عيد البائسين
24/06/2017

وكالة أنباء الروهنجيا ـ مركز الدراسات والتنمية الروهنجية

عيد بأية حال جئت ياعيد ** بما مضى أم بأمر فيك تجديد؟!

رمضان تآكل بدره ودفعته الأيام إلى المحاق، والنفوس بين حزن على فراق شهر الصوم والعبادة، وبهجة استقبال عيد الفطر المبارك.

وبينما يبسط الزمن رداءه الجديد على أناس يتحرون رؤية هلال العيد مبتهجين، وآخرين يتملكهم الحزن تحت وطأة الظلم؛ إذ عاد إلى الذاكرة جرح غائر في قلوب الروهنجيين الأراكانيين بصورة تحمل مأساة المستضعفين في مخيمات بائسة قالت عنها مسؤولة الأمم المتحدة: "إنها من أسوأ ما شاهدت في حياتي!".

ويعد معظم هذه المخيمات مجرد ملاذ مؤقت على شكل خيام أو أكواخ من الصفيح، أو أكواخ من القش بنيت على تلال بساحل نهر (ناف) على حدود بنغلاديش وبورما بالقرب من المدينة التي يقع فيها ميناء (كوكس بازار)؛ حيث يتكدس اللاجئون المحرومون من كل شيء، وأغلبهم من الأطفال والمسنين والنساء(1).

هناك داخل تلكم المخيمات أمهات لنا وأخوات انقطعت بهن الحياة إلى حافة الأسى والشجون؛ فمن أي باب يدخل عليهن السعادة؟!
سند الزوج والأخ قد قطعه البوذ إما بقتله أو سجنه، وسند العمومة والخؤولة قد بدده الشتات وأصبحن على قارعة الحياة دون مأوى يتعرضن للفحات الأسى والخوف صباح مساء!!
وأي عيد لمن كان في مثل تلكم الأحوال؟!!
عيد مصطبغ بلون الهم لا يجلب إلا مزيدًا من الأحزان!

لقد اعتاد الناس في أنحاء العالم مشاهدة صور أطفال اللاجئين عرايا ينقلون أوراق الشجر مع أمهاتهم،  وشيوخ أنهكهم الكبر يرفعون أكفهم للسماء، ونساء بأنصفة ملونة يندبن الطهر ويبكين أمام الكاميرات!!
وبين انفراجات المآسي اليسيرة تلوح ابتسامات لأطفالهم تحفها البراءة من كل جانب قد قتل مستقبلهم الظلم ولم يدع لهم أحلامًا!
ولكن أين القلوب الحية؟!!
ألا يحق لأولئك أن يعيشوا كباقي البشر في عالم يدعي التحضر ويتغنى بالحريات؟!
ما عادت سخرية الأعداء مقززة؛ فوجود مثل تلكم المخيمات لأبناء الإسلام بين مليار مسلم يتجاهلونها يعد أعظم سخرية يسجلها التاريخ!!

يصعب على القلوب الحية أن تنسى تلكم الصور البائسة مهما لطف بهم القدر، فجذوة الإيمان لن تطفئها الأنانية، وأوشاج الإسلام تظل أقوى رغم ظروف الحياة الناعمة!
ويبقى التفاؤل حبلًا ممدودًا للسماء يتمسك به كل مظلوم في هذه الحياة!
وتبقى جذوة الأمل يداعب بصيصها الحياة رغم الرماد المتراكم؛ ليقلب المستضعفون عيونهم في صفحة السماء علّ رحمة تنزل لتنقذهم من جحيم الظلم والطغيان!!

وإننا في "مركز الدراسات والتنمية الروهنجية" بعيون تغمرها الدموع، وقلوب يعصف بها الحزن لحال أولئك البائسين مع شيء من الفرح الذي شرعه الله –تعالى- أن يكون في ختام الشهر الفضيل؛ نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات بحلول عيد الفطر المبارك إلى الروهنجيين المضطهدين في أراكان وفي مخيمات اللاجئين، وإلى عموم المسلمين المضطهدين في كل مكان، داعين الله -سبحانه- أن يرفع عنهم الغمة عاجلًا غير آجل؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) "مسلموأراكان وستون عاما من الاضطهاد" ص 161.


المصدر: وكالة أنباء الروهنجيا
https://www.rna-press.com/