السبت 18 شوال 1445 هـ | 27/04/2024 م - 09:18 مساءً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


«عار» جديد في جبين أوروبا!
الثلاثاء | 30/04/2013 - 06:40 صباحاً

شعبان عبد الرحمن - السلسبيل

ليست المرة الأولى التي يلطّخ العار فيها جبين أوروبا فيما يتعلق بانتهاك «حقوق الإنسان»، ذلك الشعار الذي اخترعه الغرب وجعل منه شمّاعة لاحتلال دول بحجة انتهاك حقوق الإنسان لكنها تسقط مع كل اختبار لمصداقيتها في هذا الصدد، خاصة فيما يتعلق بقضايا المسلمين، ففي الوقت الذي ما زال العار عالقا في جبين أوروبا التي تستّرت على مذابح المسلمين في البوسنة والهرسك 4/17/1992 - 11/1995 لحق قبل أيام بجبينها عار جديد إثر موقفها المشين من مذابح المسلمين في بورما، فعلى وقع حملة الإبادة التي تشنّها حكومة بورما البوذية ضد المسلمين هناك، قدّمت المجموعة الأوروبية هديّة للنظام البورمي المجرم برفع العقوبات التجارية والاقتصادية والشخصية المفروضة عليه منذ سنوات، ولم يخجل بيان المجموعة الأوروبية الذي أصدره وزراء الخارجية الإثنين الماضي 22/4/2013، عندما أعلن أنّ «القرار جاء مكافأة للحكومة البورمية على برنامج الإصلاح السياسي الذي تنتهجه»! ولذرّ الرماد في العيون، لم ينسَ القرار التنبيه على الحكومة البورمية بأنّ عليها مواجهة «تحديات كبيرة»، وعلى الأخص فيما يتعلق بالأقليّة المسلمة في البلاد!
الغريب أنّ القرار الأوروبي لم يأبه بالتقرير الخطير الذي أصدرته في اليوم نفسه منظمة «هيومان رايتس ووتش» الإثنين 22/4/2013، وهو تقرير فاجع، قدَّم، بأدلة لا يرقى إليها الشك، ما يثبت ضلوع الحكومة البورمية في حملات للتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية بحق المسلمين.
وجاء في التقرير أنّ «قوات الأمن البورمية إمّا لم تتدخل أو شاركت فعلياً في الهجمات التي نفّذتها مجموعات بوذية على المسلمين»، وقالت المنظمة إنّها عثرت على أربع مقابر جماعية في الإقليم، كانت قوات الأمن قد استخدمتها لإخفاء الأدلة عن هذه الجرائم. وأضافت «هيومان رايتس ووتش» التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، أنّ قوات الأمن تواطأت في تجريد المسلمين «الروهينجيا» من أسلحة بدائية كانت تمتلكها، ووقفت في وضع المتفرج، بل شاركت خلال قتل بوذيين من «الراخين» رجالاً ونساء وأطفالاً، ملسمون، في حزيران وتشرين الأول عام 2012.
واتهم التقرير قوات الأمن بعدم التدخل لمنع العنف وحماية المسلمين الفارين قائلاً إنّ «القوات كثيراً ما وقفت دون تدخل أثناء الهجمات، أو ساعدت بشكل مباشر المهاجمين في ارتكاب جرائم قتل وانتهاكات أخرى».
وقال فيل روبرتسون نائب مدير قطاع آسيا في «هيومان رايتس ووتش» إنّ عدم التحقيق بشكل ملائم، أو معاقبة المسؤولين الحكوميين شجّع من يقفون وراء الحملات المناهضة للمسلمين في مناطق أخرى.
وقد تزامن إصدار تقرير «هيومان رايتس ووتش» مع بث قناة «بي بي سي» لشريط حصلت عليه من الشرطة البورمية، يظهر فيه رجال الشرطة وهم يقفون إلى جنب، بينما يهاجم مشاغبون بوذيون مسلمين، وقتلوا منهم 43 شخصاً!
لقد تجاهل الاتحاد الأوروبي تلك الشهادات الحيّة عن المجزرة المتواصلة التي يرتكبها النظام البورمي ضد المسلمين دون ذنب إلاّ أن يقولوا: «ربنا الله»، وداس الاتحاد الأوروبي على قيم حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في حياة كريمة داخل بلادهم، فأصدر شهادة لصالح حكومة بورما تُحسِّن من صورتها القبيحة، وتُقدِّمها للعالم بأنّها تتقدم على طريق الحريات وحقوق الإنسان، وذلك صحيح، ولكن فيما يتعلق بين البوذيين بعضهم بعضاً فقط، وما بين الحكومة البوذية والمعارضة البوذية فقط، أمّا المسلمون فلا مجال لهم سوى السحق والقتل والإبادة، وتلك وصمة عار في جبين أوروبا والغرب عموماً الذي صمت صمتاً طويلاً على مجازر الصرب ضد المسلمين في البوسنة قبل سنوات، ويدعم، وما زال، الجريمة الصهيونية على أرض فلسطين.
ويبقى على العالم الإسلامي والشعوب المسلمة أن تتحرك دفاعاً عن إخوة لهم في الدين والعقيدة، فكفى صمتاً، وكفى تخاذلاً، وكفى تجاهلاً، أمّا المسلمون في بورما فلهم الله وحده لا شريك له، ناصر المؤمنين وقاهر الجبارين سبحانه وتعالى.

* كاتب مصري، مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية
[email protected]
twitter: @shabanpress


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث