الجمعة 19 رمضان 1445 هـ | 29/03/2024 م - 03:26 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


تحليل: كيف تؤثر القيود على المساعدات على الروهنجيا في بنجلاديش
الأربعاء | 20/11/2013 - 06:47 صباحاً
تحليل: كيف تؤثر القيود على المساعدات على الروهنجيا في بنجلاديش
الروهنجيا قلقون بخصوص المستقبل - الصورة: كايل نايت/إيرين

وكالة أنباء الروهنحيا - (إيرين): تستمر محدودية الوصول الإنساني في التأثير سلباً على حياة مئات الآلاف من اللاجئين الروهنجيا في ‏جنوب شرق بنجلاديش. ويقول عمال الإغاثة والناشطون أن مجتمعات الروهنجيا تخشى أن الدعم القليل الذي يتوفر لديها قد يتلاشى ‏نتيجة التهديدات التي أطلقتها الحكومة البنغالية بزيادة القيود على الأنشطة الإنسانية‎.‎

وقال مونرول إندروس، وهو موظف من عرقية الروهنجيا يعمل لدى منظمة إنسانية دولية في منطقة كوكس بازار، لشبكة الأنباء ‏الإنسانية (إيرين) دون الكشف عن اسمه الحقيقي: "عندما نسمع أن المنظمات الإنسانية قد تغادر من هنا، أشعر بشعور سيء حقاً. فكل ‏العلاج [الطبي] والدعم الذي نحصل عليه، لن نحصل عليه بعد الآن. على الأقل لدينا الآن مرحاض ومياه جارية وبعض الرعاية ‏‏[الطبية‏].‎
ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يعيش أكثر من200,000  شخص من الروهنجيا في بنجلاديش، من بينهم ‏‏30,000 لاجئ مسجل يعيشون في مخيمين حكوميين تشرف عليهما الوكالة ويقعان على بعد كيلومترين اثنين من ميانمار. وتعيش ‏الغالبية العظمى من الروهنجيا في مستوطنات غير رسمية أو بلدات ومدن بمساعدة ضئيلة أو معدومة‎.‎
ويُسمح للمفوضية بمساعدة الأشخاص الذين سجلوا اسماءهم لديها قبل عام 1992، عندما تم وقف عملية التسجيل من قبل الحكومة، ‏مما ترك معظم الروهنجيا - وهم أقلية عرقية ولغوية ودينية فرّت بشكل جماعي من ميانمار المجاورة قبل عقود - بلا تسجيل. ووفقاً ‏لقانون ميانمار، يعتبر الروهنجيا عديمي الجنسية، وهو ما يترك مئات الآلاف من الذين وصلوا في وقت لاحق إلى بنجلاديش دون ‏وثائق أو تسجيل، ويعيشون في "ظروف يرثى لها"، وفق وصف منظمة أطباء بلا حدود في أحدث تقرير لها‏‎.‎

وكانت المساعدة المتوفرة الروهنجيا غير ثابتة منذ بعض الوقت. ففي يوليو 2012، أمرت حكومة بنجلاديش ثلاث منظمات غير ‏حكومية دولية بارزة - وهي منظمة أطباء بلا حدود، والعمل ضد الجوع‎ (ACF) ‎، ومنظمة العون الإسلامي - على وقف ‏المساعدات للروهنجيا في كوكس بازار ومحيطها، مما أثار القلق مجدداً حول وضعهم المتدهور، بما في ذلك ارتفاع مستويات سوء ‏التغذية ونشوء بيئة تعج بسوء المعاملة والإفلات من العقاب‎.‎

وتصر دكا منذ وقت طويل أن وجود المنظمات الإنسانية في مجتمعات الروهنجيا يخلق "عامل جذب" للمزيد منهم لدخول البلاد. وقد ‏أنحت باللائمة فيما يخص موجات العنف الطائفي بين المسلمين والبوذيين في بنجلاديش على هذه الأقلية المضطهدة في ميانمار ‏وقيدت حركتها‎.‎
وفي يونيو 2012، أعلن وزير الخارجية في بنجلاديش أن الحكومة لن تفتح حدود البلاد أمام الفارين من العنف الطائفي في ميانمار، ‏على الرغم من طلب المفوضية إبقاء الحدود مفتوحة‎.‎

ويوجد أكثر من 176,000 شخص الآن بحاجة إلى المساعدة عبر الحدود في ميانمار، بعد موجتين من العنف الطائفي بين السكان ‏البوذيين من عرقية راخين والروهنجيا المسلمين في ولاية راخين في يونيو وأكتوبر 2012. وقد تسببت هاتان الموجتان في مقتل ‏‏167 شخص وتدمير أكثر من 10,000 منزل ومبنى، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).‏
وفي ميانمار، يعيش أكثر من 140,000 نازح داخلياً، معظمهم من الروهنجيا المسلمين، في أكثر من 70 مخيماً وأماكن تشبه ‏المخيمات. كما يعيش 36,000 شخص من الضعفاء في 113 مجتمعاً مضيفاً معزولاً ونائياً في مينبيا وميبون وباوكتاو ومراوك يو ‏وكياوكتاو وسيتوي في ولاية راخين‎.‎

هبوط المؤشرات الصحية
وفي عام 2010، وجدت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان‎ (PHR)‎، وهي منظمة حقوقية مقرها الولايات المتحدة، أن معدلات ‏سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة كانت أعلى من 18 بالمائة في بعض مستوطنات الروهنجيا غير المسجلين في ‏بنجلاديش، لتتجاوز عتبة الـ 15 بالمائة، وهي العتبة "الحرجة" التي حددتها منظمة الصحة العالمية‎.‎
ووفقاً للمنظمة الدولية للاجئين‎ Refugees International، وهي منظمة مناصرة لقضايا اللاجئين تتخذ من المملكة المتحدة ‏مقراً لها، وصلت معدلات سوء التغذية في مخيم واحد غير رسمي في عام 2013 ضعف عتبة الطوارئ، مع إصابة 30 بالمائة من ‏سكان المخيم بسوء التغذية‎.‎
ونعتت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان المخيمات بأنها "سجون في الهواء الطلق"، مضيفة أن "اللاجئين يتركون ليموتوا من ‏الجوع‎".‎


لا يزال معظم الروهنجيا في بنجلاديش من دون توثيق - الصورة: كايل نايت/إيرين

ولكن ولكن من دون حساب دقيق لعدد الروهنجيا الموجودين في الواقع في البلاد، فإنه من الصعب المضي قدماً. وقال ستينا ليونجديل، ‏ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بنجلاديش أن "هناك إدراكاً عاماً في بنجلاديش بوجود عدد أكبر من ‏الروهنجيا في البلاد من أولئك المسجلين في المخيمات‎".‎

ويعمل عدد قليل من المنظمات في المخيمات المسجلة وغير المسجلة على حد سواء، ومنها منظمة العمل ضد الجوع التي تقوم ‏بمعالجة قضايا سوء التغذية والصرف الصحي، ولكن القيود المفروضة على المعونات تعرقل المساعدات على نطاق أوسع‎.‎

العنف ضد المرأة مصدر قلق كبير
وقالت بينارا سليل (ليس اسمها الحقيقي)، وهي أم من الروهنجيا تبلغ من العمر 38 عاماً ولديها ثلاثة أطفال تعيش في مخيم تديره ‏مفوضية الأمم المتحدة للاجئين: "عندما اقتحم أحد الرجال المحليين بيتي وبدأ في اغتصابي، علم جميع جيراني بذلك، لكنهم لم يفعلوا ‏شيئاً لأنهم يعرفون أنه لا يوجد نظام عدالة للاجئين‎".‎
وقامت بينارا بإبلاغ إدارة المخيم والمفوضية بعد ذلك مباشرة، ولكن الأمر استغرق شهرين إلى ثلاثة أشهر قبل أن يتمركز حارس ‏أمن مؤقتاً بجانب منزلها، ولم تتم معاقبة الجاني أبداً‎.‎
ويشير الخبراء أيضاً إلى تزايد العنف ضد الروهنجيا ، مشددين على ضرورة الحصول على العدالة‎.‎

وقد أصبحت البيئة العامة حول بعض مستوطنات الروهنجيا أكثر عدوانية في الآونة الأخيرة، "مع اندلاع المشاجرات وارتفاع ‏معدلات العنف ضد المرأة" وفقاً لما قالته ميلاني تيف، أحد المناصرين البارزين لدى المنظمة الدولية للاجئين في حديثها لشبكة ‏الأنباء الإنسانية (إيرين) من لندن. وأضافت قائلة: "بدون تسجيل أو أي وضع قانوني في بنجلاديش، لا يتمتع اللاجئون الذين يقعون ‏ضحية لهذا العنف بأي حماية قانونية‎".‎

الحالات اليائسة تتطلب اتخاذ تدابير استثنائية
ومن دون المساعدات الغذائية، يضطر الأشخاص غير المسجلين إلى القيام بأنشطة غير قانونية من أجل البقاء‎.‎

وقال إندروس: "لدينا مراحيض ومياه، ولكن الناس بحاجة أيضاً إلى السكن والغذاء. بما أننا لا نملك ذلك، علينا إيجاد عمل لدفع ‏تكاليف السكن والغذاء". وفي يناير 2013، أصدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بياناً قالت فيه أن "الأشخاص ‏‏[الذين يعيشون خارج المخيمات الرسمية] قد وجدوا وسائل غير رسمية من أجل البقاء من دون دعم الحكومة أو المفوضية‏‎".‎
ولكن يمكن لمثل هذه الأساليب في التأقلم أيضاً أن تعرض هؤلاء الأشخاص لخطر الإساءة والاعتقال، حيث قال إندروس: "عندما ‏نغادر منازلنا الآن للبحث عن عمل تقابلنا نقطتا تفتيش حتى قبل الوصول إلى أول مدينة. وإذا تم الإمساك بنا، تطلب الشرطة منا المال ‏أو يتم إرسالنا إلى السجن‎".‎

وفي بنجلاديش، وهي واحدة من أكثر بلدان العالم كثافة سكانية، "تعتبر المنافسة القوية على العمل ومساحات العيش والموارد أمراً ‏لا مفر منه على المستوى المحلي ولذلك يبقى الروهنجيا عديمو الجنسية عرضة للأخطار،" وفقاً لما ذكرته منظمة أطباء بلا حدود في ‏عام 2010‏‎.‎
أيدي المنظمات الإنسانية مقيدة؟
ويقول المراقبون أن العدد الهائل من الروهنجيا في بنجلاديش يشير إلى فشل الجهود الإنسانية، مع وجود "فجوة بين أعداد الأشخاص ‏الموجودين فعلياً في البلاد، والأعداد المعترف بها رسمياً من قبل وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن حمايتهم، والحكومة المضيفة" ‏وذلك وفقاً لتشاودري أبرار، أستاذ العلاقات الدولية ومنسق وحدة أبحاث اللاجئين وحركات الهجرة في جامعة دكا الذي أشار إلى ‏أن  10 بالمائة فقط من جميع الروهنجيا يتمتعون بالحماية الدولية‎.‎

وقال ليونجديل، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: "على الرغم من أن المفوضية لا تشارك في تقديم المساعدة ‏‏... [قمنا] لسنوات عديدة بدعوة السلطات البنغالية لاتباع نهج أكثر شمولاً فيما يتعلق بجميع حالات نزوح الروهنجيا ‏‎".‎
وفي مراجعة عام 2011 لعمل المفوضية السامية مع الروهنجيا في بنجلاديش قالت الوكالة أنها لم تتمكن "من وضع استراتيجية ‏فعالة لمناصرة" حقوق مئات الآلاف من الروهنجيا غير المسجلين والمقيمين في "ظروف شبيهة بحالات الطوارئ" في مواقع مؤقتة‎.‎

وحذر أبرار أن هذه الآثار لن تبقى محدودة ضمن سكان الروهنجيا قائلاً: "لن يقتصر تفشي المرض على المخيمات وحدها، على ‏سبيل المثال، بل سوف يؤثر على الجميع في المنطقة. وعدم الحصول على المساعدات الإنسانية لتوفير الخدمات الأساسية يعجل في ‏حدوث ذلك‎".‎




التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث