلِ هذَا السَّكَنِ البالِي! ‏

وتذكّرتُ أيضاً أنّ درجاتِ الحَرارةِ بِالشّام أشدُّ بأضعافِ ما نذوقه نَحْنُ هُنا فِي المَنَاطِقِ الدّافِئةِ، وأنّ إخوتَنَا ‏في المُخيّماتِ وفِي العَرَاءِ دَاخِلَ بُورمَا وَفِي حُدودِ بنغلاديشَ؛ يَذُوقُونَ لَسْعَاتِ البردِ الشّديدِ المصحوبِ ‏بالأمطارِ الغَزِيرَةِ! ‏

وعندَها لم أمْلكْ إلا أن أدْعُوَ اللهَ بِكلّ إخلاصٍ وَخُشُوعٍ؛ أنْ يَلْطُفَ بِكلّ هَؤلاءِ المُسْتَضْعَفِينَ في الأرضِ ‏والمُضْطهِدِينَ مِنَ المُسلِمينَ فِي مَشارقِ الأرضِ ومَغَارِبِهَا. اللّهمّ إنّا نَلْتَجِئُ إليكَ، ونَتَوَكّلُ عليكَ، ونَسْألُكَ ‏التّمكينَ، وَنَتوبُ إليكَ وَنَسْتَغْفرُكَ من أنْ وصَلنا إلى هذه الحَالِ مِنَ الذُّلِّ والهَوَانِ! ‏
إخْوتِي وأحبّتِي .. أيُعْقَلُ أن نَجْلِسَ مُطمَئِنّينَ فِي دِيَارِنَا وَنَنامَ بِكُلّ رَاحَة بَالٍ وإخْوتُنَا يُعَانُونَ الظّلمَ والبَطْشَ ‏مِنَ الأعداء! ويُعَانُونَ ظرُوفَ الحَيَاةِ الصّعبةِ من بردٍ قارسٍ، وأمطارٍ مُهلِكَةٍ، وسيولٍ جارفةٍ، ومعيشةٍ غير ‏آمنةٍ في العَرَاءِ دُونَ أن يُّحرِّكَ ذلك كلُّه فينا سَاكِناً، وكأنّهم ليسوا بشراً مثلنا؟ أوْ ليسُوا مسلمينَ إخْوةً لنا في ‏ديننا ونَسَبِنَا؟! ‏

فأينَ الغَيُورُونَ مِن أُمّتِي؟ أيْنَ مَنْ يَشْعُرُونَ بِحُرْقَةِ الدّمّ المُشْتَرَكِ؟ وَأَيْنَ مَنْ قَبِلُوا بِتقليدِهِم مَنَاصِبَ عَظِيمَةٍ فِي ‏سَبِيْلِ خِدْمَةَ الشّعُوبِ المُضْطَهَدَةِ؟ ‏
أخْرِجُوا لَنَا سُبُلاً للدّعمِ، وَأَوْجِدُوا لَنَا وَسَائِلَ لإغاثةِ شَعْبِنَا، وبيّنُوا لَنَا طُرُقاً للمُسَاعَدَةِ، والله ثمّ والله إنّ ‏الجميعَ مَسؤولٌ عن كل فرد ماتَ بِسَبَبِ إِهْمَالِنَا وَتقصِيرِنَا! و كلُّنا مُسؤولونَ عِنْدَ رَبّنَا عَن تَقْصِيرِنَا فِي ‏البَحْثِ عنْ وَسَائِلَ فَاعِلَةٍ وعَمَلِيّةٍ فِي سَبِيلِ دَعْمِ إِخْوَانِنَا ونصرتِهِم. ‏
البَعضُ مِنَّا ذَهَبَ لِسُؤالِ رَأسِ الكُفْرِ لِيَسْتَنْجِدَ بِهِ! وَالبَعْضُ الآخرُ يَلهَثُ خَلْفَ الغَرْبِ مُتَأمّلاً مِنْهُم الخَيرَ ‏وَالإغَاثةَ! سُبْحَانَ الله! أيْنَ ضَيَّعْنَا إِيْمَانَنَا؟ وأَيْنَ تَوَكّلُنَا بِاللهِ العَليّ القَدِيرِ؟ ‏

إِخْوَتِي المَسْؤُولِينَ، لَقَدْ كَانَتْ مَشِيئةُ اللهِ أنْ وُكِل إِليْكُم كثيرٌ مِنَ المَسْؤولِيّاتِ؛ فاجْتهِدُوا فِيها، وَقُومُوا بِأدَائِها ‏عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ؛ فَالأمّة مُحْتاجَةٌ بِشدةٍ إلى كُلّ جُهْدٍ يُبْذَلُ فِي سَبِيلِ نُصْرَتها ورفعِ الذلِّ الواقعِ عليهَا. ‏
وَجّهُوا طَاقَاتِكُم وَأفْعَالَكُمْ إِلَى المَيْدَانِ الفِعْلِيّ؛ فَقَد طَوّلْتُم وَأسْرَفْتُم في الاهتِمَامِ بِالفَرعِيّاتِ، وَالأعمَالِ ذاتِ ‏الفَوَائِدِ الصّغِيرَةِ والمحدودةِ؛ فالوَقتُ يَمْضِي عَلـَى أُمّتِنَا، وَأنتُم غافلونَ ماكثونَ في القِيلِ وَالقالِ! ‏

تَأَسَّفْنَا كثيرًا عَلى تلكُمُ المُجَادَلاتِ الإعلاميّةِ، والاخْتِلافاتِ الشديدةِ التي اشتَعلتْ نِيرانُها فِي الأيّام المَاضِيّةِ ‏‏.. ترَاشُقَاتٌ بِالألفاظِ، وَتَلاعُنَاتٌ صَرِيحَةٌ، وَهُجُومٌ هُنَا، وَصَدًّ هُنَاكَ، وَأمَتُنَا تُبَاد عَلى بَكْرَةِ أبِيْهَا بأراكان!!‏

‏ لَو ظَلَلْنَا هَكذا بِضْعَةَ سِنِينَ أُخْرَى فَلَنْ يَكُونَ هُنَاكَ شَعْبٌ يُقَالُ لَهُمْ (مُسْلِمُو الرُّوهَنْجِيَا)، ولا بلد يقال له ‏‏(أراكانُ) المُسْلِمَة!‏
‏ لا يُوجَد هُنَاكَ الآنَ فِي دَاخِلِ أراكانَ إِلا عَددٌ قليلٌ، ولا يُوجَدْ بِهَا إِلا العَجَائِزُ وَالنّسَاءُ والأطفالُ! وَقلِيلٌ مِنَ ‏الشّبَابِ، والغالبيةُ الكُبرى من رجالِهم وشبابِهم إمّا فِي المُعْتقلاتِ، أو فِي مُخَيّماتِ النّازِحِينَ، أو فِي بُلْدَانِ ‏المَهْجَرِ! فَالمَوجُودُونَ الضّعَفَاءُ إِذًا كَيفَ يَصْمُدُونَ أَكْثَرَ؟ وَكيفَ يُدَافِعُونَ عَنْ أنْفُسِهِم؟ وَكيْفَ ... ؟ وَكيْفَ ‏‏... ؟ ‏

البُوذِيون هُناكَ يَعْمَلُونَ ليلَ نهارَ وينصبونَ العِدَاءَ على أهالِينا، وينفِّذونَ الإبَادَةَ ضدَّهم بِهَمَجِيّةٍ وَإِصرَارٍ ‏شَدِيدٍ؛ وَنَحْنُ هُنا نُعَادِي بَعْضَنَا بِأشَدَّ هَمَجِيّةً، وَأكثَرَ عُدْوَاناً! تَلاعُنٌ وَتلاسُنٌ وَتَرَاشُقٌ بِالألفاظِ، وَإقصَاءٌ ‏وَتَهْمِيشٌ، وَفَصْلٌ عُنْصِرِيٌّ، وَتَمْيِيْزٌ بَيْنَ البَعْضِ، وَتفْضِيْلُ أشْخَاصٍ عَلى بَعْضِهم بِسَبَبِ العِدَاءِ ‏وَالاخْتِلافِ؛ فإِلَى مَتَى يَا أُمّتِي؟ إِلَى مَتَى تَظَلُّ فِينَا هَذِهِ الحَالُ المُؤْلِمَةُ؟!‏


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث