أورخان محمد علي - إستنبول
كانت بورما - مثلها مثل الهند - تحت الاستعمار الإنجليزي، وكان مسلموها - كمسلمي الهند- يكنّون حبًا كبيرًا للدولة العثمانية، وكانت خطب الجمعة تُقرأ فيها وفي الهند باسم سلاطين آل عثمان، فقد كان سليمان القانوني يستعمل عنوان: "الخلافة الكبرى" ويعد نفسه حاميا للمسلمين من آسيا الوسطى إلى الهند، ومن المحيط الأطلسي إلى سومطرة، وعندما تعرض السلطان علاء الدين -سلطان سومطرة- إلى هجوم البرتغاليين أسرع بطلب المساعدة من خليفة المسلمين السلطان "سليمان القانوني" الذي لم يتأخر عن إجابة طلبه فأرسل له البواخر المحمّلة بالمدافع ووحدات المدفعية.
وبينما كانت المسيحية تنتشر في الغرب نتيجة للكشوفات الجغرافية، لم يكن من السهل أمام أوروبا التوسع بسهولة نحو الشرق؛ لأنها كانت تجد أمامها الدول المسلمة في هذه المنطقة وتجد الإمبراطورية العثمانية أمامها أيضا؛ لذا قررت الإحاطة بها وإضعافها.
وقد كتب البابا "جوليس الثاني" رسالة إلى ملك البرتغال يطلب فيها منه إبعاد المسلمين عن البحار ونهب "مكة"، والقضاء على جميع المسلمين!.
وقد قام العرب بنقل الإسلام إلى جنوبي آسيا، وبمساعدة الأتراك تم نشره. وعندما انتقلت الخلافة إلى العثمانيين أقام "بابور خان" - وهو من سلالة تيمورلنك - دولة "بابور" في الهند (1856 - 1526)
الوضع السياسي اليوم لبورما
يقود بورما اليوم المجلس العسكري الذي يرأسه الجنرال "ثان شوي"، والبلد يدار منذ سنة 1962 من قبل حزب واحد هو "حزب البرنامج الاشتراكي البورمي" وهو حزب العسكريين. وفي سنة 1988 بدأت حركة ديمقراطية في البلد بقيادة السيدة "يونج سان سوكي" الحائزة على جائزة نوبل للسلام، وجرت الانتخابات بعد تعدد الأحزاب في جو من التجربة للديموقراطية. ونجح حزب هذه السيدة وهو "حزب الشعب الديمقراطي" نجاحا كبيرا في هذه الانتخابات؛ إذ حصل على 80% من الأصوات، ولكن العسكريين لم يبالوا بهذه الانتخابات ولم يعطوا الفرصة للسيدة "يونج سان سوكي" لتشكيل الحكومة، بل وضعوها تحت الحراسة في منزلها.
وبحجة استجواب اللاجئين ولكي تبرهن حكومة "نوين" على أن مقاطعة "آراكارا" ذات الأغلبية المسلمة مقاطعة بوذية قامت بعملية أطلقت عليها اسم "عملية الملك دراغون"؛ فجمعت الأهالي من القرى الصغيرة، ووضعتهم في معسكرات تحيط بها الأسلاك الشائكة، واستمرت العملية في ظل الوحشية والظلم، فهدمت القرى والجوامع والمدارس الإسلامية، وتمت عمليات تعذيب وحشية وارتكبت جرائم بشعة وانتهكت الأعراض. ونتيجة لهذه الأعمال الوحشية اضطر 300 ألف من مسلمي "روهينكيا" إلى ترك مقاطعة " آراكارا" عام 1978 ولجئوا إلى "بنجلاديش". وبدلا من أن يعطي النظام الحالي الحقوق الطبيعية للمسلمين فاٍنه يسعى إلى إبادتهم.
وينظر البوذيون إلى المسلمين باعتبارهم "مواطنين ضيوف".. أي يعُدون المسلمين - الذين كانوا في وقت من الأوقات حكام البلد - ضيوفا طارئين. وعندما تكون هناك مشكلة متعلقة بالمسلمين فاٍن جميع منظمات حقوق الإنسان في العالم تكون خرساء ولا تنبس ببنت شفة، وكأنها جميعا قد تواصت بهذا الصمت.
وقد انتهز البوذيون هجرة المسلمين عن قراهم ومزارعهم فبدءوا بالاستيلاء على ممتلكات المسلمين. وبعد قيام المجلس العسكري بالاستيلاء على الحكم منذ عام 1988 زادت الضغوط على المسلمين في بورما، فتحت حجة "التنمية المهنية" ساقوا العديد من النساء المسلمات في معسكرات جماعية وانتهكوا أعراضهن، وبعد أن حملت بعضهن أجبروهن على الزواج من رجال الأمن البوذيين في المعسكرات. كما سيق المسلمون الذين أُجلوا عن مساكنهم وبيوتهم للعمل الإجباري من قبل الجنود.
الأمم المتحدة تؤازر الظالمين
وقد قامت مؤسسة (UNHCR) التابعة للأمم المتحدة عام 1995 بنشر تقرير ذكرت فيه أن رجوع هؤلاء المهاجرين المسلمين إلى ديارهم وأراضيهم يُعد شيئا خطرا، وبعد تعاونها مع حكومة بورما في الأشهر الأخيرة ذكرت أن الوضع أصبح ملائما لعودة المسلمين إلى منطقة "آراكان"، والحقيقة أن هذا الموقف لمؤسسة (UNHCR) يرمي إلى خداع الرأي العام العالمي ولا سيما العالم الإسلامي الذي يهتم بهذا الموضوع.
والمعروف أنه تُعطى دروس إجبارية في الدين البوذي للأطفال المسلمين في المدارس الابتدائية في مدينة "آكياب" عاصمة مقاطعة "آراكان"، ولا يستطيع أولياء هؤلاء الطلاب الاحتجاج على هذه البرامج الدراسية؛ لأنهم يخافون قيام المسؤولين بطرد أبنائهم من المدرسة، وليس للطلاب المسلمين الحق في تعلم دينهم في المدارس. أي أن الزعم بأن الحرية الدينية موجودة في بورما زعم باطل ولا يتجاوز إطلاق الشعارات. والحقيقة أن سياسة النظام في بورما تتلخص في شعاره الآتي: "لكي تكون بورميا عليك أن تكون بوذيا".
المسلون يتبرعون لبناء المعابد البوذية
يوجد في بورما ما يزيد على خمسة آلاف جامع، وما يزيد على خمس عشرة ألف مدرسة دينية للمسلمين، ويدار أكثرها من قبل مسلمي "روهينكيا"، وهذه المؤسسات لم تعد تكفي لمواجهة حاجات المسلمين هناك. وقد بدأ البوذيون المتعصبون في استخدام أموال المسلمين في بناء المعابد والمؤسسات البوذية في "آراكان"، وكمثال على هذا.. أمر قائد هذه المنطقة بجمع التبرعات بالقوة من المسلمين لبناء معبد بوذي في قرية "شوجاه" شمالي قصبة "ماونكداغ" وتم فعلا جمع ما يقارب سبعين ألف قياط (الدولار الواحد يعادل سبعة قياطات)، والمسلم الذي يتمنع عن التبرع يُعرّض نفسه لصنوف مختلفة من التعذيب، ويُطالب الآن عدد من المسلمين بترك بيوتهم لبناء هذا المعبد.
ومثال آخر من قرية "نانراغونه".. هذه القرية قرية مسلمة ولا يوجد فيها بوذي واحد، ومع ذلك فإن الجيش يريد بناء معبد بوذي فيها، وقد طلب من أصحاب مائة بيت من المسلمين ترك بيوتهم لبناء هذا المعبد دون أن يعطوا لهؤلاء المسلمين بيوتا بديلة.
سيل من المهاجرين إلى بنجلاديش
نتيجة للظلم والتعسف الذي يتعرض له المسلمون في بورما فقد تجدد سيل المهاجرين إلى بنجلاديش ولا سيما من قرى "بوثيداونج" و"بانّا كيون" ،و "كياوكتاو" و"منبيا" و"ميابون"، وقد توجه في الفترة الأخيرة ما يقارب عشرة آلاف رجل وامرأة وطفل إلى بنجلاديش من هؤلاء المسلمين فرارا من الظلم والتعسف.
وقد اضطر قسم من هؤلاء إلى اللجوء إلى معسكر اللاجئين في "دوم دوميا روهينكيا". ولا يستطيع المسؤولون في هذا المعسكر توزيع الطعام لهؤلاء اللاجئين، بل يسمحون لهم بالبقاء في المعسكر فقط.
المصدر: إسلام أون لاين