السبت 11 شوال 1445 هـ | 20/04/2024 م - 03:38 مساءً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


سيطرة المتطرفين على بورما تُعتبر حكم إعدام على الروهنجيا
الإثنين | 14/04/2014 - 07:09 صباحاً

إيمانويل ستوكس - صحيفة مكة المكرمة (الإندبندنت)
14 أبريل 2014

في وقت كتابة هذا المقال، يقترب أول إحصاء رسمي يجري في بورما منذ 30 عاما من النهاية. الإحصاء هو آخر المعالم الرئيسية التي يُفترض أنها تؤكد التقدم الثابت للبلد نحو الديمقراطية بعيدا عن ماضيها المؤلم. ولكن عوضا عن ذلك، تحول الإحصاء إلى فشل ذريع سلط الضوء على القضايا الملتهبة التي لا تزال تعصف بالبلد وتهدد بجره إلى الخلف.

من أهم تلك القضايا المأزق الذي يمر به أبناء الأقلية المسلمة الذين يتعرضون للاضطهاد في ولاية راخين الغربية. قبل بدء الإحصاء العام، أعلن متحدث باسم الحكومة البورمية أن المنتمين إلى هذه الأقلية الإثنية، والذين بلا وطن ويعتبرون مهاجرين غير شرعيين من قبل كل من ميانمار وبنجلادش، لا يستطيعون التعريف عن أنفسهم على أنهم “روهينجيا”، وهو الاسم الذي يستخدمونه للتعريف عن أنفسهم منذ قرون.

كانت تلك خطوة محسوبة على ما يبدو لاسترضاء الأغلبية الذين ينتمون إلى الراخين، والذين بدا عداؤهم للروهينجيا وباقي الأقليات المسلمة بشكل عدة موجات من القتل الجماعي =بما في ذلك مذبحتين فظيعتين- خلال العامين الماضيين. العناصر المتطرفة داخل الأغلبية من الراخين لا يريدون أن يعرف أبناء الأقلية المسلمة عن أنفسهم إلا بتعريف واحد: “بنغال” –وهو التعريف الذي تستخدمه الحكومة بهدف التأكيد على أنهم دخلاء أجانب، بالرغم من أدلة كثيرة دامغة تثبت أنهم موجودون في بورما منذ أجيال طويلة.

هذا القرار تبع سلسلة من التحركات من قبل الحكومة التي يبدو أنها صُممت لاسترضاء العناصر المتطرفة داخل الراخين الذين يعتبرون الروهينجيا على أنهم إرهابيون خطرون –وهذا هو موقف حركة 969 من البوذيين المتطرفين المعادين للمسلمين بشكل كبير.
في فبراير الماضي، تم طرد منظمة أطباء بلا حدود من ولاية الراخين . قبل ذلك، في شهر يناير، قامت عصابات من الراخين بارتكاب مجزرة ضد الروهينجيا، وأدى ذلك إلى غضب دولي، لكن الحكومة البورمية نفت ذلك الخبر. لا تزال هناك تساؤلات حول الطريقة التي عرفت بها الحكومة أنه لم يحدث شيء بتلك السرعة –خاصة وأن ذلك الموقف جاء خلافا لبيانات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمة أطباء بلا حدود. نتيجة لذلك، زادت جرأة التحركات التي تقوم بها مجموعات متطرفة داخل ولاية الراخين ضد الروهينجيا. في أواخر الشهر الماضي، حدثت هجمات منظمة ضد مخازن المساعدات، والمكاتب والبيوت التي يستخدمها العمال التابعون للمنظمات غير الحكومية في سيتوي، عاصمة ولاية الراخين، وذلك بحجة قيام إحدى عاملات الإغاثة بإهانة الديانة البوذية. نتيجة لذلك، هرب جميع عمال المنظمات غير الحكومية إلى خارج الولاية؛ وهم يحاولون العودة حاليا لكن السلطات على ما يبدو تعيق ذلك. النتائج الإنسانية لنقص المساعدات الطبية والإنسانية أصبحت لا تحتمل. بحسب التقديرات الطبية، مات 150 شخص في الأسابيع التي تلت طرد منظمة أسابيع بلا حدود، عشرون منهم نساء حوامل.

منظمة يونيسيف تقدر أن هناك آلاف الأطفال يفتقرون حاليا إلى علاجات ضرورية لحياتهم؛ مصادر أخرى تقول أن هناك عشرات الآلاف من الناس معرضون لخطر وشيك بانقطاع الماء والغذاء عنهم. قال لي مصدر موثوق من داخل معسكرات اللاجئين منذ أيام قليلة إن بعض الأشخاص يأكلون مرة واحدة كل يومين وأن المياه مقطوعة تماما في بعض المناطق. وأكد لي المصدر أن “الناس سوف يموتون من الجوع إذا استمر الوضع على ما هو عليه أسبوعين آخرين.”

آخر الأخبار هي أن بعض المنظمات غير الحكومية قد عادت إلى ولاية الراخين لتقوم بأعمال محدودة، وستبقى غالبية المنظمات خارج الولاية حتى نهاية الشهر لأسباب غير واضحة. هذا يعني أنها لن تعود قبل أسبوعين أو أكثر من الآن.

مع استمرار معاناة الروهينجيا وازدياد أزمتهم سوءا، يبدو أن هذا العام سيكون الأسوأ منذ فترة طويلة لأقلية مهددة بالخطر إلى حد كبير. هناك عدة دول عبرت عن قلقها لدى الحكومة البورمية –التي ردت بغضب- لكن ذلك ليس كافيا.

يجب عمل أمور أكثر من ذلك بكثير، وكثير جدا، من قبل المجتمع الدولي بشكل عام لمنع “بورما الجديدة” من أن تصبح مرتعا خصبا لبوذيين شوفينيين متعصبين يحضون على إبادة إحدى أكثر الأقليات ضعفا في العالم.

لقد كان الرد العالمي حتى اللحظة ضعيفا على هذه الأزمة. الجميع داخل بورما صامت لا يتحدث عن الكارثة، فيما يستمر المزيد من الروهينجيا في الموت.


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث