حقائق تكشف التنكيل بالمسلمين في بورما
11/06/2015

وكالة أبناء الروهنجيا - [البلد]:

أعادت الأحداث الدامية الأخيرة التي تعرض لها المسلمون في إقليم أراكان غرب بورما مآسي الاضطهاد والقتل والحرق والتشريد التي كابدها أبناء ذلك الإقليم منذ 60 عاماً على يد الجماعة البوذية الدينية المتطرفة (الماغ) بدعم ومباركة من الأنظمة البوذية الدكتاتورية في بورما. حيث أذاقوا المسلمين الويلات وأبادوا أبناءهم وهجروهم قسراً من أرضهم ومنازلهم وسط غيابٍ تامّ للإعلام إلا في القليل النادر.
فمنذ حوالى أسبوع يعيش مسلمو ولاية آراكان أوضاعا مأسوية ، بعدما تحولت المواجهات التي يشهدها الإقليم إلى حرب شاملة ضد المسلمين في بورما، وقبل عدة أيام قتل عشرة من دعاة بورما المسلمين لدى عودتهم من العمرة على يد مجموعات بوذية، قامت بضربهم حتى الموت وذلك بعد اتهامهم ظلما بالوقوف وراء مقتل شابة بوذية.
بداية المأساة
مع حلول الديمقراطية في ميانمار (بورما) حصلت ولاية أراكان ذات الأغلبية الماغيّة على 36 مقعداً في البرلمان، أعطي منها 43 مقعداً للبوذيين الماغيين و3مقاعد فقط للمسلمين، ولكن بالرغم من هذه المشاركة من المسلمين الروهنجيين لم تعترف الحكومة الديمقراطية التي ما زالت في قبضة العسكريين الفاشيين بالعرقية الروهنجيّة إلى الآن رغم المطالبات الدولية المستمرّة.
وقبل انفجار الأزمة عام 2012، أعلنت الحكومة الميانمارية البورمية أنّها ستمنح بطاقة المواطنة للروهنجيين في أراكان، فكان هذا الإعلان بالنسبة للماغيين بمثابة صفعة على وجوههم، فهم يدركون تماماً معنى ذلك وتأثيره على نتائج التصويت، في ظلّ الحكومة الجمهورية الوليدة ، ويعرفون أن هذا القرار من شأنه أن يؤثر في انتشار الإسلام في أراكان، حيث أنّ الماغيين يحلمون بأن تكون أراكان منطقة خاصة بهم لا يسكنها غيرهم.
بدأ الماغيون بعد ذلك يخططون لإحداث أي فوضى في صفوف المسلمين، ليكون ذلك مبرّراً لهم لتغيير موقف الحكومة تجاه المسلمين الروهنجيين فيصورونهم على أنهم إرهابيون ودخلاء، ليتوقف قرار الاعتراف بهم أو يتم تأجيله، وأيضاً لخلق فرصة لإبادة الشعب الروهنجي المسلم مع غياب الإعلام الخارجي كلّيّاً، وسيطرة الماغيين على مقاليد الأمور في ولاية أراكان.

البداية المفبركة
عمد الماغيون في بلدة تاس ونجوك البوذيّة التي يندر وجود المسلمين فيها، والواقعة في الطريق المؤدّي إلى العاصمة رانغون الى رصد تحركات المسلمين، فاتجهت -قدراً- حافلة تقلّ مجموعة من العلماء والدعاة المسلمين منهم من عاصمة بورما "رانغون" ومن عاصمة ولاية أراكان "إكياب - سيتوي" وحين وصلوا إلى البلدة المذكورة هاجمهم مجموعة من الماغيين البوذيين وأمسكوا بهم. فوقعت المأساة والمذبحة البشعة فاجتمع على ضربهم وقتلهم قرابة الـ 466 من الماغيين الحاقدين في صورة تنعدم عندها كلّ معاني الإنسانيّة.

التبرير الساذج للمذبحة

وحتّى يثير الماغيون الفتنة، ويخلقوا موقفاً لتبرير جريمتهم ادّعوا أنّهم فعلوا ذلك انتقاماً لمقتل فتاة بوذيّة زعموا أن أحد المسلمين اغتصبها وقتلها في ايار الماضي، مع العلم بأنّ حادثة الفتاة إن صدقوا فيها فقد حصلت في بلدة يندر فيها وجود المسلمين . كما أن هؤلاء الدعاة ليسوا من تلك البلدة وإنّما كانوا مارّين بها إضافة إلى أنهم مواطنون أصليون من العاصمة رانغون وليسوا من مقاطعات أراكان ويتكلمون لغة الماغ بطلاقة وهم من كبار السنّ.

اليوم يعود الاضطهاد بزيه القديم. قتل ممنهج، اضطهاد، ابادات بالجملة، وغيرها من اساليب العنف كما وتجوب يومياً مجموعات مسلحة بالسكاكين وعصي الخيزران المسنونة في مناطق وبلدات عدة في ولاية أراكان، تقتل كل من يواجهها من المسلمين وتحرق وتدمر مئات المنازل، لا سيما في منطقة "مونغاناو" في شمال الولاية، إضافة لمدينة "سيتوي" عاصمة ولاية لأراكان.

ماهى قصة بورما التفصيلية ؟ ولماذا يحرق المسلمون هناك تاريخياً؟

بورما هي دولة تسمى أيضا ميانمار وتقع بجانب الصين والهند.
يقطن فيها امة مسلمة تدعى "الروهينجا" تعيش في ميانمار "بورما" التي يحكمها العسكر البوذيون. تمثل هذه الطائفة المسلمة حوالى 15% من السكان الذين يتعرضون للابادة والتشريد منذ عقود وهذه القصة ليست جديدة بل تاريخية.
في عام 1784 احتُلت أراكان من قِبَل الملك البوذي (بوداباي) الذي قام بضم الإقليم إلى ميانمار خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة، واستمر البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم وتشجيع البوذيين الماغ (أصل هندي)على ذلك.
وفي عام 1824 احتلت بريطانيا ميانمار، وضمّتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية.
وفي عام 1937 جعلت بريطانيا ميانمار مع أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية كباقي مستعمراتها في الإمبراطورية آنذاك، وعُرفت بحكومة ميانمار البريطانية.
واجه المسلمون الاستعمار الإنكليزي بقوة ما جعل بريطانيا تخشاهم، فبدأت حملتها للتخلّص من نفوذ المسلمين باعتماد سياساتها المعروفة (فرِّق تَسُد) فعَمَدَتْ الى تحريض البوذيين ضد المسلمين، وأمدّتهم بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحةً عام 1942 فتكوا خلالها بحوالى مائة ألف مسلم في أراكان.
وفي عام 1948 منحت بريطانيا الاستقلال لميانمار شرط أن تمنح لكل العرقيات الاستقلال عنها بعد عشر سنوات إذا رغبت في ذلك، ولكن ما إن حصلوا على الاستقلال حتى نقضوا عهودهم، ونكثوا وعودهم، واستمروا في احتلال أراكان بدون رغبة سكانها من المسلمين (الروهينجا) والبوذيين (الماغ) أيضاً، وقاموا بأبشع الممارسات ضد المسلمين. ولم تتغير أحوال المسلمين الروهينجا، بعد الانتخابات التي جرت في تشرين الثاني 2010، حيث ما زال مخطط إخراج المسلمين من أراكان موجوداً، وقد نجحت هذه الممارسات في تهجير 4 ملايين مسلم تقريباً حتى الآن ومئات آلاف القتلى.
وأمام حالة الاضطهاد، تتواصل محاولات الروهينجا للجوء إلى بنغلاديش هرباً من اضطهاد الحكومات المتعاقبة لهم والمستمر منذ عقود، حيث لا تعترف بهم الحكومة كمواطنين ولا تمنحهم أي حقوق وتحاصرهم في شمال الولاية ولا تسمح لهم بالسفر خارجها، فهي تعتبرهم لاجئين بدعوى أنهم نزحوا لميانمار مع الاحتلال الإنكليزي.

طرد المسلمين!
أتى موقف الحكومة مخجلاً ومتواطئاً مع البوذيين ضدّ المسلمين، حيث قامت بالقبض على 4 من المسلمين بدعوى الاشتباه بهم في قضية الفتاة، وتركوا الـ466 الذين شاركوا في قتل هؤلاء الأبرياء، ما يوضح بجلاء أنّ القضيّة ليست قضيّة فتاة إنما هي دعوى ترويجيّة لإحداث الفوضى وإبادة المسلمين بمباركة من الحكومة وإعادة ما حصل قبل ستة عقود.
واعتبر رئيس بورما ، أن الحل الوحيد المتاح لأفراد أقلية الروهينجا المسلمة غير المعترف بها، يقضي بتجميعهم في معسكرات لاجئين أو طردهم من البلاد.

وقال الرئيس سين خلال لقاء مع المفوض الأعلى للأمم المتحدة للاجئين انتونيو جيتيريس، كما جاء في موقعه الرسمي، "ليس ممكنا قبول الروهينجا الذين دخلوا بطريقة غير قانونية وهم ليسوا من اثنيتنا". ما يؤكد عنصريته واستبدادهم بهذه الفئة. مؤكداً ضرورة ارسالهم الى المفوضية العليا للاجئين لوضعهم في معسكرات تحت مسؤوليتها".
ويعيش حوالى 800 ألف من الروهينجا الذين تعتبرهم الأمم المتحدة إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم، في شمال ولاية راخين.
وهم ليسوا في عداد المجموعات الإثنية التي يعترف بها النظام في نايبيداو، ويعتبر كثير من مواطني ميانمار هؤلاء الروهينجا مهاجرين بنغاليين غير شرعيين ولا يخفون العداء حيالهم.
كادر
تعتبر ولاية أراكان (والتي هي عبارة عن شريط ترابي ضيق يقع على خليج البنغال) همزة الوصل بين آسيا المسلمة والهندوسية وآسيا البوذية، حيث يكاد يكون من شبه المستحيل التعايش بين أغلبية بوذية "الراخين" وأقلية مسلمة مضطهدة "روهينج ياس ".

كما تعتبر الأقلية المسلمة في بورما بحسب الأمم المتحدة أكثر الأقليات في العالم اضطهادا ومعاناة وتعرضا للظلم الممنهج من الأنظمة المتعاقبة في بورما


المصدر: وكالة أنباء الروهنجيا
https://www.rna-press.com/