الخميس 18 رمضان 1445 هـ | 28/03/2024 م - 07:41 مساءً - بتوقيت مكة المكرمة

تاريخ موجز


التحديات المعاصرة أمام الدعوة الإسلامية في أراكان
الأحد | 14/10/2012 - 07:41 مساءً

إعداد: أحمد حسين جامي - كاتب وباحث

20 تموز/يوليو 2012

 

أولا التحديات الداخلية :

الأمية والجهالة: إن من أعظم التحديات الداخلية التي تواجهها الدعوة الإسلامية في أراكان هي الأمية والجهالة وخلو قلوب الشعب عن هدف ديني عظيم، لا يتوجه إلى إيجاد حل لما تعانيه الدعوة الإسلامية من المشاكل بسبب ضعفهم في علوم الدين والمعارف العصرية، فإن الأمية والجهالة هي التحدي الأساسي لضعف الأمة وانحطاطها في الحياة، وإزالة الأمية والجهالة من الأمة هو الحل الوحيد لتهيئة طريق التقدم والتطور للشعب، وحيث أن جهالة الناس عن الدين يكمن فيها سبب الانحطاط والسقوط فلا مساغ أن يترك هذا الفراغ ويتفرج الشعب موقع المتفرجين، حتى تكثر المشكلات والتحديات على وجه التدريج أمام الدعوة فينسد طريق الازدهار والنهضة، وهذا الفراغ هو الذي تسبب لكل ما هنالك من أشكال التحديات والمشكلات المعاصرة للشعب الروهنجيا،

ويوم نملأ هذا الفراغ بعمل عظيم، فإن المياه ستجري في مجراها بصورة تلقائية، والعمل العظيم هو تبليغ الدعوة إلى عباد الله تعالى ولا شك إن إملاء هذا الفراغ إنما يمكن بإنقاذ آلاف الناس من حضيض الجهالة وقهر الأمية، وذلك إنما يكون بنشر العلم والدعوة في هذا الشعب بصورة جادة متميزة، فإن العلم والتعليم والدعوة هي أشياء وأمور أساسية لا تتكفل لبقاء المجتمع وصحته وازدهاره فحسب بل إنها يتقدم بها إلى الكمال والتطور والتقدم في جميع مجالات الحياة الإنسانية في جهة صحيحة فإن العلم الصحيح يرشد إلى رقي العقل ويهدي إلى طريق استخدامه، ومن هنا يحتل القياس والاستحسان والاستصحاب والاستصلاح مكانة ملموسة في المناهج العقلية للفقه الإسلامي، وذلك فإن الاستفادة بالعقل في الأوضاع الاجتماعية المتغير، وفي ضوء الوحي الإلهي، واتخاذ الخطوة بالعقل والفهم ودراسة الصور والأشكال الجديدة واستعراض إمكانيات الرقي وفرصه والتفريق بين المصالح الأساسية وغيرها من متطلبات العقل السليم. ولكن إذا تلوثت جدة العقل وجودته وبالغ الناس في عبادة العقل بغض النظر عن الوحي الإلهي، فهناك تتوقف عملية الرقي الاجتماعي، وعملية الإصلاح في الأوضاع المتغيرة.

وإن ظهور الإسلام هو ظهور العقل العالي في رأي الدكتور إقبال، ولكن العقل له المجال الخاص، وليس هو فوق كل شيء، وقد منح القرآن مع الإنس والكون نظرية وحدة المبدأ، وحقيقة الحياة، وذلك لأن الحياة عبارة عن حركة دائمة وهذه هي نظرية العصر.

فحل هذه التحديات إنما يمكن باستخدام عقلنا في جميع مجالات الحياة حتى نستخرج أساليب حكيمة لكل أمر مهم من أمور الدين، ونكون على بصيرة تامة في أداء فريضة الدعوة الإسلامية نشرها في شعوب العالم وبالخاص في شعبنا المنكوب.

ثانيا: التحديات الخارجية محليا وعالميا:

الثقافة اللاإسلامية: إذا كانت الأمية تحمل في غصونها هذا، فالثقافة اللادينية أشد خطرا منها، فإن الأميين لا تزال ألواح قلوبهم صافية، لا يكون عليها شيء يصعب محوه وإزالته، ولكن الثقافة أمر يقر ثوابت، وتثبت نظريات ومعتقدات يعضون عليها بالنواجذ، وقلما ينفكون عنها، وإن كثيرا من الشباب المسلم يتصلون بالجماعات العصرية اللادينية فيتلقون أصول الإسلام وتعاليمه وتاريخه ممن يضمرون العداء والكيد للإسلام والمسلمين.

وكذلك شأن المدارس الرسمية والكليات الحكومية في البلاد حيث يدرس الطلاب المسلمون مادة الثقافة اللادينية على أيدي الأساتذة هم من أعداء الدين ومن الذين لا يعرفون الثقافة الإسلامية فيشبون وهم يغضون ويمقتون ونفس شعبهم، ويحبون شعب دارهم المغ والنصارى الحاقدة، ويزعمون أن المسلمين ليس للهم أي دور في بناء المجتمع وتحرير البلاد، وتعمير الحضارة والثقافة.

فلا بد من حل هذه المشكلة، فيجب على علماء الشعب الروهنجيا المحاولة لتغيير هذه الحالة السيئة بما يمكن لهم اختيار أساليب حكيمة مراعيا لخصوص المكان والموقع والعصر الراهن وظروفه، من تقديم المنشورات والمطبوعات والرسائل بما يصححون به أخطاءهم، ويصلحون به أحوالهم، ويرشدون به إلى خير السعادة والفلاح، وفي رأيي أن الكتب والكتيبات الإسلامية بلغة معاصرة حية لتؤدي دورها العظيم في إيجاد التحول والانقلاب في حياة الأمة ما لا يمكن لغيرها من الوسائل التثقيفية، وهذا مما لا يرتاب فيه أحد ممن له أدنى ممارسة بالعلم والأدب، فإن الكتب والكتيبات العلمية والأدبية لها الآثار العظيمة بعيدة المدى في حياة أي شعب من شعوب العالم، ولكن فيا للأسف، إن العلماء الروهنجيين ليس لهم في هذا السبيل أي عملية أو طريقة لتغيير الشعب وظروفه السيئة إلى الظروف الحسنة بهذا الأسلوب الحكيم.

وأما حال المدارس التبشيرية للنصارى في بلاد أراكان التي قد أقامتها المفوضة العليا لشئون اللاجئين التي دخلت أراكان لترشيد حالة العائدين من بنغلاديش قد وضعت أمام كل طالب ثقافة الغرب وحضارته، يرسم في ألواح الصبيان والبنات الصغيرات ما يخالف الإسلام من عدم الحاجة إلى الحجاب الشرعي، وعدم الضرورة إلى إطاعة الزوج، وما إلى ذلك مما يكره الطلاب والطالبات ثقافة الإسلام، ويحبوا النصرانية والثقافة اللادينية من غير علم ووعي العلماء.

فهؤلاء الأطفال والشباب في المدارس الحكومية والكليات الرسمية ينفذ إلى قلوبهم التشكك والارتياب بمختلف الأساليب والوسائل الممكنة لهم، ولكن الطلاب والأطفال السذج لا يعرفون شيئا عن ذلك، فيثبت في قلوبهم ما يلقى إليهم من أساتذتهم خلال الدراسة والمحاضرة.

وعلاوة على ذلك فإن التعليم في هذه المدارس الرسمية يقوم على أساس العلمانية والثقافة اللادينية تماما، فينشأ الطلاب على حب هذه النظريات الإلحادية فكيف تكون نتائج مستقبلهم لحياتهم ومجتمعهم وأمتهم؟.

 

حل هذه المشكلة وفق متطلبات العصر والظروف:

كل من يؤمن بالله ويعتقد بالإسلام وثقافته يعرف أن هذه الحالة المأساوية سينتج نتيجة سيئة للشعب من دون ريب فيها، فلا بد من حل هذه المشكلة مما يجب على علماء هذا الشعب تنشئة شبابهم وجيلهم الناشئ على الدين الصحيح والمثل العليا، وتبصيرهم بأمر دينهم وتمكين تعاليم الإسلام في نفوسهم، فإن شباب اليوم هم رجال الغد، وقواد المستقبل، فنثبت في قلوبهم أن الإسلام ودستوره وثقافته لا زالت ولا تزال خالدة شاملة، ولا يعتريها النسخ والزوال ولا العقم والجمود، ومسايرا لكل زمان ,موفيا لجميع مطالب الإنسان المتطورة وقضاياه المتجددة المتنوعة في جميع ميادين الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، والميادين التي يزاول فيها الإنسان نشاطه من كل نوع في كل عصر ومصر.

ولذلك فلا بد أن يتخذ خطوة رائدة مناسبة للظروف السائدة هنالك للدعوة الإسلامية والتربية الدينية لهؤلاء الأجيال والشباب المسلمين في أراكان، حتى نتمكن من إعادتهم إلى الدين الحنيف، وإيقاظ الصحوة الإسلامية في أوساطهم، ونفخ الروح الإسلامية في قلوبهم وبعث العواطف والحماسة الدينية في نفوسهم، وهذا الأمر يحتاج إلى جهود جبارة يمكن بها تحقيق ما نرميه من الأهداف والوصول إلى الغايات السامية.

 

المصدر: أراكان أون لاين

 


التعليـــقات
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الوكالة وإنما تعبر عن رأي أصحابها

ذكرى 3 يونيو

المقالات
مؤلفات
القائمة البريدية
اشترك الآن في القائمة البريدية لتصلك نشرة دورية بأحدث وأهم الأخبار
البحث