الخميس 18 رمضان 1445 هـ | 28/03/2024 م - 10:44 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


باحث إسرائيلي: إندونيسيا كلمة السر في حل مشكلة مسلمي الروهينجا
الثلاثاء | 03/01/2017 - 08:08 صباحاً
باحث إسرائيلي: إندونيسيا كلمة السر في حل مشكلة مسلمي الروهينجا

وكالة أنباء الروهنجيا - مصر العربية

تشهد بورما ( ميانمار) صراعا عرقيا عنيفا يتم خلاله إبادة الأقلية المسلمية على يد الأغلبية البوذية. إندونيسيا الدولة الديمقراطية الجديدة نسبيا، تحاول حل الصراع بطرق سلمية وترسيخ هوية إقليمية مشتركة بين الأعضاء في منظمة جنوب شرق أسيا (ASEAN).

كان هذا ملخص مقال للدكتور "جيورا إليراز" زميل أبحاث في معهد "ترومان" بالجامعة العبرية بالقدس المحتلة، تناول فيه بزوغ نجم إندونيسيا كقوة إقليمية صاعدة، مستعرضا الأوضاع في بورما بالقول "تزايدت التوترات العرقية خلال الشهور الماضية في ولاية أراكان بشمال غرب ميانمار بين الأغلبية البوذية والأقلية المسلمة، الروهينجا، التي يقدر تعدادها بنحو مليون وتم سحب الجنسية من الكثيرين من أبنائها".

التوترات في بورما ترافقها تقارير عن ممارسة قوات الأمن العنف، وتأتي على خلفية عملية إصلاحات سياسية في البلاد، التي انفتحت منذ عام 2011 تدريجيا على العالم الخارجي، وأقامت نظام حكم مدني بعدما سيطر عليها على مدى نصف قرن العسكر، وعانت من عزلة دولية.

نقطة مهمة عملية الإصلاح تمثل في فوز جارف في انتخابات 2015 لحزب "أونغ سان سو تشي"، الحاصلة على جائزة نوبل، والتي تمثل النضال الوطني الطويل ضد النظام العسكري. لذلك تطرح علامات استفهام في العالم حول الصمت التقليدي لـ"سو تشي" حيال ما يحدث في بلدها.

لكن "سو تشي" مقيدة بسبب الإجراءات السياسية والدستور الجديد الذي فرضه العسكر بهدف الحفاظ على قوته السياسية. فكان أن حدد أن ربع مقاعد البرلمان مخصصة لأعضاء يعينهم الجيش، وأن ثلاثة حقائب وزارة هامة، الداخلية، والدفاع وشئون الحدود، خاضعة لعناصر الجيش، كذلك هناك مادة في الدستور "جرى تفصيله على مقاس سو تشي"، يمنعها من تولي منصب رئاسة البلاد، بعد فوزها في الانتخابات، لأن اثنين من أبنائها يحملان جنسية أجنبية. نتيجة لذلك تولت منصبا باهتا "مستشارة الدولة"، إلى جانب منصب وزيرة الخارجية. لكن يتضح للجميع أنها الشخصية التي تقود فعليا الإدارة المدنية الجديدة.

أحد اللاعبين على الساحة الذي يتابع باهتمام كبير الخطوات الداخلية في بورما هو المنظمة الإقليمية لدول جنوب شرق أسيا (ASEAN)، التي تضم بورما إلى جانب إندونيسيا، وكمبوديا وفيتنام ولاوس وتايلند وماليزيا وسنغافورة وبروناي دار السلام والفلبين. مصطلح "جنوب شرق أسيا" حديث نسبيا. وُلد إبان الحرب العالمية الثانية انطلاقا من رغبة الحلفاء في تحديده كساحة حرب ذات خطوط فريدة من نوعها. منذ ذلك الوقت اتخذت خطوات في مجالات مختلفة لتعزيز هوية إقليمية مشتركة لتلك الدول، بما في ذلك إنشاء (ASEAN).

لكن المنظمة تواجه سلسلة من المشاكل الأساسية والمصاعب. إذ تعاني من عدم تجانس كبير في المكونات الأساسية لأعضائها، كاللغة والثقافة والدين، والبنية الاجتماعية، ومستوى التطور الاقتصادي وأنظمة الحكم. كذلك يبرز تعارض المصالح بين أعضائها، وعدم وجود آليات إنفاذ تنظيمية، ومخاوف الدول الأعضاء من المساس بسيادتها وكذلك تردد معين من القيادة غير الرسمية في إندونيسيا.

غياب هوية إقليمية مشتركة يصعب من العمل الفاعل. كتبت أديبة إندونيسية مؤخرا :”في المدرسة درسنا الـ ASEAN وقالوا لنا إننا رجالها دون أن نفهم معنى المصطلح أو نستخدمه خارج الفصول الدراسية". على هذه الخلفية يثير الاهتمام كيف تسعى إندونيسيا لتجنيد ASEAN لدفع الديمقراطية في بورما، وتعزيز هوية إقليمية مشتركة بهذه الطريقة.

على خلفية عدم التجانس الكبير لدول المنظمة، يبرز عنصر مشترك لمعظم الدول الأعضاء- عدم وجود ديمقراطية حقيقية. إندونيسيا ومن منطلق قوتها هي الزعيمة الحقيقة للمنظمة. في عام 1998 بدأت مسيرة مذهلة لبناء ديمقراطية. بورما على العكس، اشتهرت بسوء سمعتها فيما يتعلق بالقمع السياسي والانتهاكات الحادة لحقوق الإنسان، على الأقل حتى الانتقال للحكم المدني. سلوكياتها هذه تسببت في عدم ارتياح بين الدول الأخرى الأعضاء في المنظمة، التي سعت للحصول على اعتبار ومكانة على الساحة الدولية.

انضمت بورما للمنظمة عام 1997 في أواخر حكم الديكتاتور الإندونيسي سوهارتو. لكن الموقف من بورما تغير تماما منذ ميلاد الديمقراطية في إندونيسيا، إذ بدأت في نقل الرسائل للطغمة العسكرية الحاكمة هناك بضرورة إحلال الديمقراطية. في 2007 تمكنت إندونيسيا في تضمين بند في ميثاق المنظمة بالسماح لشعوب المنطقة بالعيش في بيئة عادلة، ديمقراطية ومتجانسة.

حدثت هذه الخطوة بعد أسابيع قليلة فقط من قمع سلطات بورما احتجاجات شعبية واسعة دخلت التاريخ باسم "ثورة الزعفران" باسم لون جلاليب الرهبان الذين قادوا الاحتجاجات. دعت منظمة ASEAN آنذاك السلطات في بورما لاتخاذ سلسلة من الخطوات للتطور الديمقراطي وإحلال الديمقراطية، بما في ذلك الحوار مع المعارضة، بعد ذلك بسنوات تمخضت جهود إندونيسيا عن الموافقة على بيان حقوق الإنسان الخاص بالمنظمة.

اتخذت إندونسيا هذه الخطوات بفضل سياستها الخارجية والمسار الديمقراطي الذي انتهجته، في 2004 شهدت انتخابات ديمقراطية ثانية. الثقة في المستقبل بدأت تنعكس أيضا على سياستها الخارجية في اتجاهين: ثقتها في قدرتها على التحول للاعب مهم على الساحة الدولية ومحاولاتها لدفع الديمقراطية وحل الصراعات بالطرق السلمية في منطقتها وفي العالم الإسلامي برمته بما في ذلك العالم العربي.

هذه السياسة تبلورت في عهد الرئيس "سوسيلو بامبانغ" (2004-2014) الذي أراد أن يظهر للغرب وتحديدا الولايات المتحدة أن إندونيسيا أكبر دولة إسلامية تعدادا للسكان، هي رسول التغيير في العالم الإسلامي، واستمرت هذه السياسة إلى الآن في عهد الرئيس "جوكو ويدودو" ، والذي يسعى خلال السنوات الماضية إلى قيادة حوار في مسألة الانتقال الديمقراطي في مصر وتونس.

على هذه الخلفية سعت إندونيسيا لتشجيع بورما على إحلال السلام والديمقراطية من خلال المنظمة، بما في ذلك من خلال موافقتها عام 2014 على تولى بورما منصب الرئيس الدوري للمنظمة.

وتحرص إندونيسيا حاليا، رغم الأحداث العنيفة في إقليم أراكان، على الاستمرار في تعزيز العلاقات مع القيادة المدنية في بورما، وتأكيد حضورها للمساعدة في التحول الديمقراطي وحل الصراع العرقي الديني بالطرق السلمية. وهي تتميز بذلك عن ماليزيا، الذي يلعب عنصر الهوية الدينية بالنسبة لها دورا هاما في سياستها الخارجية، إذ تتهم دائما بورما بارتكاب مذابح جماعية عرقية واسعة النطاق ضد الأقلية المسلمة، وطالبت بإعادة النظر في عضويتها بالمنظمة.


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث