الأراكاني: هجمات عنصرية متواصلة ضد مسلمي ميانمار
02/07/2014

وكالة أنباء الروهنجيا - (بوابة الشرق): توجّه عطاالله نور الأراكاني، رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الروهنجيا بجزيل الشكر والتقدير إلى دولة قطر على الدعم الذي قدّمته وتُقدّمه لإغاثة مسلمي ميانمار، منوّهاً بالمساعدات التي قدّمتها مؤسسة عيد الخيرية، وقطر الخيرية والهلال الأحمر القطري، كما نوه بالمساعدات التي تقدمها تركيا. داعيا الدول الإسلامية أنْ يلتفتوا إلى هذه المأساة ويُقدّموا لهؤلاء المساعدات قبل حلول شهر رمضان".
وندّد الأراكاني بالممارسات "العنصرية والتعسّفية" التي ترتكب بحقّ مسلمي الروهينغا منذ سبعين عاما، والتي ازدادت خلال العامين الأخيرين، مُتسبّبةً بتشريد 300 ألف روهنغي ما بين نازحٍ ولاجئ، حاثاً المجتمع الدولي على ممارسة الضغط على حكومة ميانمار لِحلّ قضية الروهينغا، ومنظمة التعاون الإسلامي على رفع ملفاتٍ تُدين انتهاكات حقوق الإنسان التي تتعرض لها أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار إلى محكمة الجنايات الدولية، ومحكمة العدل الدولية.
واستنكر قيام رهبان بوذيين في ميانمار بالدعوة إلى مقاطعة شركة الاتصالات "ooredoo"، وعدم شراء بطاقات الـSIM الخاصة بها، ولا استقبال المكالمات الصادرة عن أرقامها، مُعتبراً هذا الأمر تصعيداً لا يتوافق ومبادئ الديمقراطيّة التي انفتح عليها البلد منذ سنة 2011، ويدلُّ على أنّ "هؤلاء الرهبان يُعادون كلّ من هو مسلم"، كما أضاف أنّ شركة "ooredoo" حصلت على الصفقة بطريقةٍ نظاميّة.
غلق المساجد
ولفت الاركاني إلى معاناة الشعب في ولاية أراكان وخاصّةً مع حلول شهر رمضان الفضيل، حيث تُغلقُ المساجد ويتمّ حرمانهم من أداء صلاة التراويح، وإقامة الموائد الروضانية، مُتسائلاً حول السبل المتاحة التي يُمكن من خلالها تعزيز الروح الإسلامية لهذا الشعب في شهر رمضان.
وأوضحَ عن الوضع الإنساني في ولاية أراكان: "هذه الولاية محاصرة منذ سبعين عاما وزاد حصارها واشتدّ في العامين الأخيرين. المسلمون هناك لم يستطيعوا الزراعة في موسم زراعة القمح بسبب الحملات والاعتداءات، ما يعني أنّهم ليست لديهم مدّخرات من القوت اليومي. كما أنّ هناك مقاطعة من التجار والمحلات التي تعود ملكيتها للبوذيين، فهم لا يبيعون للمسلمين إلا بالخفاء وبمبالغ باهظة. وهذه المقاطعة تدعو إليها حركة (696) والراهب البوذي (ويراثو). والمنظّمات الإغاثية والإنسانية الدولية لم تستطع أنْ تُغطّي الحاجة الموجودة مع مضايقات البوذيين ضدّها واعتداءاتهم عليها".
وقال: "في ولاية أراكان حظر تجوّل، وقانون الطوارئ مفروض من قبل ما يقرب من عامين، وتمّ تجديده، ما يعني أنّ حركة الناس مقيّدة، وهم لا يستطيعون التجمّع في المساجد وأداء صلاة التراويح للعام الثالث على التوالي، المساجد في ولاية أركان كلّها مغلقة، والناس يُصلّون في البيوت، وإذا علمت الحكومة بهذا التجمّع فهي تعتبره مخالفاً لقانون حظر التجوال والطوارئ. مسلمو الروهينغا محرومون من أداء صلاة التراويح في هذا الشهر الفضيل. كما أنّ ذلك القانون يمنع إقامة الموائد الرمضانية، وحتى حلقات تحفيظ القرآن قد أغلقت كلّها.. ما يعني أنّ الناس سيعيشون أوضاعاً مأساويةً في هذا الشهر ونتمنّى من الدول الإسلامية ـ حكومات وجمعيات ومنظّمات ـ أنْ يهبّوا لنجدة هذا الشعب".
معركة الهوية
وحول آخر التطوّرات فيما يتعلّق بالوضع الحالي في ميانمار، ومدى استجابة الحكومة لمطالبات منظمة التعاون الإسلامي والدول الإسلامية بفتح حوار مع مسلمي روهينغا، لفتَ الأراكاني إلى أنّ الساحة القومية في بلاده تشهد عِدّة ملفاتٍ هامّةٍ في الوقت الراهن، من ضمنها، انتهاء مدّة التعداد السكاني الذي بدأ قبل ما يُقارب الشهرين، موضحاً: "في هذا التعداد السكاني حصلت ممارسات شنيعة ضدّ الروهينغا، وهي محاولة الحكومة إجبار عرقية الروهينغا على الاعتراف بأنّهم مهاجرين غير شرعيين تحت مُسمّى (بنغاليين).. لكن بفضل صمود الشعب الروهنغي لم تستطع الحكومة تنفيذ هذه الخطّة".
كما أشار إلى الزيارة التي قام بها الوكيل العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى ميانمار، مُبيّناً أنّ هدف الزيارة هو الاطّلاع على أوضاع النازحين الروهينغيين الذين يقترب عددهم من 200 ألف شخص يعيشون في مخيّمات في مدينة أكياب (سيتوي)، ومدينة مُنغدو. وقال إنّ الكثير من الجهات الدولية وصفت هذه المخيّمات بأنّها "أسوأ ما تكون"، وأنّ مبعوث الأمم المتّحدة، توماس كوينتانا كان قد وصفها بأنّها "تُشبه السّجون، بل وأسوأ".
إسلاموفوبيا
وحول اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ونتائج المناقشات التي نظّمها والتي تضمّنت التطرّق إلى الأوضاع في الروهينغا، قال الأراكاني: "حكومة ميانمار، والشعب الميانماري لديهم (إسلاموفوبيا)، والرهبان البوذيون يُحرّضون الشعب على مقاطعة كلّ من هو مسلم، وكلّ ما يتعلّق بأي بلد إسلامي، سواءً كان بلداً صديقاً أو غير صديق، وسواءً كان له علاقات دبلوماسية وتجاريه أو غير ذلك"، وأضاف: "منظمة التعاون الإسلامي تُمثّل 57 دولة إسلامية، بذلت جهود كبيرة للتوصّل إلى اتفاق مع حكومة ميانمار، وعقدت معها اتّفاقاً قبل عامين لفتح مكتب لها في مدينة سيتوي عاصمة ولاية أراكان، وسرعان ما نقضت الحكومة هذه الاتفاقية بحجّة أنّ الشعب لا يُريد مكتباً لمنظّمة التعاون الإسلامي"، آملاً في أنْ تُترجم القرارت التي تمّ اتّخاذها خلال الاجتماع إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، بالقول: "نتمنّى من منظمة التعاون الإسلامي، ووزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظّمة، أنْ يبحثوا في الخطوات العملية.. كلُّ ما سبق لم يكن خطوات عملية كبيرة، ماعدا بعض الزيارات، منها زيارة الأمين العام السابق أكمل الدين إحسان أوغلو، ومجموعة من وزراء خارجية الدول الإسلامية. هناك المنظّمات الدولية، والقانون الدولي، والأمم المتحدة، ومجالس حقوق الإنسان.. هناك قوى دولية تستطيع أنْ تضغط على حكومة ميانمار، وميانمار لها علاقة مع تلك القوى؛ أولاً ميانمار عضوة في الأمم المتحدة، وعضوة في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وقد شهدت في السنتين الأخيرتين توثيقاً لعلاقاتها مع دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية".
وتابع: "لابدّ أن يكون للدول الإسلامية تواصل بشأن مسلمي الروهينغا؛ الدول العالمية تبني علاقاتها حسب مصالحها، والدول الإسلامية 57 دولة لها مصالح مع تلك الدول الغربية، فتستطيع أن تضغط على هذه الدول لاتخاذ خطوات واستخدام نفوذها وسياستها وقوّتها فيما يتعلّق بحكومة ميانمار".
واستطرد قائلاً: "مثال في هذا السياق: دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والدول الأوروبية عامةً، يبذلون الغالي والنفيس وكل ما يستطيعون من السبل الدبلوماسية والتجارية وكل ما يتعلّق بوسائل الضغط حتّى يُمكّنوا زعيمة المعارضة في بورما إلى الوصول إلى سدة الحكم في ميانمار.. مثل هذه الخطوات لابدّ للدول الإسلامية اتباعها مع القوى العالمية حتّى تمارس الضغط على حكومة بورما لحلّ قضية الروهينغا".
وحول ما إذا كانت زعيمة المعارضة لديها قابلية للحوار حتى مع الدول الإسلامية بخصوص حقوق مسلمي الروهينغا، أوضح الأراكاني: "القوى الغربية تضغط على حكومة ميانمار حتى تصل أونغ سان سوتشي إلى الحكم، لكنّ منظمة التعاون الإسلامي حاولت التواصل معها، ولكنها رفضت هذه المبادرة ورفضت حتى دعوة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إلى جدة".
إدانة الاضطهاد
وأشار إلى أنّ منظمة التعاون الإسلامي بإمكانها أنْ ترفع ملفات تُدين الاضطهاد الذي يتعرّض له هذا الشعب منذ سبعين عاما إلى عدد من الجهات مثل محكمة الجنايات الدولية، ومحكمة العدل الدولية، مُبيّناً: "حكومة ميانمار تدّعي أنّ هناك صراعات طائفية، ولكنّها لا تُريد أنْ تحمي هذا الشعب. ونحن نستطيع أنْ نُطالب عبر القوانين والأنظمة الدولية بإرسال قوات حفظ السلام لحفظ هذه العرقية كما حصل في أفريقيا الوسطى حينما وصلتْ القوات الفرنسية"، وتابعَ لافتاً إلى أوضاع اللاجئين الروهنغيين: "كما أنّ منظمة التعاون الإسلامي تستطيع أن توجد عدداً من الحلول فيما يتعلّق بعرقية الروهينجا الذين يُقيمون خارج بورما، فمثلاً هناك عددٌ من الدول الإسلامية التي يُقيم فيها الروهينغيون بصفة اللجوء، وأوضاعهم ليست جيدة، كبنغلادش وماليزيا وإندونيسيا. أيضاً الشعب الروهنغي بحاجة إلى بعض التسهيلات من قبل بعض الدول التي يعيش فيها.. هناك الكثير من الإشكاليات التي بإمكان منظمة التعاون الإسلامي حلّها".
أمّا عن دور مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والدور الذي يُمكن أنْ تقوم به الدول الإسلامية للتدخل من الناحية الإنسانية تجاه الأزمة التي خلقها التهجير، أشار الأراكاني إلى أنّ "النكبة الأخيرة ـ التي بدأت في الـ3 من يونيو، عام 2012، ومضى عليها عامان ـ خلّفت ما يقرب من 100 ألف لاجئ سواءً في بنغلادش أو تايلاند أو ماليزيا، إندونيسيا، سيريلانكا، الهند، النيبال.. كلّ هذه الدول وصل إليها اللاجئون الروهنجيون"، مُضيفاً: "منظمة التعاون الإسلامي بالتعاون مع المفوّضية السامية لشؤون اللاجئين تستطيع أن توفّر لهم مخيمات لجوء وعيادات للعلاج الطبي، ومدارس لتعليم أبنائهم، فهم يعيشون في بعض الدول في أوضاع مزرية"، مؤكّداً أنّ حلّ جميع هذه الملفات العالقة بيد منظمة التعاون الإسلامي.
13 قرية
وندّد بأعمال العنف المُرتكبة من قبل الحكومة البورمية، مؤكداً أنّ الأعداد التي تبرزها تقارير الحكومة البورمية والإعلام البورمي في هذا الشأن غير صحيحة، بقولِه: "في يوم واحد قد أُحرِقتْ 13 قريةً بالكامل، وأحرِق من كان داخلها أمّا من استطاع الفرار فقد تلقّفته العصابات البوذية بالقتل بالسيوف والخناجر والسواطير. ومنظمة العفو الدولية اكتشفت ثلاث مقابر جماعية في مدينة اسمها (موندو)، إذا كان تعداد كلّ مقبرة 60 أو 70 شخص فقد فاق هذا العدد الذي جاءت به التقارير".
وتساءل مُستنكراً: "أزمة استمرّة مدّة عامين، وهناك ما يقرب 200 ألف نازح، و100 ألف لاجئ.. هل يُعقل أنْ يكون هناك 200 قتيل فقط؟".
وأشار إلى أنّ "عدد الروهينغا في داخل بورما كان قبل خمسين سنة يزيد عن 4 ملايين شخص؛ أمّا الآن فعددهم مليون و300 ألف شخص داخل بورما بحسب بعض التقارير، ويقرب من 3 ملايين خارجها"، وأضاف: "خلال خمسين عام، أُقيمتْ 28 مذبحة وعملية تهجير قُتل فيها مئات الآلاف، بالتالي، فإنّ ولاية أراكان كان 80 % منها روهينغا و20 % بوذيين قبل خمسين سنة، الآن تغيّرت الديمقراطية وأصبح البوذيين يُمثّلون أكثر من 90 % والروهينغا حول 10 %".
وحول مدى نجاح الحكومة البورمية خلال العامين الماضيين في إكساب المسلمين الهوية الميانمارية وطمس هويّتهم الإسلامية، أوضح عطا الله نور الأراكاني، رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الروهنجيا: "لو نظرنا إلى صلب الصراع والاعتداءات الحاصلة ضدّ الروهينغا، نجد أنّه من أبرز الأسباب هو السبب الطائفي. ميانمار دولة بوذية، بل تُعتبر في العصر الحديث قبلة البوذية حيث تضمّ أكبر تماثيل بوذا وأكبر المعابد البوذية في العالم، والدول التي تدين بهذه الديانة يحجّ شعوبها البوذيون ويزورون ميانمار عدة مرات في العام، والرهبان البوذيين لديهم تشدّد عجيب وينبذون كل من هو مسلم".
فكر شيوعي
وأكّد عطاالله الاركاني أنّ الحكومة الميانمارية في ثقافتها وكل تخطيطها تعملُ بالفكر العسكري الشيوعي، وإن كانت قد تغيّرت شكلياً، قائلاً: "إنّها تحاول قدر المستطاع أنْ تُظهر للعالم أنّها ديمقراطية، لكنّها حقيقةً تُمارس نفس الأساليب، لذلك هي الآن في صراع مع 13 عرقيّة في 16 إقليم، بعضه صراع مسلّح، هؤلاء يُريدون أحكام ذاتية ومدنية وديمقراطية حقيقية، ولكنّ الجيش له سطوته وسلطته"، مُضيفاً: "حتى أنّ ـ وهذه معلومة مؤكّدة ـ تعداد الرهبان البوذيين في داخل بورما 500 ألف راهب، منهم 300 ألف من أتباع الجيش البورمي".
وحول مقاومة الشعب الروهينغي للظلم الواقع عليه، أوضح الأراكاني: "مسلمو الروهينغا داخل بورما، أو داخل ولاية أراكان تُمارس ضدّهم منذ سبعين سنة ممارسات عنصرية وتعسّفية، منها حصرٌ شهري وأسبوعي لعدد السكان وعدد المواشي، وفرضوا على من يُريد الانتقال من قرية إلى قرية أنْ يأتي بتصريح من العمدة وأنْ يُسجّل اسمه ومدة وغرض الزيارة والمكان الذي سيمكث فيه في القرية الثانية. كما كان هناك تفتيش أسبوعي وشهري على المنازل، وكانوا يُفتّشون حتّى المطابخ للتأكّد من أنّ المنازل لا تحتوي على سكاكين وخناجر وسيوف أكثر مما تحتاجه أية أسرة، كما زرعوا العيون والجواسيس التي تُبقي الحكومة على اطّلاع.. كل هذه الممارسات جعلت الشعب في داخل بورما لا يستطيع أنْ يفعل شيئاً".
بينما أضاف: "لكن في الجانب الآخر، هناك حراك سياسي وحقوقي وإعلامي خارج بورما من الروهنجيين الذين يعيشون في بلاد المهجر. لدينا الآن منظّمات سياسية رسمية مسجّلة في كثير من دول العالم؛ في أمريكا وبعض دول أوروبا وآسيا ودول الخليج، وأيضاً لدينا منظّمات حقوقية وعدد من الوسائل الإعلامية التي تفضح جرائم حكومة بورما ضدّ شعبنا في أراكان".
إبادة عرقية
ونوّه إلى أنّ هذا الحراك السياسي والحقوقي والإعلامي هدفه أنْ يُثبت للعالم أنّ حكومة بورما حكومة ديكتاتورية تُمارس الإبادة والاضطهاد ضدّ أهل الروهينغا، وهدفه أنْ يتمكّن الشعب من استعادة حقوقه التي انتُزعت منه على مدى 70 عاما، والتوصّل إلى حلّ سلمي للأزمة، وأنْ تُصبح عرقية الروهينغا عرقية معترف بها داخل البلاد مثل باقي العرقيات، لها ما لهم من الحقوق وعليها ما عليهم من الواجبات، وأضاف: "ونريد أنْ نعيش في وطننا في أمنٍ وأمان، وأنْ يتعلّم أبناؤنا في المدارس، ويتوظّف شبابنا في الوظائف الحكومية بما فيها الشرطة والجيش وغيرها، وأنْ يترشّح من لديه القدرة لترشيح نفسه في الانتخابات البلدية والبرلمان المحلي أو العام في بورما.. نحن نريد أنْ نستردّ حقوقنا مثل غيرنا من العرقيات الباقية".


المصدر: وكالة أنباء الروهنجيا
https://www.rna-press.com/