السبت 11 شوال 1445 هـ | 20/04/2024 م - 09:54 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


مأساة مسلمي الروهينجا.. يهربون من القتل في بلادهم ليباعوا عبيدًا في تايلاند
الأحد | 16/08/2015 - 12:43 مساءً
مأساة مسلمي الروهينجا.. يهربون من القتل في بلادهم ليباعوا عبيدًا في تايلاند

وكالة أنباء الروهنجيا - بوابة الأهرام

عديمو الجنسية، مشردون ولا يرغب في وجودهم أحد، لذلك لم يكن لهم خيار سوى الهروب إلى البحر في محاولة يائسة لعل أمواجه تصل بهم حيث الأمان النسبي في تايلاند، إنهم مسلمو الروهينجا الذين يعانون الاضطهاد والقتل في بلادهم ليهربوا من هذا الكابوس لواقع أكثر بشاعة، وذلك كما جاء في تحقيق بجريدة "الأهرام" اليوم.

900 دولار هو الثمن الذي يدفعه قادة القوارب الكبيرة فى تايلاند لـ "سمسار البشر" الذي يبيع لهم المهاجرين الفارين من جحيم بلادهم ليعملوا بالسخرة فى تجارة الأسماك على متن القوارب التايلاندية، وذلك بعد أن حوّل بعض الصيادين المحليين نشاط قواربهم إلى نقل مهاجري الروهينجا بدلا من صيد الأسماك، حيث تبدو تجارة العبيد مربحة للغاية.

وكان تحقيق لصحيفة "الجارديان" البريطانية قد كشف عن روابط قوية بين تجارة الصيد التايلاندية وبين عصابات التهريب الدولية التي كانت تحتجز – حتى وقت قريب – الآلاف من مهاجري الروهينجا في معسكرات بالغابات, حيث أشارت شهادات العديد من الناجين والسماسرة ومجموعات حقوق الإنسان إلى أن المئات من رجال الروهينجا قد بيعوا بالفعل عن طريق شبكة معسكرات الاتجار بالبشر التي اكتُشفت مؤخرا في جنوب تايلاند.

وحسبما أفادت شهادات البعض ممن تم بيعهم من المعسكرات إلى القوارب، فقد حدث ذلك مرارا بعلم وتورط بعض المسئولين في الدولة التايلاندية، حتى إنه في بعض الحالات تورط موظفين تابعين لمراكز احتجاز المهاجرين هناك في تسليم المهاجرين من الروهينجا للسماسرة تمهيدا لبيعهم إلى قوراب الصيد فيما بعد.

وفي حالات أخرى، قام مسئولون تايلانديون بتسلم المهاجرين فور وصولهم لشواطئ البلاد من المتاجرين بالبشر، ونقلهم إلى معسكرات الغابة حيث يتم احتجازهم هناك إما للحصول على فدية ممن يقدر على ثمنها أو بيعهم لقوارب الصيد كعبيد وعاملين بالسُخرة.

التقرير كشف أيضا أن حجم شبكات الاتجار بالبشر التي تجني أرباحها الطائلة من وراء من يُطلق عليهم "لاجئو القوارب" لعدم حصولهم على أي أوراق رسمية تفيد انتماءهم لدولة ما، أصبح في ازدياد خلال الأسابيع الماضية.

بداية المأساة كانت حينما فر عشرات الآلاف من الروهينجا تحت وطأة التطهير العرقي الذي ترعاه الدولة في بورما, وفي مارس، أخبر يانجي لي – المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في بورما – مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عن الوضع هناك في مخيمات النازحين داخليا من الروهينجا أنه كان من الصعوبة بحيث لم يكن للناس سوى خيارين اثنين، إما "البقاء والموت" أو "المغادرة بالقوارب".

غير أن محنة هؤلاء الضحايا قد استقطبت الاهتمام الدولي في الآونة الأخيرة عقب اكتشاف عدد من السفن المهملة التي حوت مئات من المهاجرين واللاجئين الروهينجا المتضورين جوعا، حيث رفضت تايلاند وماليزيا وإندونيسيا السماح لهم بالنزول إلى الشواطئ.

وفي مايو، اكتشف المسئولون في تايلاند عددا من سجون الغابات والمقابر الجماعية التي استخدمها المتاجرون كأماكن احتجاز ومقار لإتمام الاتفاقات وعمليات البيع، كانت معسكرات الغابات تلك بمثابة سجون مكشوفة في الهواء الطلق يقبع فيها المهاجر أسيرا حتى يحرره ذووه مقابل فدية مالية غالبا ماتتجاوز الألف جنيه. كما تعرض المحتجزون هناك لاعتداءات عدة تراوحت مابين الاغتصاب والتعذيب والضرب حتى الموت.

وللتأكيد على رواج تجارة العبيد فى تايلاند يروي أحد السماسرة لصحيفة "الجارديان" أنه باع نحو 100 شخص من مخيمات الغابة خلال العام الماضي لقادة القوارب التايلاندية مقابل ربح يقترب من 30ألف بات تايلاندي، أي ما يعادل حوالي 900 دولار للفرد الواحد. وأضاف أن هؤلاء القادة كانوا يلقون بالمهاجرين فى البحر حين يصبحون بلا فائدة حقيقية.

ورغم الحملة التي شنتها الحكومة التايلاندية ضد استخدام السُخرة، تشير الأدلة إلى أن بيع الروهينجا المحتجزين في الغابات ظل قائما حتى وقت مبكر من هذا العام.

وفي هذا الصدد، تواجه تايلاند ضغوطا غير مسبوقة لمعالجة مسألة الاتجار بالبشر وتطهير صناعة صيد الأسماك بها، حيث أمهلها الاتحاد الأوروبي – بدءا من شهر أبريل – ستة أشهر للقضاء على الصيد غير القانوني والانتهاكات بحق العمال، إما ذلك أو ستضطر لمواجهة حظر تجاري قد يودي بها لخسارة مايقرب من مليار يورو سنويا في صادرات المأكولات البحرية. ونتيجة لذلك، في الأشهر الأخيرة، وفي محاولة لتفادي حظر الاتحاد الأوروبي، ومن جانبها ذكرت السلطات التايلاندية انها تتخذ إجراءات صارمة وتعمل على إغلاق جميع معسكرات الاتجار بالروهينجا النشطة, بالإضافة إلى العمليات المكثفة التى تقوم بها الشرطة للقبض على السماسرة الذين يقومون بعملية البيع.

غير أن الجماعات الناشطة في مناهضة الاتجار بالبشر تعتبر أن التغييرات التي أجرتها السلطات التايلندية ليست كافية لإحداث تغيير حقيقي، وهو ما أكدته ميلسا سبيربر مديرة تحالف القضاء على الرق والاتجار بالبشر، وهو ائتلاف من عدة منظمات مناهضة للتهريب والاتجار بالبشر، قالت إنه منذ تخفيض رتبتها في تصنيف العام الماضي.

وقد أعلنت تايلاند عن تشريعات أكثر صرامة للتصدي لعمليات الاتجار، غير أننا لم نلحظ أي دليل على تحسن حقيقي, فهي مجرد تغييرات شكلية وتجميلية بالأساس، وأنها لا تعدو مجرد كونها دعاية لا ترتبط بالضرورة بتغيير ملموس على أرض الواقع.


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث