26-09-2012
(تتسلم زعيمة المعارضة أرفع جائزة أمريكية ومن قبل تسلمت جائزة نوبل للسلام، ودماء المسلمين تسفك على أرضها، وكأنها صماء بكماء عمياء، لا يحركها بكاء الثكالى من نساء المسلمين، ولا توجع الأطفال، ولا دمائهم التي تسفك ليل نهار، ولم يحركها ما يتعرض له المسلمون من إبادة على يد الجماعات البوذية العنصرية، والجيش البورمي الذي تدعي- الزعيمة- معارضته).
حتى تكون معارضا مقبولا في الشرق والغرب (من الدول الكبرى ومن حكومة بلدك) عليك أن تعادي المسلمين، أو على الأقل، عليك أن تتجاهل قضاياهم ومشاكلهم.
هذا بالضبط ما يحدث مع كثيرين مما يدَّعون المعارضة والبطولة والنضال من السياسيين في غالب دول الغرب.
وفي بلادنا رأينا أقرانهم يجتمعون ويحتشدون باسم المعارضة والإصلاح، وما احتشادهم واجتماعهم إلا طمعا في السلطة، وكرها ومعاداة لتيارات الإسلام السياسي، الراغبة في تطبيق الشريعة وحاكميتها.
أما معارضو الغرب- أو الغالب منهم- فقد رأيناهم يقفون مع كل قضية عدا قضايا المسلمين، ويناصرون كل أحد شريطة ألا يكون مسلما. وأصدق مثال على هذا الرأي ما يحدث الآن في بورما التي يتعرض المسلمون فيها لمذابح جماعية، تحت سمع العالم وبصره، وأمام من يدعون المعارضة والنضال ضد حكومة بورما.
فها هي زعيمة المعارضة البورمية "اونغ سان سو تشي" تطوف العالم وتستقبل استقبال الملوك والفاتحين، دون أن نسمع منها ذكرا لما يحدث للمسلمين في بورما، وما تنتهجه الحكومة البورمية من سياسيات لقتل المسلمين وإبادتهم.
فعلى طريقة استقبال النجوم، استقبلت زعيمة المعارضة والمناضلة التاريخية في بورما "اونغ سان سو تشي" في المنتدى الاقتصادي العالمي لشرق آسيا، في العاصمة التايلاندية، بانكوك، ثم تلا ذلك زيارتها إلى أوروبا، وقبل ذلك كانت في لقاء خاص مع الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون".
حدث كل هذا دون أن تبين للعالم جرائم حكومتها– التي تعارضها- تجاه المسلمين في إقليم أراكان البورمي.
ورغم أسبقية هذه الزيارات لأحداث بورما المأساوية، إلا أن الأخيرة لم تحدث من فراغ، وكان لها أسبابها ودواعيها، وكان من الممكن منعها، لو اتخذت الإجراءات المناسبة، وقامت المعارضة التي تتزعمها "اونغ سان سو تشي" بالدور المنوط بها؛ بالمطالبة بحقوق المسلمين المسلوبة، وتغيير الثقافة السائدة عنهم.
ومؤخرا حطت الزعيمة البورمية رحالها على أرض الولايات المتحدة الأمريكية، في زيارة تستمر لثلاثة أسابيع، وهي الأولى لها إلى هذا البلد الذي قدَّم لها دعما مطلقا، منذ أن رفعت عنها الإقامة الجبرية عام 2010م.
وخلال هذه الزيارة تسلمت الزعيمة البورمية أرفع ميدالية مدنية أمريكية، وهي الميدالية الذهبية للكونجرس في واشنطن، وجرى الاحتفال في الكونغرس بعد أربع سنوات على منحها تلك الجائزة التي لم تستطع تسلمها آنذاك، بسبب تعرضها للإيقاف.
تتسلم زعيمة المعارضة أرفع جائزة أمريكية ومن قبل تسلمت جائزة نوبل للسلام، ودماء المسلمين تسفك على أرضها، وكأنها صماء بكماء عمياء، لا يحركها بكاء الثكالى من نساء المسلمين، ولا توجع الأطفال، ولا دمائهم التي تسفك ليل نهار، ولم يحركها ما يتعرض له المسلمون من إبادة على يد الجماعات البوذية العنصرية، والجيش البورمي الذي تدعي- الزعيمة- معارضته.
وفي هذا دلالة قوية على تواطؤ الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا في دعم المعارضة الناعمة التي تخدم مصالحها، ولا تتعارض مع سياستها الخارجية.
وفيه دلالة أخرى على أن السياسة الأمريكية لم تتغير تجاه المسلمين، فسياستها هي هي في كل بلدان العالم، حيث التجاهل لقضاياهم، والدعم الكامل لمعارضيهم.
وهذا الموقف تتفق فيه أمريكا وغالب دول الغرب، ويؤكده ما أقدمت عليه أمريكا مؤخرا، من شطبها لاسم الرئيس البورمي "ثين سين" من اللائحة السوداء للأشخاص الخاضعين لعقوبات أميركية بسبب مشاركتهم في القمع السياسي في بورما.
يأتي هذا الشطب بعد تصريحات الرئيس البورمي المخزية تجاه المسلمين، حيث اعتبر أن الحل الوحيد المتاح لأفراد أقلية الروهينجيا المسلمة يقضي بتجميعهم في معسكرات لاجئين أو طردهم من البلاد.
فأمريكا تكرم وتحابي من ضربوا بحقوق المسلمين عرض الحائط، ومن ضربوا بحقوق المسلمين عرض الحائط يتمادون بدورهم في تجاهلهم للمسلمين، وتعنتهم في حل قضاياهم ومشاكلهم، ليقع المسلمون ضحية بين سندان المعارضة الناعمة ومطرقة الحكومات المستبدة الغاشمة.
المصدر : موقع مركز التأصيل للدراسات والبحوث