الجمعة 10 شوال 1445 هـ | 19/04/2024 م - 11:47 مساءً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


جرائم ضد الإنسانية في ميانمار
الأربعاء | 20/01/2016 - 07:55 صباحاً

نيكولاس كريستوف - الشرق الأوسط
20- 01 - 2016

توحي دراسة صادرة حديثًا عن جامعة «ييل» الأميركية، بأن الانتهاكات التي وقعت بحق أكثر من مليون شخص من الروهينغا في ميانمار قد ترقى إلى مصاف الإبادة الجماعية، وعلى الأقل، يذكر تقرير سري لمجلس الأمن أن تلك الانتهاكات قد تشكل «جرائم ضد الإنسانية».

ومع هذا، يبدو أن زعيمة المعارضة والحاصلة على نوبل للسلام، أونغ سان سو كي، تعتزم كما يتردد، استئناف هذه النسخة من الفصل العنصري في بلادها.
وهنالك فائز آخر بنوبل للسلام، وهو الرئيس الأميركي أوباما، الذي يتمتع بنفوذ هائل لدى ميانمار، لكنه لا يظهر كذلك اهتمامًا يذكر. ساهم أوباما وهيلاري كلينتون في إغراء ميانمار بالديمقراطية والدوران والانضمام إلى المعسكر الغربي، وهما إنجازان مهمان.

لقد جرد بعض المسؤولين الروهينغا من الجنسية والمواطنة على مدار السنوات، وهم محرومون من حرية الانتقال. كان محمد كريم، وكان يعيش في معسكر اعتقال عملاق مع عشرات الآلاف من الروهينغا، يريد أن يتسلل على متن قارب، ودفع الأموال إلى المهربين ليلحق بموجة من مهاجري القوارب البائسين من الروهينغا الذين يسعون للعبور إلى ماليزيا. بعد ذلك أصيب محمد بخدش في كاحله، ولم يهتم أحد بذلك كثيرًا، لكن سرعان ما بدأ يعاني من صعوبة في فتح فكيه.

ويبدو أنه كان أصيب بمرض الكزاز. وشأن معظم الأطفال في معسكر الاعتقال، لم يتمكن محمد من الحصول على التطعيم، بما في ذلك مجرد حقنة «تيتانوس».
بعد أن أصيب بالإعياء، عجز المساعدون الطبيون المحليون والمستشفى الميداني في إنقاذه. وفي النهاية حصلت والدته على تصريح خاص لمغادرته المعسكر لتلقي العلاج، لكن كان قد فات الأوان. قالت والدته: «بعد يومين، وصل إلينا جثة هامدة».

على بُعد ثلاثين مترًا من الكوخ الذي كان يعيش به، كانت أجواء من الحزن تخيم على أسرة أخرى، إذ أصيبت بيلدار بيغم، 20 عامًا، بالتهاب الكبد الوبائي «أ»، وفق جيرانها. ولكن بيلدار هي الأخرى لم تتلق المساعدة الطبية المطلوبة، ومن ثم ماتت نهاية العام، تاركة طفلها هيترول، البالغ من العمر سنتين.
قال إينوس منير، وهو زعيم محلي: «لو لم تكن من الروهينغا، لكانت بالتأكيد لا تزال على قيد الحياة، وأنا واثق تمامًا بما أقول».

والآن يشرف هيترول على الموت جوعًا، فوزنه الآن، وهو ابن الثمانية عشر شهرًا، يكاد يصل إلى حوالي خمسة كيلوغرامات.
كان رد الفعل الدولي مؤسفًا. ومن بين أسباب ذلك أن ميانمار تصعب مهمة وصول منظمات الإغاثة والصحافيين للروهينغا، ومن ثم فهم غير مرئيين إلى حد بعيد.
كما كان عمل الأمم المتحدة في ميانمار مشوبًا بالقصور. تحذر وثيقة داخلية أخرى للأمم المتحدة، من أن موظفي الأمم المتحدة في ميانمار يتشاجرون في نزاع مع البعض، وهذا يثير «شائعات حول تواطؤ محتمل من جانب البعض في الأمم المتحدة في الجرائم ضد الإنسانية المحتمل ارتكابها».

وتستحق جماعات المناصرة مثل «هيومان رايتس ووتش»، و«فورتيفاي رايتس»، و«متحدون لإنهاء الإبادة الجماعية»، الإشادة لتسليطهم الضوء على الوحشية المستمرة ضد الروهينغا. كما منعت جماعات الإغاثة من دخول مناطق كثيرة، والتدمير الممنهج للروهينغا يظل واحدًا من أخطر كوارث القرن الحادي والعشرين الأكثر إنسانية المنسية.
قال ماثيو سميث، من منظمة «فورتيفاي رايتس» الحقوقية، التي تركز جهودها على ميانمار: «قطعًا بمقدور إدارة أوباما أن تفعل كثيرا». ويشمل هذا دعم إجراء تحقيق دولي والضغط على ميانمار علنا واتخاذ إجراءات غير معلنة، من أجل أن يستعيد الروهينغا حقوقهم في المواطنة وحرية الانتقال، كما وضمان السماح لجماعات الإغاثة بمساعدتهم.

سارت الأمور بشكل كبير في الاتجاه الصحيح في ميانمار في السنوات الأخيرة، خصوصًا مع صعود الديمقراطية. لكن صعود الديمقراطية نفسه مكن كذلك للدعاية القائمة على العنصرية والخوف من الأجانب، مما جعل مشكلات الروهينغا عصية أكثر على الحل. وفي انتخابات ميانمار الأخيرة، رفض حزب أونغ سان سو كي تسمية ولو مرشح واحد من المسلمين.

يقول المدافعون عن ميانمار وأونغ سان سو كي إن البلد يعاني مشكلات كثيرة، ويرون الروهينغا نقطة بؤس في بلد يغص بالمصائب. والأولويات بالنسبة إلى هؤلاء تتمثل في التنمية الاقتصادية والديمقراطية وإنهاء النزاعات المحلية في البلاد، وهم يحتجون بأن التركيز على مشكلات جماعة عرقية واحدة في بلد به كل هذا القدر من التحديات، هو أمر يعوزه بُعد النظر.

غير أنه بالنسبة لي، هناك شيء مروع بشكل خاص بشأن أناس يستهدفون عمدًا جماعة عرقية بهدف محوها، ويحبسون أفرادها في معسكرات اعتقال ويحرمونهم من الحياة والتعليم والرعاية الصحية. عندما يموت الأطفال في معسكرات الاعتقال، بعد حبسهم هناك بسبب عرقهم، فليست هذه مجرد مشكلة إضافية من مشكلات الفقر حول العالم، بل هي جريمة ضد الإنسانية والتصدي لها هو مسؤولية الإنسانية بأسرها.


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث