بالأدلة.. وقوع إبادة جماعية ضد شعب "الروهنجيا" في أراكان بورما
02/04/2016

وكالة أنباء الروهنجيا - خاص

لم ينفك "الروهنجيا" في ميانمار على التعرض للظلم والاضطهاد على يد الحكومة العسكرية أو العصابات البوذية، والتي استمرت تلك الاضطهادات لأكثر من 60 عاماً، مما حدا الأمم المتحدة تصنيف "الروهنجيا" على أنها أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم.
ومع استمرار الظلم والاضطهاد والقتل والحرق والتهجير؛ يتساءل البعض: هل تلك الممارسات ارتقت إلى حد "الإبادة الجماعية"؟ سؤال في غاية الصعوبة الإجابة عنها..

وكالة انباء الروهنجيا سبرت أغوار هذه القضية، وعملت على أن تكون ظاهرة للجمهور الكريم بجميع أبعاد القضية، ليحكم القاري الكريم في نهاية المطاف على تلك الممارسات التي ترتكبها حكومة بورما وصلت إلى حد الإبادة أم لا..

مصطلح الإبادة
يطلق مصطلح "الإبادة" على سياسة القتل الجماعي المنظمة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي ضد مختلف الطوائف والشعوب على أساس قومي أو عرقي أو ديني أو سياسي.
وصنفت كـجريمة دولية في اتفاقية وافقت الأمم المتحدة عليها بالإجماع سنة 1948م ووضعت موضع التنفيذ 1951م بعد أن صادقت عليها 133 دولة حتى الآن.


تصديق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية تشرين الأول/أكتوبر 1950 (من صور الأمم المتحدة/م. ب)

اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية
وتنص المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي دخلت موضع التنفيذ في عام 1951م، على أن الإبادة الجماعية تحصل بوقوع أي من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه:
( أ ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة.
( ج) إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
( د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
(هـ) نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

بعض الصور التي تثبت وقوع إبادة جماعية

ولو تناولنا بندود هذه المادة بنداً بنداً، وأنزلناه على واقع الاضطهاد الروهنجي؛ فإننا نجد أن كل تلك البنود وقعت عليهم، حيث تم قتل أعضاء كثيرين من جماعة الروهنجيا منذ عام 1948م وحتى يومنا هذا، وتقارير مبعوثي الأمم المتحدة ووسائل الإعلام العالمية والمنظمات الدولية تشهد على ها الواقع، كما تم إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء جماعة الروهنجيا بالاعتداءات المتكررة عليهم يومياً، إما بالضرب أو القتل أو النهب والسلب، كما تم إخضاع جماعة الروهنجيا عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً حيث تم احتجازهم داخل ولاية أراكان دون السماح لهم بالخروج منها إلا في نطاق ضيق، وعدم السماح لهم بالتواصل مع الجهات الخارجية سواء للتعليم أو للعلاج أو للتجارة، كما تم منع المنظمات الإغاثية والعلاجية الدولية من تقديم العلاج لهم، والغرض من تلك التدابير هو تدمير هذه الجماعة كلياً أو جزئياً، كما تم فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل جماعة الروهنجيا، حيث تنص القوانين على التضييق على الناس في مسألة الإنجاب، أو اجبار النساء على الكشف الشهري لدى أفراد الجيش رغبة إذلالهم أو إهانتهم، وأيضاً فرض قانون عدم السماح بإنجاب أكثر من طفلين وسن عقوبات لمن يخالف هذا القانون.


هكذا يعتقلون الروهنجيا إلى أماكن مجهولة ثم تختفي أثرهم إلى الأبد

إضافة إلى ذلك تم ارتكاب فظائع كثيرة ضد جماعة الروهنجيا، وبخاصة من شهر يونيو 2012م، حيث اكتشفت الأمم المتحدة مقابر جماعية عديدة داخل ولاية أراكان، تعود تلك الجثث لجماعة الروهنجيا الذين اعتقلوا من قبل الجيش أو رجال الأمن أو حتى العصابات البوذية، كما تم اعتقال الآلاف من الرجال والنساء والأطفال واخذهم إلى جهات مجهولة لا يعرف مصيرهم حتى اللحظة

تقرير مبعوث للأمم المتحدة إلى ميانمار
قال مقرر الأمم المتحدة الخاص بحقوق الإنسان في بورما توماس أوخيا كوينتانا إن هناك بوادر إبادة جماعية في ولاية أراكان (بورما) فيما يتعلق بالمسلمين الروهنجيا•
وأضاف كوينتانا الذي كان يتحدث في مؤتمر بلندن : (على عقود من الإبادة التي ترعاها الحكومة ضد الروهنجيا هناك جرائم ضد الإنسانية من الممكن أن تصل إلى الإبادة جماعية ونحتاج إلى مناقشتها، وأضاف هذا المؤتمر مهم جدا لأنه يسلط الضوء عليها).


توماس أوخيا كوينتانا - مبعوث الأمم المتحد لحقوق الإنسان في بورما

 

حرق بطيء
وقدم خبراء في القانون الدولي تعريفات عن الإبادة الجماعية وآليات ونماذج تحقيق العدالة فيما عرض كبار الباحثين في مجال حقوق الإنسان والأكاديميين وكذلك اللاجئين الروهنجيا أدلة على عقود من الاضطهاد المنهجي للمسلمين للروهنجيا في ميانمار.
الدكتور زارني، رئيس المؤتمر، قدم القضية على ما وصفه بـ (حرق بطيء من الإبادة الجماعية) للروهنجيا في ميانمار منذ عام 1978م استنادا إلى ثلاث سنوات من البحث الأرشيفي الواسع ومقابلات مع ضباط الجيش وضحايا روهنجيين.


حرق إحدى قري المسلمين في بورما

وخلص المؤتمر إلى ضرورة وضع حد فوري لاضطهاد الروهنجيا في ميانمار، الذين يقولون إنه يصل إلى حد الإبادة الجماعية.
وسوف يتم اعتماد الرسالة من قبل الأفراد والمنظمات المعنية بما في ذلك بوردن تيين سيوارد وهو أحد الناجين من الإبادة الجماعية في رواندا ضد التوتسي ومؤسس مجموعة (PAX) للسلام لمنطقة البحيرات العظمى الأفريقية، والبروفيسور نعوم تشومسكي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والبروفيسور سبيفاك من معهد(Gayatria Chakravoty) بجامعة كولومبيا، والأستاذ الفخري ومؤسس دراسات اللاجئين البروفيسور في جامعة أكسفورد د. باربرا هاريل بوند، والأكاديمية البريطانية في مدرسة لندن للاقتصاد البروفيسور ماري كالدور والمدير التنفيذي لمركز التوثيق في كمبوديا Youk Chhang.

اقرأ المزيد:
http://www.islamarabi.com/sejut.php?ID=4854

فيلم الإبادة المبيتة
كما بثت قناة الجزيرة الفضائية فلماً وثائقياً تبين مدى الفظائع التي ارتكبت ضد الروهنجيا في ولاية أراكان، وعنونت الفيلم بـ: (الإبادة المبيتة)، حيث توصلت وحدة التحقيقات الاستقصائية في الجزيرة إلى ما يمكن أن يرقى إلى دليل قوي، على أن إبادة جماعية ارتكبت بتنسيق من حكومة ميانمار ضد شعب الروهينغا، وذلك بحسب تقييم أعدته كلية الحقوق في جامعة ييل، ويكشف التحقيق الحصري أن الحكومة هي التي أشعلت العنف المجتمعي الفتاك لتحقيق مكاسب سياسية. كما أمضت عيادة جامعة ييل ثمانية شهور لدراسة الأدلة الواردة من ميانمار، بما في ذلك وثائق وشهادات قدمتها لها الجزيرة ومجموعة فورتيفاي رايتس للدفاع عن حقوق الإنسان، أخذاً بعين الاعتبار حجم الفظائع التي ارتكبت، والطريقة التي يتحدث بها السياسيون عن الروهنجيا، والتي تجعل من الصعوبة بمكان تجنب الخلوص إلى أن النية كانت مبيتة لارتكاب إبادة جماعية.
وبحسب الأدلة التي حصلت عليها وحدة التحقيقات في الجزيرة، فإن الحكومة كانت تبادر إلى افتعال العنف المجتمعي بهدف تحقيق مكاسب سياسية، من خلال التحريض على أعمال الشغب ضد المسلمين، واستخدام خطاب الكراهية لزرع الرعب في نفوس الميانماريين تجاه المسلمين، وكذلك توزيع الأموال على الجماعات البوذية المتطرفة التي ألقت بكل ثقلها وراء القيادة.

رابط الفيلم:
https://www.youtube.com/watch?v=QqIje5grY_s

صور الأقمار الصناعية
كما نشرت الأمم المتحدة صوراً التقطت عبر الأقمار الصناعية تبين حرق مئات المنازل وعشرات القرى ضد المسلمين هناك، حيث أظهرت "هيومن رايتس ووتش" صوراً التقطت عبر الأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار في بلدة "ميكتيلا"، حيث يقدر بنحو 828 من المباني دمرت تماماً، و35 مبنى قد بشكل جزئي.
وذكر مدير قسم آسيا "براد آدامز" أن الصورة الأولى تظهر تدمير 442 منزلاً سكنياً بالكامل، وتظهر صورة أخرى تدمير 345 مبنى سكنياً دمر أو تضرر بشدة.
وأضاف "براد آدامز": يجب على الحكومة البورمية أن تجري تحقيقاً شاملاً ومحاسبة أولئك الذين يرتكبون أعمال العنف والتحريض في "ميكتيلا"، وهناك حاجة ماسة لوضع حد للتمييز، ووجود إجراءات حكومية لمكافحة الإفلات من العقاب، وتعزيز التسامح بين الجماعات الدينية لإنهاء موجة الهجمات ضد المجتمعات المسلمة.

بعض الصور:

وثائق مسربة تكشف جرائم بورما بحق الروهنجيا
كشفت منظمة “فورتيفاي رايتس” عن وثائق مسربة تؤكد تورط مسؤولين بالحكومية المركزية ببورما، في جرائم ضد الإنسانية وفي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الروهنجيا المسلمين، بما في ذلك القيود المفروضة على حرية التنقل، والزواج، والولادة، وغيرها.
ويستند التقرير المؤلف من 79 صفحة تحت عنوان: “سياسات الاضطهاد.. إنهاء سياسات الدولة التعسفية ضد الروهنجيا المسلمين في بورما” في المقام الأول إلى تحليل 12 وثيقة رسمية سُربت، ومراجعة أحد السجلات العامة، فضلاً عن مقابلات مع روهنجيين وغيرهم في بورما وتايلاند.
وتكشف الوثائق المنشورة في التقرير عن قيود تحرم الروهنجيا من حقوق الإنسان الأساسية، بما فيها الحق في عدم التمييز وحرية التنقل، والزواج، والأسرة، والصحة، والخصوصية.
ويطلب النظام الإقليمي 1/2005″، الذي حصلت عليه “المنظمة “أن يضع الأساس لسياسة إنجاب طفلين التي فُرضت في منجدو وبوثيدونج، والذي يطلب من الروهنجيا إذناً بالزواج للحد من عدد الأطفال؛ ومن ثم تحديد النسل ليكون هناك ما يكفي من الطعام والمأوى.
وتجيز المبادئ التوجيهية السرية، التي حصلت عليها فورتيفاي رايتس لقوات الأمن باستخدام وسائل مسيئة لتنفيذ هذه التدابير في “التحكم في عدد السكان”.

تكملة الخبر:
http://twasul.info/141287/

وهكذا، فإنه على الرغم مما ارتكب ضد الروهنجيا من ظلم واضطهاد ومجازر؛ فإن المجتمع الدولي والولايات المتحدة خاصة لم تقر حتى الآن بأنها إبادة جماعية، مما يجعل المتابعين يسألون: هل هناك تواطء مع حكومة ميانمار (بورما)؟


المصدر: وكالة أنباء الروهنجيا
https://www.rna-press.com/