الأربعاء 15 شوال 1445 هـ | 24/04/2024 م - 02:12 صباحاً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


ثمة من ينتظر كرمكم المشهود يا خادم الحرمين
الأربعاء | 06/05/2015 - 07:53 صباحاً

محمد المزيني - الحياة
الأربعاء، ٦ مايو/ أيار ٢٠١٥

لم يكن تصحيح أوضاع الإخوة اليمنيين الحرجة في وزارة العمل والجوازات وتأشيرات الزيارة والعمرة ودوائر الترحيل وغيرها بدعاً من الأمر، إذ إن الوضع الأمني والمعيشي والإنساني في اليمن كان يستدعي هذه الوقفة من جهة خادم الحرمين الشريفين مع إخواننا اليمنيين، ليس فقط من أجل أن المملكة تخوض حرباً مع الحوثي و«عفاش» في أراضيهم؛ كي تعيد الشرعية المسلوبة، وتؤمِّن حدودها المهددة بالهيجان الحوثي، الذي تغذيه أطماع التوسع الإيراني الصفوية.
فمن يظنّ أن المملكة أصلحت أوضاع الإخوة اليمنيين فقط من أجل هذه الحرب فهو واهم، أو لنقل بعبارة أخف إنه ليس محيطاً بما يجري في كواليس هذه الدولة وحكومتها الرشيدة، من وقوف دائم مع قضايا العالم العربي والإسلامي في أطراف العالم كافة.

خذ على سبيل المثال: الجالية «البرماوية» في المملكة، وبما أن الحكومة البوذية في ميانمار أقدمت على ارتكاب جرائم التمثيل العرقي والطائفي ضد المكون البورمي المسلم في تلك البلاد، وعلى رغم أن الجالية «البرماوية» ليست بلادها على حدود مع السعودية، وعلى رغم أن المملكة لا تخوض حرباً مع جهات توسعية هناك، فإنها لم تقف مكتوفة الأيدي، بل مدت ذراع المساعدة والتفهم والاحتواء لهؤلاء البورميين الذين يعانون القتل والتشريد على مجرد الهُويّة العرقية والطائفية، ويرتكب هذه المذابحَ ضدهم أناسٌ يدَّعون أن ديانتهم (البوذية) ديانة الزهد والسلام واعتناق الكون بكامله، وقد سجل التاريخ الحديث للسعودية هذه الوقفة الإنسانية الأخوية مع البورميين، وشاء الله أن تكون علامة بارزة على أن السعودية لا تمد يد المساعدة من أجل مصلحتها فحسب، ولا من أجل حدودها فحسب -مع أن ذلك من حقها المشروع-، ولكن هي أيضاً تبدأ بالخير، وتحمي الإنسان، وترعاه، حيثما كان، وكيفما كان ذلك متاحاً.
إن المكون الإنساني والأخوي في السياسة السعودية هو ما جعل رايتها بيضاء أمام العالم أجمع ، إذ إنها لم تصمت قطّ في موقف كان يجب فيه الكلام في مصلحة الإنسان، وهذا الأمر، وإن كان غير معهود في عالم اليوم الذي يعتمد على نظرية المصلحة البراغماتية وانعدام الصداقة الدائمة وحسابات الربح والخسارة، فإن المملكة تخوض رهانها مع الحق والإنسان، وتتصدر الخيل الجارية في ميدان هذا الرهان، من دون أن تخشى أن ينقلب ذلك إلا مزيداً من التألق والانتصار في ساحة الحق والحقيقة، وإن تحملت في ذلك شقاق الشانئين وانتقاد البراغماتيين، الذين نقول لهم من هذا المنبر الإعلامي: إننا نتحدث لغة أخرى غير لغة الأرقام والحسابات، هي لغة الإنسان والوقوف ضد الانتهاكات.

أقول هذا، ليس من أجل تدبيج مديحٍ متعجل للمملكة، البلد الذي أفخر بكوني منتمياً إليه، ولكن من أجل تبديد بعض ضباب الحيرة عند بعض أولئك الذين يتهمون بلادي بأنها إنما تقف مع مصالحها ومع أحلافها الإقليمية والعالمية، ومع أن ذلك من حقها، فإن هذه الحقيقة ليست الحقيقة الكاملة، وإنما هي حقيقة منقوصة، يكتمل إطارها ولونها عندما نراجع أولئك الذين احتوتهم المملكة من شتى بقاع الأرض، من أمثال إخواننا البورميين واليمنيين، من دون أن تطالب أحداً منهم بتسديد فاتورة، ومن دون أن تبطل إحسانها إليهم بالمنّ والأذى، بل إنها تقدم ذلك كله وكأنها تقول: هذا واجبي الإنساني الذي يتحتم عليّ أن أوظف جميع طاقاتي الاقتصادية والسياسية من أجله، وليس العكس، كما يتوهم المتخرصون.


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث