مقتطفات من حوار "الأمة" مع رئيس "وكالة أنباء الروهنجيا"
02/09/2014

وكالة أنباء الروهنجيا – (الأمة ـ خاص ـ هاني صلاح): "بورما تحتاج إلى وضع دستور جديد، يكفل حقوق كل العرقيات وكل أفراد الشعب، وإلغاء مواد وقوانين جائرة من الدستور الحالي، وعلى رأس تلك القوانين قانون المواطنة الذي أصدره الجيش عام 1982م، وبموجبه اعتبر الروهنجيا مهاجرين غير شرعيين"..

بهذه الكلمات، أكد الإعلامي "عطا الله نور الإسلام"، رئيس وكالة أنباء الروهنجيا، على أن المخرج الرئيس لإرجاع الحقوق "المسلوبة" إلى "مسلمي الروهنجيا" في إقليم أراكان، بغرب البلاد، يتمثل في ضرورة إعداد دستور جديد للبلاد يضمن الحقوق والحريات لجميع العرقيات (140 عرقية) التي يتشكل منها الشعب البورمي.

جاء ذلك في سياق الحوار الذي أجرته جريدة "الأمة" الالكترونية، الأسبوع الماضي، بعنوان: "مسلمو الروهنجيا" والمخطط البورمي لإنهاء وجودهم في أراكان"، مع الإعلامي "عطا الله نور الإسلام"، رئيس وكالة أنباء الروهنجيا، والمتحدث الرسمي للتحالف الوطني الروهنجي.
وتطرق موضوع الحوار إلى مؤامرة النظام العسكري البوذي في ميانمار/بورما للقضاء على مسلمي الروهنجيا سواء بدفعهم للهجرة لخارج البلاد، أو عبر القيام بحملات إبادة جماعية لهم.

كما تطرق الحوار إلى الانتهاكات المستمرة والمتواصلة بحق مسلمي الروهنجيا التي فاقت الانتهاكات التي تتعرض لها أي أقلية أخرى في العالم؛ وحتى صنفتهم منظمة الأمم المتحدة بأنهم من أشد الأقليات العرقية اضطهاداً في العالم بأثره.
أيضاً تطرق الحوار إلى دور العالم الإسلامي ومن حوله المجتمع الدولي في التصدي لهذه الانتهاكات والجرائم الإنسانية ومنع مخطط بورما في القضاء على المسلمين الروهنجيين، وبحث كيفية تقديم وسائل الدعم والحماية لهم.
وإلى مقتطفات هامة من الحوار..

دول متعصبة
تعد دولة "بورما" أو "اتحاد ميانمار" من أكبر دول جنوب شرق آسيا، وتعتبر قبلة البوذية في العصر الحديث، لوجود أكبر المعابد البوذية فيها، حيث يحج إليها البوذيون سنوياً من جميع أنحاء العالم. وتعد بورما دولة دينية متعصبة، حيث إن للمرجعية الدينة قبول لدى الشعب والحكومة، وهؤلاء الرهبان يحملون عداءً كبيراً ضد المسلمين بسبب إقبال كبير من أتباع الديانة البوذية على الإسلام ودخولهم فيه، لذا هم يريدون استئصال كل ما هو مسلم، وسن قوانين لمنع ارتباط أي فرد بوذي بأي مسلم.

ظهور قضية "مسلمي الروهنجيا"
وفي عام 1784م احتلت بورما مملكة أراكان وصيرتها ولاية من ولاياتها، فأطلق على جميع المسلمين في بورما "مسلمي بورما"، وبعد نيل بورما استقلالها من بريطانيا عام 1948م؛ بدأ التمييز العنصري ضد الروهنجيا، وتم نزع جنسياتهم وحرمانهم من الحقوق المدينة، مع احتفاظ بقية المسلمين في بورما بمواطنتهم وكافة حقوقهم المدينة، ومن هنا بدأ اسم مسلمي "الروهنجيا" يبرز ككتلة مستقلة عن مسلمي بورما، بعد أن كان يشملهم في السابق مسمّى مسلمي بورما.

قانون نزع المواطنة
أصدر الانقلاب العسكري الذي وقع في بورما عام 1962م قانون نزع المواطنة عام 1982م من الشعب الروهنجي، متهمين أنهم مهاجرين غير شرعيين قدموا من بنجلاديش. واستند قادة الانقلاب في قرار نزع المواطنة على قرب المنطقة الجغرافية بين أراكان وبنجلاديش، وأيضاً التشابه الموجود بين أكثرية الشعب الروهنجي وسكان المناطق الشرفية لبنجلاديش، (أي دون الاستناد للقوانين أو للحقائق التاريخية المتفق عليها). وعلى ضوء هذا الاتهامات قامت الحكومة العسكرية في بورما بحملات تهجير قسري إلى خارج الحدود، كما حرضت ودعمت الحركات البوذية المتطرفة بالقيام بحملات ضد الروهنجيين، مستندين على أن بورما للبوذيين فقط ولا يمكن أن يعيش فيه مسلم "بنغالي" على حد زعمهم.

تواصل المذابح منذ أزمة 2012م
بعد اندلاع الأزمة الأخيرة في عام 2012م برز النشاط الإعلامي كثيراً؛ إلا أن شيئاً لم يتغير في أرض الواقع، فمازال هناك قتل واضطهاد واعتداءات، ومازالت الحكومة تمارس التهجير القسري بطرق مباشرة أو غير مباشرة، ولعل السبب يعود إلى عدم تحرك الحكومات الإسلامية والعربية كما يجب.

دور الروهنجيا في المهجر
إن مسلمي الروهنجيا في بلاد المهجر يبذلون جهوداً طيبة في سبيل الدفاع عن قضيتهم، ولكن.. تبقى جهود واهتمام الروهنجيين في بلاد المهجر ضعيفاً إزاء قضيتهم، مقارنة بحجم القضية والمسؤولية الملقاة على عواتقهم، فهناك أجيال ولدت في بلاد المهجر تناست القضية، ولا يلتفت أكثرهم إلى قضيتهم بالقدر المطلوب، وجل طموحات هؤلاء هو اكتساب مواطنة البلدان التي ولدوا وعاشوا وتربوا فيها، والله المستعان.

واجب الأمة
بإمكان الدول الإسلامية والعربية عقد اتفاقات تجارية مع بورما مقابل إرجاع الحقوق للروهنجيين، والسماح بإيصال المساعدات الغذائية والطبية لهم، وفتح الحدود لزيارة الوفود الطبية والإغاثية للمناطق المنكوبة وخاصة في أراكان.

معاناة المرأة الروهنجية
المرأة الروهنجية في أراكان أو في بعض مخيمات اللاجئين في بعض الدول المجاورة تعيش في أسوأ الظروف، بل في ظروف مأساوية، فهناك انتهاكات لأعراض النساء المسلمات الروهنجيات بالاعتداء عليهم جنسياً، وهناك اقتياد للكثير منهم إلى ثكنات الجيش للعمل كخادمات ونساء ليل، وهناك بيع وشراء لهن في داخل بورما أو في خارجها، بل إن البعض منهم تم تزويجهن قسراً بأصحاب الديانات الهندوسية أو البوذية في بعض دول المهجر، بل تم بيع أعداد منهن لأصحاب الأندية الليلية في تلك الدول، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

المشاركة السياسية
المشاركة السياسية لمسلمي بورما مقيدة ومحدودة بإطار معين، فبإمكان مسلمي بورما إنشاء أحزاب سياسية والمشاركة في الانتخابات المحلية والبلدية والبرلمانية، وما عدا ذلك فليس لهم حق في خوض الانتخابات فيه، مثل الترشح لرئاسة الجمهورية، أو رئاسة الحكومة أو المشاركة في الوزارة، ومع ذلك يحصل هناك تزييف وتزوير في الانتخابات، فدائماً يتم إعلان عن فوز الأحزاب البوذية وهزيمة الأحزاب الإسلامية وبخاصة في المقاعد البرلمانية.

الحراك الدستوري.
المعارضة البورمية بزعامة "أونغ سان سوتشي" تطالب بتعديل بعض بنود الدستور وليس في تلك التعديلات أي مطالبة بمساواة الحقوق بين العرقيات وخاصة عرقية الروهنجيا، ولعل بورما تحتاج إلى وضع دستور جديد، يكفل حقوق كل العرقيات وكل أفراد الشعب، وإلغاء مواد وقوانين جائرة من الدستور الحالي، وعلى رأس تلك القوانين قانون المواطنة الذي أصدره الجيش عام 1982م، وبموجبه اعتبر الروهنجيا مهاجرين غير شرعيين.

الوضع الإنساني
الوضع الإنساني في داخل أراكان خطير جداً، فحكومة بورما تفرض حصاراً على الولاية منذ عشرات السنين، واشتد هذا الحصار بعد اندلاع أزمة عام 2012م، مع طرد المنظمات الإنسانية والإغاثية والطبية التي كانت موجودة هناك التي كانت تقدم بعض المساعدات للروهنجيا، إلا مساعدات قليلة تصل للمتضررين.
ولعل الأمر يعتبر أشد خطورة في مخيمات النازحين الداخليين، في كل من "أكياب" و"منغدو"، حيث لا ماء نظيف، ولا مكان لقضاء الحاجة، فضلاً عن وجود المستوصفات والمراكز الصحية أو المدارس والله المستعان. والأمر لا يختلف كثيراً في مخيمات اللاجئين في بعض الدول المجاورة، فهناك مئات الآلاف في بنجلاديش يعيشون في عشش وصنادق لا تقيهم من مياه الأمطار ولا من حرارة الشمس. وأنا أعتبر أن المنظمات الخيرية الانسانية وبخاصة الإسلامية مقصرة في حق الروهنجيا، ولم تقم حتى بجزء من واجبها تجاه هؤلاء البشر، سواء في داخل البلاد أو في مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة، إذ كان الواجب عليهم كبير، في ظل تعاطف الشعوب الإسلامية واستعدادها لتقديم المساعدة والدعم.

الخطوات العملية
وذكر "نور" أن الشعب الروهنجي لن يصمت طويلاً أمام هذه الاعتداءات اليومية والمتكررة، وأمام انتهاك الأعراض، وسلب للممتلكات، وتهجيرهم قسرياً من الديار والوطن، بل يجب عليهم أن يتحركوا ويقاوموا بما يستطيعون، وبإذن الله سيجدون دعماً لموقفهم من جميع الدول والشعوب في العالم، ويجب عليهم أن يتذكروا أن ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة.

المطلوب الآن
في بورما نحتاج إلى أمرين أساسيين: الأول: جمع كلمة مسلمي بورما جميعاً تحت مظلة واحدة وذلك بتأسيس جمعية مسلمي بورما، ويكون في هذه الجمعية ممثلون من كل عرقية مسلمة بمن فيهم الروهنجيا لإظهار الصوت الإسلامي الواحد في البلاد.

الثاني: إنشاء كيان تحالفي سياسي خاص بمسلمي الروهنجيا يجمع رؤساء العمل في مختلف المجالات ووفق شراكات تحالفية دون إقصاء ﻷحد.

ولابد على الدول الإسلامية الرائدة أن تسعى لتحقيق هذين الأمرين حتى يكون للتيار الإسلامي صوت في بورما، وللروهنجيا كلمة قوية في الساحة المحلية هناك.


المصدر: وكالة أنباء الروهنجيا
https://www.rna-press.com/